عند الحديث عن الشريك التجاري الأول‏,‏ فإن الاهتمام يأخذ بعدا استراتيجيا هاما‏,‏ وربما تزداد هذه الأهمية عندما يكون الشريك هو الاتحاد الأوروبي‏.

الذي يمثل ثلث الاستثمارات الأجنبية في مصر‏.‏ وعن السياسة والاقتصاد أطلق الاتحاد الأوروبي تقريره الخامس عن العلاقات المصرية الأوروبية في إطار سياسة الجوار يوم الأربعاء في بروكسل‏,‏ وعقدت مفوضية الاتحاد بالقاهرة مؤتمرا صحفيا لهذه المناسبة‏,‏ وكالعادة فإن هذا التقرير يثير الكثير من الجدل‏,‏ ويمكن ترجمته صحفيا بالسلب والإيجاب‏,‏ وذلك علي رغم من صغر حجمه‏(21‏ صفحة‏),‏ ولكنه متنوع بل ويكاد يكون شاملا‏.‏

وقد حرص الأوروبيون في عرض هذا التقرير الذي يغطي العام‏2009‏ علي وضع عبارة ثابتة في مقدمته تقدم هذه الوثيقة تقارير حول التقدم الذي تحقق بشأن تنفيذ خطة العمل الأوروبية ـ المصرية‏,‏ وهو ليس استعراضا عاما للحالة السياسية والاقتصادية في مصر‏,‏ ولكن عند قراءة التقرير فإن الكثير من محتواة هو في الواقع استعراض للحالة السياسة والاقتصادية في مصر‏.‏ أيضا احتوت مقدمة التقرير علي أن‏'‏ التقدم الكلي في خطة العمل في‏2009‏ مشجعة‏'‏ ولكن ما أوردة التقرير لايعكس هذه العبارة الفضفاضة‏.‏

اقتصاديا أكد التقرير علي أن نسب نموا الاقتصاد الكلي عام‏2009‏ وصلت إلي‏4.7%,‏ وتجاوزت التوقعات‏,‏ ولكنها ليست كافية لمواجهة الفقر والتضخم والبطالة‏,‏ كما أصبح الحساب الجاري سلبيا في نفس العام‏,‏ بعد عدة سنوات من وجود فائض‏,‏ موضحا أن انخفاض الاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج‏,‏ دفعت ميزان المدفوعات إلي العجز‏.‏ هذا إلي جانب جفاف السيولة في الدول المتقدمة والذي اعاق عملية الخصخصة في القطاع المصرفي المصري‏.‏ ولكن علي الرغم من ارتفاع الديون بنسبة تصل إلي‏73%‏ من الناتج المحلية‏,‏ فإن تأثيرها علي المالية العامة كان طفيفا‏,‏ حيث التزمت الحكومة بعجز قدرة‏7%‏ من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية‏2010,‏ وحسب التقرير فإنها علي الطريق الصحيح لتعزيز الوضع المالي وتخفيض تدريجي للعجز المالي‏.‏

