أكد خبراء الإسكان والتخطيط العمراني، أن العوائد المتاحة من التصالح فى مخالفات البناء تطبيقا لقانون التصالح المؤقت الذى صدر أخيرا، ستصل لأكثر من 200 مليار جنيه خلال ستة أشهر، مطالبين بالتصالح فى هذه المخالفات ولكن فى أضيق الحدود بما لا يضر الأرواح والمصلحة العامة خاصة أن القانون يؤكد عدم التصالح فى مخالفات البناء على الأراضى الزراعية وفى مخالفات تجاوز خط التنظيم فى الارتفاعات.
وقال الدكتور أسامة العبد رئيس جهاز التفتيش الفنى على سلامة الابنية بوزارة الاسكان، إن إجمالى قيمة المخالفات المنتظر تحصيلها من 6.5 مليون شقة مخالفة لقوانين البناء على مستوى الجمهورية وفقا لاحصائيات الجهاز، يبلغ نحو 200 مليار جنيه على الأقل، حيث سيتم التصالح من خلال دفع صاحب العقار لنحو 200% من قيمة تكلفة متر البناء للشقة الواحدة.
وأشار إلى أنه سيتم تشكيل لجان فنية من كبار المتخصصين خارج أجهزة المحليات ووزارة الاسكان لتقييم وفحص أوضاع العقارات المخالفة ووضع بيان عن الشقق التى يجب إزالتها فورا لتهديدها سلامة العقار والأخرى التى لا تحتاج لإزالة ويمكن التصالح مع مالكها.
وأوضح أن هناك 380 ألف عقار، تم بناؤها بصورة مخالفة ودون الحصول على اى تراخيص ، منها 60 الف عقار آيلة للسقوط، تستحوذ محافظتا القاهرة والجيزة على النصيب الأكبر منها، لافتا إلى أن الجهاز لا يملك سوى تحرير محاضر بالمخالفات من أربع نسخ ترسل إلى رئيس الحى أو المدينة والثانية للمحافظ الذى تتبعه المخالفة إداريا والثالثة والرابعة لوزارتى التنمية المحلية والإسكان.
ونوه بأنه فى حالة التصالح فى كل هذه المخالفات قد تصل العوائد منها لنحو 650 مليار جنيه، لافتا إلى أن القانون المؤقت حدد الجهات التى ستستفيد من حصيلة التصالح، وتشمل صندوق الاسكان الاجتماعى المعنى باسكان الشباب وذوى الدخل المنخفض وتطوير العشوائيات، بنسبة 55% من الحصيلة، و20% لجهاز التنمية الحضارية ومثلها لخزانة الدولة للانفاق على مشروعات المرافق العامة والبنية التحتية و5% للعاملين فى لجان التقييم وتنفيذ القانون والتصالح.
وأوضح أن قانون التصالح فى مخالفات البناء الذى تم العمل بأحكامه أواخر التسعينيات لم يحقق أى جدوى اقتصادية أو فنية للدولة حيث ترك تنفيذه للمحليات، حتى تم إعداد القانون رقم 189 لسنة 2008 وهو ما يطلق عليه قانون البناء الموحد، الذى جرى العمل به منذ أوائل عام 2009، واستمر لفترة قصيرة قبل ان يهمل تنفيذه بعد ثورة 25 يناير 2011 بسبب الانفلات الامنى رغم انه قانون قوى لا يتصالح مع المخالف ويلزمه بالازالة.
وأضاف أن القانون المؤقت الذى صدر أخيرا سيطبق فقط لمدة 6 أشهر من تاريخ اصداره ويلزم المخالف بتكاليف الازالة ودفع غرامة بنسبة 200% من قيمة البناء وفى حالة عدم الاستفادة من هذه المهلة، فإن المخالف سيطبق عليه قانون البناء الموحد الذى يقضى بالإزالة الكاملة ودفع المخالفة، لافتا إلى أن القانون المؤقت يستهدف تقنين اوضاع قائمة يمكن التصالح فيها ولا تؤثر على سلامة وامان البناء فى الوقت نفسه بجانب انه يحافظ على الثورة العقارية بدلا من ازالتها.
من جانبه، قال المهندس هشام يسرى الأمين العام المساعد لاتحاد المقاولين، ان وزارة الإسكان ستعقد خلال الفترة المقبلة اجتماعات لتحديد نوعية المخالفات التى سيسرى عليها الغرامات المالية حتى يتمكن مالكي=و الوحدات العقارية المخالفة من الحصول على التراخيص لتوصيل المرافق العامة، لافتا إلى أن تصريحات وزير الإسكان والتى أشار فيها إلى أن اللائحة التنفيذية للقانون المؤقت ستحدد نوعية هذه المخالفات ومدى إمكانية التصالح فيها من عدمه.
وأضاف أن حجم مخالفات البناء تزايدت بصورة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة نتيجة الإنفلات الأمنى الذى حدث خاصة على الأراضى الزراعية وخارج الأحوزة العمرانية،مؤكداً وجود مخالفات من الصعب التصالح فيها لتهديدها أرواح المواطنين أو المصلحة الوطنية فى حالة البناء على الاراضى الزراعية.
وأوضح أن التصالح مع المخالفين كان يطبق منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضى لكن جدواه كانت محدودة، إلى أن جاءت ثورة 25 يناير وتزايدت هذه المخالفات بصورة مفزعة استلزمت تدخل المسئولين0
أما الدكتورة شفق العوضى رئيسة قسم التخطيط العمرانى الاسبق بهندسة عين شمس والمسئولة عن تخطيط عدد من المدن الجديدة، فترى إمكانية التصالح فى حالات التعلية فى البناء لطابقين فقط فى المبنى المخالف على أن يدفع المخالف غرامة تفوق التكلفة 3 مرات، بالنظر إلى أن هذه المخالفات مسئولة عن ظهور العشوائيات التى تمثل تهديداً للصحة العامة وتضغط على المرافق فتمنع وصول المياه إلى الادوار العليا وتسبب انفجار مواسير الصرف الصحي.
وأكدت أن هذه المخالفات فاقت كل الحدود، لكنها فى كل الأحوال تتفق مع مبدأ تغليظ العقوبة حتى لاتنتهك القوانين، لأن هناك أحياء كاملة قامت على أسس عشوائية وباتت تمثل مشكلة سرطانية لابد لمشرط القانون ان يتدخل لاستئصالها.
من جانبه، قال الدكتور أحمد الصاوى رئيس قسم المرافعات والإجراءات بحقوق القاهرة إن القانون المؤقت جاء نتيجة تراكم مخالفات هائلة يصعب معها الإزالة وترى الدولة أن التصالح بشأنها بات امراً واقعياً، حفاظاً على الوضع الاجتماعى لعشرات الآلاف من الاسر التى تقطن هذه الوحدات المخالفة.
وأضاف أنه كان متحمساً لقرار ازالة العمارات التى تم بناؤها خلف مبنى المحكمة الدستورية، واصفا القانون المؤقت للتصالح بمثابة المسكنات التى لاتحل مشكلة سرطانية يقودها مافيا تلهث وراء المكاسب الخيالية السريعة ومثل هذا التشريع المؤقت يشجع هذه المافيا على التوسع فى جرائمها ضد المجتمع فالتعامل مع مثل هذه المخالفات يكون بالحزم.