طرح الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق ورقة بحثية خلال اليوم الثانى لمؤتمر "رؤى غير حزبية للحكومة المصرية"، مساهمة من الباحثين المصريين فى دفع عجلة التنمية الشاملة بمصر"، ونظمه مركز شركاء التنمية بأحد فنادق القاهرة وتضمن تحليلا للموقف الثقافى المصرى. تضمنت الورقة العناصر الأساسية للسياسة الثقافية وتنقسم إلى ستة محاور هى نشأة المؤسسات الثقافية الحديثة وتطورها فى مصر: ويتضمن هذا المحور استعراضًا موجزًا لتطور المؤسسات الثقافية الحديثة فى مصر منذ عصر محمد على باشا إلى يومنا هذا. البنية التشريعية: ويستعرض هذا المحور أهم التشريعات الحاكمةللعمل الثقافى، ويضم مجموعة من القوانين واللوائح والقرارات الجمهورية والوزارية، وهذه المجموعة من التشريعات صدرت على مدى قرنين، وأدخلت عليها تعديلات متعددة وكثير منها يحتاج إلى المراجعة الآن. السياسات الثقافية فى مصر فى المرحلة السابقة: ويشمل رصدا سريعا لمشروعات السياسات الثقافية فى مصر الحديثة. السياسة الثقافية الجديدة: ويعد هذا المحور صلب الورقة المقدمة، والفكرة التى يستند إليها أن الوظيفة الأساسية للدولة فى مجال الثقافة فى النظم الديمقراطية تتلخص فى ثلاثة أهداف أساسية، الأول: حماية التراث الثقافى المادى واللامادى بما فيه من آثار ومخطوطات ووثائق وموروث ثقافى شعبى تراكم عبر الزمن، بالإضافة إلى التراث الفنى الحديث بتنويعاته المختلفة، وتشمل وسائل الحماية إقامة مؤسسة لجمع هذا التراث وحفظه، كما تشمل أعمال الصيانة والترميم، والتشريعات القانونية، والثانى: حماية حقوق الملكية الفكرية للمبدعين، وتشجيع الصناعات الثقافية والإنتاج الثقافى، والثالث: توفير الخدمات الثقافية للمواطنين. وقال أبو غازى إنه لابد من أن نطرح سياسة ثقافية جديدة تعتمد هذه الأهداف الثلاثة وتستبعد فكرة التوجيه واستخدام المؤسسات الثقافية المملوكة للدولة فى الترويج لسياسات بعينها واستبعاد سياسات أخرى، مضيفا أنه ينبغى للسياسة الثقافية الجديدة أن تحافظ على وجود دور للدولة فى العمل الثقافى دون أن يكون هذا الدور موجهًا أو مُسيطرًا، بل يكون داعمًا للنشاط الثقافى الأهلى والمستقل، ومشجعًا للصناعات الثقافية، وحاميًا للتراث الثقافى، وساعيًا إلى الوصول بالخدمات الثقافية للمواطنين؛ وفى هذا الإطار تتم إعادة هيكلة مؤسسات الدولة العاملة فى مجال الثقافة بما يلائم تحقيق السياسة الثقافية الجديدة، ويُعاد النظر فى التشريعات الثقافية بما يتماشى مع هذه السياسة. كما تطرق أبو غازى إلى آليات تنفيذ السياسة الثقافية، وتتلخص الآليات التنفيذية للسياسة الثقافية المقترحة فى عشرة عناصر، هى تحقيق ديمقراطية الثقافة، والتكامل بين مؤسسات الدولة العاملة فى مجال الثقافة، والتفاعل بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الخاصة والجماعات الثقافية المستقلة، وتعظيم دور مصر الدولى والإقليمى من خلال سياسة ثقافية خارجية جديدة، ودعم الصناعات الثقافية الحديثة، وتنمية الصناعات التراثية والحرف التقليدية، والمساهمة فى توفير الأدوات اللازمة لتحقيق القدرة على إنتاج المعرفة، وتعديل التشريعات الثقافية، وتنمية قدرات العاملين فى المؤسسات الثقافية وإعادة الهيكلة. كما تطرق وزير الثقافة الأسبق للعقبات التى تواجه الثقافة مشيدا بدستور 2014 لإعطائه مساحة كبيرة للثقافة لأول مرة فى دستور مصرى. وانتقد أبو غازى آلية العمل بالوزارة الحالية، مطالبا بهيكلة شاملة لها، والاهتمام بصناعة الثقافة سواء الكتب أو السينما أو الموسيقى والفنون، رافضًا سيطرة الدولة أو تحكمها فى العروض، والرقابة على الفن، معتبرا أن المجتمع لا يحتاج إلى وصى، وأن الفن ينقل فى الواقع ما يدور بالمجتمع. وطالب أبو غازى بعدم ملاحقة المبدعين ومقاضاتهم، منتقدًا مركزية القاهرة، وحرمان المبدعين فى المحافظات الأخرى، مطالبًا بتفكيك المركزية، ودعم المبدعين. من جانبه، أوضح الدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة أن الثقافة متأثرة بما يدور فى مصر من أوضاع سياسية واقتصادية، مشيرا إلى أن نصيب الفرد لا يتعدى 39 قرشًا من ميزانية الدولة الموجهة للثقافة.