تعيش أسواق النفط العالمية في مرحلة استقرار نسبي خلال الأشهر القليلة الماضية وهو الأمر الذي ساهم في مواصلة الاتجاه التصاعدي للأسعار لتصل إلى مستويات أكثر من جيدة في مقدمتها سعر برميل النفط الكويتي الذي استقر بشكل كبير عند مستوى الـ 76 دولارا خلال الأسابيع الماضية وهو ما يعني ان هناك أكثر من 35 دولارا كفرق بين سعر برميل النفط المقدر في الميزانية الفعلية للسنة المالية الحالية وسعر البيع الفعلي في الأسواق العالمية وهو الأمر الذي دفع بالكثيرين من الاقتصاديين للتطلع إلى مستقبل أفضل للاقتصاد الوطني.
ولاشك أن هناك مجموعة من العوامل التي ساهمت في هذا الاستقرار التي يأتي في مقدمتها الثبات الكبير في إمدادات النفط للأسواق العالمية وتحديدا من قبل الدول الأعضاء في منظمة أوپيك هذا إلى جانب تراجع حدة التوتر السياسي على مستوي العالم وهو ما دعم من مستوى الأسعار.
هذا وقد أثبتت عدة مؤشرات خلال المرحلة الماضية أن أسعار النفط العالمية ستحتفظ خلال الفترة القليلة المقبلة بتوازنها في الأسواق العالمية لكنها ستبقى رهينة لتقلبات سعر صرف الدولار المتذبذب والوضع السياسي في منطقة الخليج والأنباء المتعلقة بحالة الاقتصاد العالمي ومدى قدرته على النمو.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، واصلت أسعار النفط العالمية ارتفاعها حتى لامست مستوى 80 دولارا للبرميل حيث بلغ سعر الخام الأميركي حاجز الـ 79 دولارا بالتزامن مع انخفاض سعر الدولار إلى أدنى مستوى له منذ 18 شهرا أمام الذهب لتباع أونصة الذهب بـ 1153.40 دولارا فيما واصل الذهب ارتفاعه ليسجل رقما قياسيا مسجلا 1170.45 دولارا للأوقية مرتفعا نحو 2%.
في حين اظهر مسح لـ «رويترز» أن دول الخليج العربية ستنعم بمعدلات نمو قوية في 2010 بفضل ارتفاع أسعار النفط وان التضخم قد يرتفع قليلا مجددا بسبب انخفاض أسعار الفائدة وضعف الدولار. وتوقع أن تحقق الكويت نموا بنسبة 2.7%.
ولاشك أن حالة الاستقرار في أسعار النفط الحالية بل والصعود المستمر منذ 8 أشهر تقريبا تشير إلى احتمالات مواصلة الاتجاه الصعودي للأسعار لتلامس حاجز الـ 90 دولارا على اقل تقدير مع نهاية 2009 بالتزامن مع استمرار حصص إنتاج منظمة أوپيك دون تغيير مع احتمالات تدخل المنظمة ورفع حصص الإنتاج في حال تخطت الأسعار حاجز الـ 100 دولارا.
هذا وقد شهد إجمالي المخزون التجاري النفطي في الدول الصناعية خلال شهر أغسطس الماضي حسب نشرة منظمة اوابك ارتفاعا عن مستويات الشهر السابق بمقدار 4 ملايين برميل حيث وصل إلى 2783 مليون برميل، وهو مستوى مرتفع بحوالي 110 ملايين برميل مقارنة بالشهر المماثل من العام الماضي، حيث انخفض إجمالي المخزون التجاري من النفط الخام في الدول الصناعية خلال شهر أغسطس بمقدار 12 مليون برميل ليصل 1004 ملايين برميل بينما بلغ إجمالي مخزونها التجاري من المنتجات 1779 مليون برميل، مرتفعا بمقدار 16 مليون برميل عن مستويات الشهر السابق.
