اعتمدت المؤشرات الاقتصادية المهمة التي رصدها تقرير منظمة العمل الدولية والمعد من قبل الدكتورة هبة نصار نائب رئيس جامعة القاهرة حول تشغيل الشباب والبطالة في مصر.
علي ان معدل نمو قوة العمل في مصر أعلي من معدل نمو السكان بمعدل نمو يتراوح في المتوسط بين3% و3.5% سنويا.
بينما تشير معظم الدراسات الي ان التشغيل في مصر يجب أن يزيد بنسبة أكبر من4% سنويا لكي يستوعب التوسع في زيادة عدد السكان في سن العمل وأن قوة العمل في مصر في تزايد مستمر وبمعدل مرتفع نسبيا عن المعدلات المماثلة عالميا في حين ان هذا النمو لم يناظره نمو اقتصادي كبير مثلما حدث في شرق آسيا في السبعينيات.
ولم يظهر أي تأثير ايجابي علي الاقتصاد القومي برغم زيادة عدد الداخلين الجدد لسوق العمل لعدم اقتران ذلك بتنمية الموارد البشرية وتطبيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية المناسبة.
اتجاهات سوق العمل
وتشير التقديرات إلي ان مصر تشهد معدلات خصوبة متناقصة بشكل بطئ وانخفاضات متسارعة في معدلات الوفيات مما يفضي الي زيادة شريحة السكان الذين تقل أعمارهم عن الخامسة عشرة وسوف يدخل هؤلاء الأطفال سوق العمل في النهاية. ومن المتوقع زيادة هذه الشريحة أو الفئة كما رصدت تقارير الأمم المتحدة للسكان لتصل الي68% في عام2025 خاصة مع مضاعفة عدد النساء في سن الخصوبة( من15 إلي42 عاما) خلال السنوات الثلاثين القادمة. ويعني ذلك المزيد من الضغط علي أسواق العمل لتوفير فرص العمل في الوقت الذي تعتبر فيه سوق العمل في مصر غير قادرة حاليا علي استيعاب الداخلين الجدد.
التخلف عن الركب
وتكشف المؤشرات الاقتصادية عن تخلف مصر عن ركب البلدان النامية الصاعدة من حيث تكوين رأس المال البشري فأنظمة التعليم والتدريب في مصر لا توفر المهارات المطلوبة في سوق العمل وهناك فائض في تخصصات عديدة بين خريجي الجامعات, بينما لايزال هناك قصور في المهارات التقنية بين الغالبية منهم, في الوقت الذي يعتبر فيه الوضع في مصر أسوأ نسبيا من دول شرق أوسطية عديدة بالنسبة لمعدلات الأمية. وتشير د. هبه نصار الي تناقص نسبة الالتحاق بالفروع العلمية في التعليم العالي, كما يلاحظ ان نسبة البطالة بين الفتيات أعلي من الفتيان فغالبا ما تكون الشابات غير قادرات علي الاستفادة من فرص التدريب بسبب مايوضع من عراقيل اجتماعية أو مؤسسية للحصول عليها والتحيز للنوع, ومازالت الفتيات في مصر يحجمن عن خوض بعض فروع التعليم والمهن التي يسيطر عليها الذكور بصورة تقليدية.
قوة العمل في القطاعات الانتاجية
يواجه الشباب في مصر تحديات عديدة من بينها انخفاض معدلات استيعاب العمالة في القطاعات الانتاجية, وقد أدت سياسات اقتصادية عديدة الي انخفاض معدلات استيعاب القطاع الزراعي للعمالة من52.8% خلال الفترة(1960/1959 ـ1966/65) الي27% في الفترة من2008/96,.
كما أن معدلات استيعاب القطاع الصناعي للعمالة لايتجاوز نسبة14% ومع التكيف الهيكلي انخفضت ايضا معدلات استيعاب العمالة في الحكومة والقطاع العام حيث كان معدل الاستيعاب بالسالب(-5%) خلال الفترة من2008/1995. كما تشير الاحصاءات الي ان معدل استيعاب العمالة في القطاع الخاص الرسمي محدود للغاية بل سلبيا ونتيجة لمعدلات الاستيعاب المحدودة في القطاع المنظم أدي الأمر الي ظهور زيادة هائلة في التشغيل في القطاع غير الرسمي الذي تقدر طاقته الاستيعابية بنحو80% من الداخلين لسوق العمل. في حين يتسم هذا القطاع بمستويات انتاجية والأجور المنخفضة عن القطاع المنظم ولا يتمتع العاملون في القطاع غير المنظم بحماية قانونية أو تأمين اجتماعي أو حماية ضد اصابات وأمراض العمل وقد يعمل العاملون بدون أجر في الاعمال المنزلية أو بأجر ولكن بدون اتفاقات تعاقدية.
اعادة توجيه الشباب
ويجب ملاحظة, كما تقول د. هبة نصار أهمية مواءمة الطلب مع العرض في سوق العمل المصري من خلال عدة آليات فاعلة كالاستشارة الوظيفية لاعادة التوجيه للشباب سواء في النظام التعليمي بالنصح والارشاد لزيادة المعرفة علي فرص العمل والمهارات الجديدة المطلوبة أو من خلال خدمات التشغيل العامة في سوق العمل, وضرورة الاهتمام برفع مستوي التشغيل في القطاع غير المنظم وتوفير المعلومات بشفافية وسلاسة عن احتياجات جميع القطاعات من المهارات ومدي الاستجابة للتغيرات المحلية والدولية في أسواق العمل لما تقوم به من دور مهم في توظيف الشباب وتشجيعهم لاحتراف المهن التكنولوجية والطلب علي التعليم الفني القائم علي معارف الاقتصادات الجديدة.