قال وزير البترول والثروة المعدنية السعودى المهندس على بن إبراهيم النعيمى، إن انخفاض توقعات زيارة الطلب على البترول إلى 700 ألف برميل يوميا، جاء نتيجة لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، فى وقت يزداد فيه إنتاج البترول من عدة مصادر، مثل الزيت الصخري، والزيت الرملي، والمياه العميقة جدا (ما بعد طبقة الملح البحرية)، وأغلبها مناطق ذات تكلفة عالية ، مؤكدا أن الأسعار المرتفعة خلال السنوات الثلاث الماضية، والتطورات التكنولوجية، أسهمت فى توسع إنتاجها.
وأضاف الوزير، فى كلمته خلال مشاركته على رأس وفد المملكة فى مؤتمر الطاقة العربى العاشر المنعقد فى أبو ظبى بثتها وكالة الأنباء السعودية إلى أنه نتيجة لهذه العوامل، انخفضت أسعار البترول بشكل حاد، ومتسارع، وسعت المملكة العربية السعودية ودول الأوبك، إلى إعادة التوازن للسوق، إلا أن عدم تعاون الدول المنتجة الرئيسة خارج الأوبك، مع انتشار المعلومات المضلله، وجشع المضاربين، أسهم فى استمرار انخفاض الأسعار.
وتوقع أن لا تستمر المناطق ذات التكلفة العالية، فى زيادة الإنتاج، وأن المنتجين خارج الأوبك سيدركون أن فى صالحهم التعاون لضمان أسعار عادلة للجميع، والأسعار الحالية غير محفزة على المدى البعيد للاستثمار فى مجال الطاقة بمختلف أنواعها.
وقال إنه انتشر فى الآونة الأخيرة، تحليلات ومقالات عن مؤامرة من قبل المملكة العربية السعودية، لأهداف سياسية، باستخدام البترول وأسعاره ضد هذه الدولة أو تلك، أو ضد هذا النوع من الزيت أو ذاك، موضحا أن الحديث عن مؤامرات مزعومة من قبل المملكة، هو قول لا أساس له من الصحة إطلاقا، ويدل على سوء فهم، أو مقاصد مغرضة، أو تخيلات مشوشة فى عقول قائليها. وأكد أن سياسة المملكة العربية السعودية مبنيّة على أسس اقتصادية بحتة، لا أقل من ذلك، ولا أكثر".
وتناول المهندس النعيمى أوضاع الطاقة فى الدول العربية، قائلا إن الطاقة وإمداداتها تعد المحرك الرئيس للاقتصاد، فجميع شعوب العالم فى حاجة للطاقة للحفاظ على نمو اقتصاداتها وعلى رخاء شعوبهـا، وفى هذه المعادلة، فإن لدولنا العربية أهمية عالمية كبرى، نظرا لما تمتلكه من احتياطيات البترول والغاز، وتشكل احتياطياتها من البترول (56%)، ومن الغاز الطبيعى (28%) من إجمالى الاحتياطى العالمي، مع احتمالات عاليه جدا بوجود احتياطيات من البترول والغاز لم تكتشف، وهذا يعنى أن هذه المنطقة ستظل تحظى بأهمية خاصة فى صناعة وتجارة البترول والغاز العالمية، ولعدة عقود قادمة".
وأكد انه على المستوى الدولى فان على الدول العربية المنتجة والمصدره للبترول الاستمرار فى دورها الإيجابى نحو استقرار السوق، وتعزيز التعاون الدولى فى هذا الشأن، مشيرا إلى ان الوقود الأحفوري، من أهم مصادره البترول، سيستمر فى القيام بدور رئيس كمصدر للطاقة، ولعدة عقود قادمة ، ومن جانب آخر، ومن منطلقات بيئية فإن علينا أن نعمل لجعل البترول صديقا للبيئة من خلال التقنيات المتقدمة، وعلينا أن يكون حضورنا ومشاركتنا الدولية قوية، وأن نستمر فى تنسيق المواقف فيما بيننا بشكل إيجابى وعلمى فى القضايا التى تهم البترول والبيئة. وأضاف انه على المستوى الإقليمي، فان الدول العربية تواجه تحديات وقضايا متشابهة فى الصناعة والسياسة البترولية، وفى مجالات الطاقة بشكل عام، وهذا يعنى ضرورة تعاونها. وأكد ضرورة السعى إلى تشجيع وتسهيل المشاريع والاستثمارات المشتركة التى يقوم بها القطاع الخاص، وتطوير التعاون فى التعليم الفنى والدراسات والأبحاث فى صناعة الطاقة وتبادل الخبرات فى هذا المجال، لافتا إلى اهمية العنصر البشرى المتعلم والمتدرب والذى هو من أهم ما نملك.
وقال انه على المستوى المحلى فيعد القطاع البترولى محورا رئيسا فى الاقتصاد الوطنى لما يزيد عن ثمانين عاما، ولا يزال يشكل الحصة الكبرى من الناتج المحلى الإجمالي، ومن صادرات المملكة، ومن الإيرادات الحكومية. وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية استطاعت المحافظة على مركزها الريادى فى الصناعة البترولية كأكبر مصدر للبترول فى العالم، وباحتياطيات تصل إلى نحو (265) مليار برميل من إجمالى الاحتياطيات العالمية، كما طورت قدرتها الإنتاجية والتصديرية، واستمرت فى تطوير احتياطياتها من الغاز الطبيعى لتصل إلى نحو (300) تريليون قدم مكعب. أما فى جانب التكرير، فسترتفع الطاقة التكريرية لدى المملكة، بشكل تدريجي، من مليونين ومائة ألف برميل يوميا عام 2014، إلى ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف برميل فى عام 2017، ويساوى هذا فى الأهمية أن مصافى التكرير الجديدة ذات تقنية عالية، قادرة على معالجة أنواع الزيت الثقيل، ومرتبطة بتصنيع منتجات بتروكيماوية نهائية.
وقال إنه على سبيل المثال، فهناك مصفاة رابغ الواقعة على البحر الأحمر، مجمعان صناعيان متطوران لإنتاج عشرات المواد البتروكيماوية المتوسطة والنهائية، مع وجود فرص كبيرة للقطاع الخاص السعودى والعربى والأجنبي، للمشاركة فى هذه الصناعات التحويلية المتعددة، كما أن لدى المملكة مشاريع خارجية مشتركة لتكرير البترول وتوزيع المنتجات فى كل من الولايات المتحدة، والصين، وكوريا، واليابان ".
وأعرب فى ختام كلمته عن تفاؤله بمستقبل المنطقة، لما تزخر به من موارد طبيعية وبشرية متعلمة ومدربة علميا وتقنيا، مؤكدا أن السـوق البترولية ستتعافى مـن جديد، مع تحسـن الاقتصاد العالمي، وتحسن الأسعار، مشيرا إلى أن التطورات التى حدثت خلال الأشهر الأربعة الماضية، من حيث انخفاض أسعار البترول، لن تؤثر بشكل ملحوظ وكبير، على اقتصاد المملكة، واقتصادات غالبية الدول العربية.