وقد بلغ إجمالي المخزون العالمي في نهاية شهر أغسطس الماضي إلى 7028 مليون برميل مسجلا بذلك ارتفاعا بنحو 8 ملايين برميل مقارنة بالشهر السابق، وارتفاعا بمقدار 219 مليون برميل مقارنة بالشهر المماثل من العام الماضي كما ارتفع المخزون القابل للتصرف بنحو 6 ملايين برميل مقارنة بالشهر السابق ليصل مستواه إلى 1435 مليون برميل، وهو مستوى كاف لتغطية 19.7 يوما من الاستهلاك.
انعكاس ارتفاع أسعار النفط
ولاشك أن الارتفاع المتواصل لأسعار النفط خلال الفترة الماضية قد ألقى بظلاله على العديد من النقاط المهمة في مقدمتها زيادة معدلات الإنفاق العام للدولة وهو ما اتضح من خلال الخطة الخمسية التي كشف عنها نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون التنمية ووزير الدولة لشؤون الإسكان الشيخ احمد الفهد والرامية إلى سعى الحكومة لتنفيذ مشروعات تنموية تصل تكلفتها إلى 2.5 مليار دينار.
ومن هذه المشروعات جسر جابر ومستشفى جابر الذي تم توقيعه أخيرا والمراسي الثلاثة لميناء بوبيان و3 مدن تبلغ كلفتها بين 500 و600 مليون دينار إضافة إلى 3 مشروعات عملاقة سيبلغ الإنفاق الرأسمالي لها نحو ملياري دينار مما سيشكل دفعة ايجابية.
وأخيرا فان الكثير من القطاعات الاقتصادية تعول على زيادة معدل الإنفاق العام خلال السنوات القليلة المقبلة على انتشال السوق المحلي من حالة شح السيولة وأيضا في انتشال الاقتصاد من غياب المحفزات اللازمة له والذي لطالما اشتكى منه قطاع الأعمال المحلي وهو الأمر الذي يعني وجود تدفقات نقدية منتظرة لعدد كبير من الشركات التي ستقوم بتنفيذ هذه المشاريع وبالتالي في زيادة معدلات السيولة محليا خلال 2010 و2011 على اقل تقدير.
وبالتوازي مع خطط ومشاريع التنمية السابق ذكرها لابد وان تكون هناك تحركات مستقبلية من قبل الحكومة لتعود عجلة مشاريع النفط المتوقفة منذ فترة إلى الدوران من جديد لاسيما وان القطاع النفطي يعيش هذه الأيام مرحلة صعبة للغاية بعد أن توقفت تنفيذ العديد من المشاريع النفطية المهمة وهو ما أضفى جوا من الجمود على إمكانية تطوير هذا القطاع الحيوي الذي يشكل أكثر من 90% من الدخل القومي.
فقد تعرض قطاعا الإنتاج والتكرير للجمود، فعلى مستوى قطاع الإنتاج توقف مشروع تطوير حقول الشمال منذ فترة طويلة بعد رفض مجلس الأمة مشروع القانون المقترح بذلك وهو ما ساهم في ثبات معدل الإنتاج النفطي الكويتي عند مستوى 2.5 مليون برميل يوميا أما على مستوى قطاع التكرير فقد توقف خطط تطوير هذا القطاع فمشروع إنشاء المصفاة الجديدة أو ما يطلق عليها المصفاة الرابعة توقفت أضف إلى ذلك المصير المجهول الذي ينتظره مشروع «الوقود النظيف» الخاص بتطوير مصفاتي ميناءي عبدالله والأحمدي وهو المشروع الذي كان سيتكامل مع مشروع المصفاة الجديدة بالتزامن مع إغلاق مصفاة الشعيبة القديمة للوصول بالطاقة التكريرية إلى مليون برميل يوميا من خلال منتجات تكريرية عالية الجودة وذات المواصفات البيئة العالمية.