ست وسبعون عاما مساحة عمرية تضيق بما لديك من شاعرية نابغة لاتحيط بالتعبير عنها الكلمات المتداولة في مثل هذا الموقف الجلل فلقد جئت أيها ا&O5271;بنودي إلى عالمنا من أعماق التاريخ ومن الصعيد المصري الواعد بالعبقريات دائما ، عاصرت أفذاذا من بني جيلك وممن سبقوهم فكنت بينهم علامة ،وكنت لهم دليلا ،عاصرت من شعراء العامية المصرية من ارتقوا بالكلمة إلى أعلى مستوياتهاوقدراتها في التعبير عن هموم الإنسان المصري بخاصة والعربي بعامة ؛ عاصرت صلاح جاهين ، ونجيب سرور، وأحمد فؤاد نجم،
 
وقبل ذلك تماهيت مع مدرسة الشعر الشعبي الغنائي التي يمثلها سيد درويش فكنت كل هؤلاء جميعا ، وكنت كل من جاء بعدك وبعدهم ، لم تصادر عليهم ،ولكنك وطأت لهم ، ولتسمح لنا أيها ا&O5271;بنودي المترجل عن صهوة الكلم الشعري أن نخصك بذكر ما تفردت به وهو استحضارك ما كان مهملا من التراث الملحمي في ا&O5271;دب العربي (تغريبة بني هلال)التي ترقي في تصويرها ا&O5271;حداث وما ينعكس عنها من مواجع وانتصارات ومواجهات وآلام وذكر ل&O5271;ماكن والمواقع وتأريخ لذلك في شعر يحاكي البيئة الملونة بثقافات وأحوال الشعوب القاطنة في مسالك ومعارج الرحلة الهلالية ذات الثراء ا&O5271;دبي المهمل إلامن سرديات متناثرة متحولة من ذاكرة إلى أخرى يتسلى بها السامرون في ليالي الشتاء و ا&O5271;عراس ومواسم الحصاد فجئت أنت لتلتقط اللحظة وتنصرف إليها باذلا لها الفكر والذائقة والمتابعة ا&O5271;مينة وماتوفر لديك من مال قليل لتتتبع مسارهابلاكلل ولاملل حتى تقاسمت معك ا&O5271;يام إلى منتصفها من عمرك الفاني حتى استوت عملا أدبيا رفيعا ولونا مفتقدا من تاريخنا ا&O5271;دبي وهو أدب الملاحم الذي ظل حكرا على آداب ا&O5271;مم ا&O5271;خرى ،
 
أما أدب الشعر الغنائي فكنت فارسه تصول في ميدانه وتجول من دون منازل متكافئ حتى اكتسبت الحناجر جمال الصوت من سحر جماله ولطف خياله ولكم تألق المنشدون بشعرك ولكم رقت المشاعر وشفت الخواطربرقة نظمك حتى بات قول أبي الطيب المتنبي كانه منحوت لك: فدع كل صوت غير صوتي فإنني أنا الصادح المحكي وا&O5269;خرالصدى وما الدهرإلا من رواة قصائدي إذا قلت شعرا أصبح الدهرمنشدا وأخيرا لاننسى أن نذكر لك وطنيتك التي علت بك فوق مطالب الذات وأسر ا&O5271;نا ، في رثائك القائد جمال عبد الناصر حينما اقتطفه القدرفي أحلك الظروف وأكثر لحظات ا&O5271;مة حرجا ، ذاكرا للرجل فضله مادحا إنجازاته بلا جحودأوحقدبسبب أيام أمضيتها في سجونه .فلك ايها الشاعر الفذ والعبقري الخلاق والضمير المؤتمن والمبدع المتفرد بلونك نقف بإجلال في يوم رحيلك الجلل ونقول :إن غيب الموت جسدك المتعب ؛ ففكرك وأدبك باقيان ،وشعرك عنوان هامتك السامقة