وأشاد التقرير بشكل ضمني بالبنك المركزي المصري الذي خفض سعر الفائدة من‏11.5%‏ إلي‏8.25%‏ من اجل دعم النمو الاقتصادي‏,‏ وذلك علي الرغم من ارتفاع معدلات التضخم‏,‏ إلا أن المركزي المصري بدأ في إدارة عملية التعويم بشكل أكثر صرامة بالتوازي مع الأزمة المالية العالمية‏,‏ كما حافظ علي احتياطيات النقد الأجنبي عند مستوي مستقر بلغ أكثر من‏15%‏ من إجمالي الناتج المحلي‏.‏ كما عملت الحكومة بالتوازي أيضا علي إطلاق حزم مالية تحفيزية علي ثلاثة أجزاء الأولي في‏2008‏ بلغت‏15‏ مليار جنية وثانية في‏2009‏ بلغت‏8‏ مليار جنية وثالثة بلغت‏10‏ مليار جنيه‏.‏ ويستخلص التقرير عن الاقتصاد المصري أنه عرضة للخطر‏,‏ موضحان أن الخطر الرئيسي بالنسبة للاقتصاد قد تغير في أعقاب الأزمة الاقتصادية والمالية‏,‏ حيث أن الاستدامة المالية هي الأكثر عرضة للخطر‏.‏ علي المستوي التجاري‏,‏ حمل التقرير أخبار سيئة‏,‏ حيث شهد العام‏2009‏ تراجع حادا مقارنة بالعام‏2008‏ في الصادرات المصرية إلي أوروبا بنسبة‏26.2%,‏ بينما تراجعت صادرات اوربا إلي مصر بنسبة‏0.9%,‏ وبإجمالي حجم تجاري بلغ‏18.7‏ مليار يورو‏,‏ وعلي الرغم من أن المصادر الأوروبية أرجعت هذا التباين الضخم إلي التأثير الشديد للأزمة الاقتصادية وتراجع استهلاك المواطن الأوروبي‏,‏ وموضحا أنه تراجع يقل عن الكثير من دول بمنطقة المتوسط‏,‏ إلا أنه يعني أيضا مزيدا من الخلل في الميزان التجاري المصري مع الاتحاد الأوروبي‏,‏ والذي وصل إلي‏4‏ مليارات يورو في عام‏2008,‏ وارتفع في العام‏2009‏ بفضل هذا التباين ليصل إلي‏6.71‏ مليار يورو‏,‏ ولكن الاتحاد الأوروبي يظل الشريك التجاري الأول لمصر‏.‏ ولمزيد من التحرير التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي‏,‏ شهد العام‏2009‏ توقيع اتفاقية تحرير المنتجات الزراعية والمنتجات الزراعية المصنعة والأسماك والمنتجات السمكية‏,‏ والتي دخلت حيز النفاذ وتنص الاتفاقية علي إزالة جميع القيود علي الصادرات المصرية إلي أوروبا باستثناء بعض تدابير الحماية من كلا الجانبين‏,‏ ولكن التقرير توقف أيضا عند تراجع حصة الاستثمارات المصرية في الزراعة من‏4%‏ عام‏2009/2008‏ إلي‏3%‏ في عام‏2010/2009,‏ وهو ما يعني عدم استغلال هذه الفرصة‏.'‏ دعم البحث حتي يصل إلي ابتكار ثم تحويلة إلي استثمار يؤثر في الاقتصاد‏'‏ هو ما أكده السفير مارك فرانكو في إطار حديثه عن التعاون في مجالات البحوث والتطوير والتي أوضح أنها تتم بطريقتين‏,‏ الأولي تقوم بها وزارة التعليم العالي والبحث العملي من خلال مبادرة استثمار الابتكار بدعم اوربي‏2‏ مليون يورو لاستغلال الفرصة المتاحة‏.‏

أما الآلية الثانية تتم عن طريق برنامج الاطار السابع للعلوم والتكنولوجيا‏.‏ وعن الاستثمارات الأوروبية المباشرة في مصر أوضحت التقارير انها تمثل‏40%‏ من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في مصر والتي تصل إلي‏30‏ مليار يور بما يعادل‏20%‏ من الناتج المحلي الاجمالي‏,‏ منها‏9‏ مليارات يورو استثمارات أوربية‏.‏ ويشير التقرير الأوروبي إلي أن آلية الجوار للاستثمار سمحت بتنفيذ مشروعين في مصر خلال العام‏2009,‏ في قطاعي البيئة والطاقة‏,‏ ويتوقع لهذه المشروعات أن تستفيد من حوالي‏440‏ مليون يورو في هيئة قروض من المؤسسات المالية الأوروبي‏,‏ وقام بنك الاستثمار الأوروبي بتوقيع عمليات الإقراض لـ‏130‏ مليون يور‏,‏ منها‏120‏ مليون يورو مرتبطة بمشروعات آلية الجوار للاستثمار‏.‏ ويشير السفير جمال بيومي إلي أن‏52.9%‏ من السياحة في مصر تأتي من أوروبا‏,‏ وأن الاستثمارات الأوروبية في مصر وصلت إلي‏5.9‏ مليار في العام‏2009‏ قدم الاتحاد الأوروبي ما يقرب من‏12‏ مليار يورو في‏2007-2013,‏ من اجل تنفيذ سياسة الجوار الأوروبية‏,‏ ويوضح التقرير أن المنح المقدمة لمصر خلال الأعوام‏2007-2010‏ بلغت‏558‏ مليون يورو في إطار آلية تمويل الجوار واتفاقية المشاركة الأوروبية‏,‏ للعمل علي تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي‏,‏ كما سيتم اتاحة‏449.3‏ مليون يورو لدعم انشطة التعاون في الفترة من‏2011-2013,‏ بناء علي قرار المفوضية في مارس المقبل‏,‏ بينما وصلت المساعدات الأوروبيه خلال العام‏2009‏ إلي‏140‏ مليون يورو لدعم الإصلاحت في قطاع الصحة و‏20‏ مليون يورو لمشروعات التوأمة و‏10‏ مليون يورو لبرامج التنمية البيئية الريفية المستدامة‏..‏ ويوضح السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب أن كل يورو يقدمه الأوروبيون في صورة دعم يحصلون في مقابله علي‏101‏ يورو في صورة واردات‏.‏