أكد الدكتور أحمد جلال نائب رئيس البنك الدولي السابق والمدير التنفيذي لمنتدي البحوث الاقتصادية أن مصر بعيدة عن الاسباب التي أدت إلي الأزمة اليونانية.
مؤكدا أنه رغم وجود عجز كبير نسبيا في الموازنة العامة بمصر فإن طبيعة وتركيبة الدين العام المحلي ليست مقلقة لأن هذا الدين طويل الأجل ما بين20 و30 سنة, كما أن نسبة الدين الخارجي قليل ولا يتجاوز ربع الناتج المحلي الاجمالي وهي نسبة منخفضة للغاية.
وقال جلال في تصريحات خاصة لـ الأهرام إنه رغم ارتفاع حجم الدين العام المحلي بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي بمصر فإن تركيبته مطمئنة, كما أن غالبيته بالعملة المحلية وهي نفس عملة الإيرادات, ولا تعاني مصر المشكلة التي واجهتها بعض الدول مثل البرازيل, حيث كان هناك اختلاف بين عملة الدين العام لديها وبين عملة الإيرادات, فقد كان الدين بالدولار مختلفا عن إيراداتها من العملة المحلية.
ودلل علي أن مصر بعيدة عن اسباب الأزمة بالثقة التي ظهرت في تغطية السندات الدولارية التي طرحتها الحكومة مؤخرا, حيث تم تغطيتها أكثر من مرتين من جانب المؤسسات الخارجية ودورات الاستثمار والمال, عكس الوضع بالنسبة لليونان, حيث هناك انخفاض في مستوي الثقة في خدمتها علي السداد مما يكبلها بتحمل تكلفة عالية مرتفعة في الإقراض بنسبة تصل إلي9% علي السندات.
وقال نائب رئيس البنك الدولي السابق والمدير التنفيذي لمنتدي البحوث الاقتصادية, إن المفروض أن يكون التوجه الحالي هو الاقتراض أكثر من الخارج في ظل انخفاض حجم الدين الخارجي لمصر, وذلك كما هو الحال بالنسبة للدول التي تواجه انخفاضا في معدل الادخار المحلي, حيث يكون التركيز علي تدفق رؤوس الأموال الخارجية سواء في شكل استثمارات أو اقتراض بشرط أن يخضع ذلك لأفضل الشروط في فترة السماح وسعر الفائدة, ويتم استخدام هذه القروض في مشروعات تنموية تحقق عائدا اقتصاديا مرتفعا يدفع التنمية الاقتصادية.
وأكد جلال انه لا داعي علي الاطلاق من الاهتمام المبالغ فيه بالأزمات الخارجية, ولكن المطلوب قدر اكبر من الاهتمام بالداخل والتركيز علي دفع مسيرة الاصلاح الهيكلي الاقتصادي خاصة في تهيئة مناخ الاستثمار والقضاء علي العقبات البيروقراطية والتشريعية والمؤسسية, وأضاف: مصر قطعت شوطا في هذا المجال ويجب اكمال الاصلاح وان يتركز الاهتمام بشكل اكبر مع مواكبة الاصلاح الاقتصادي باصلاح في التنمية الاجتماعية من خلال تطوير جاد وسريع للتعليم والرعاية الصحية, والخدمات العامة, والحماية الاجتماعية, مشيرا إلي البدء في تطبيق الدعم النقدي في بعض المناطق وهو أمر جيد ويجب أن يستمر.
وحول سيناريوهات الأزمة بمنطقة اليورو ومتي تنتهي رفض التنجيم, واكد أن التوقعات كلها تتوقف علي عدد من المحددات أهمها, ألا تمتد الأزمة إلي دول أخري مرشحة بسبب وجود عجز كبير لديها في منطقة اليورو مثل إسبانيا والبرتغال وايطاليا, وثانيا أن جانبا كبيرا من انخفاض اليورو بسبب تكلفة خطة انقاذ اليونان وعدم تطورها لدول أخري, إلي جانب أزمة الاقتصاد الأمريكي وتأثيرها علي منطقة اليورو, وبالتالي فإن سرعة تعافي الاقتصاد الأمريكي ستكون شديدة الأثر في سرعة تعافي منطقة اليورو.
واكد جلال أن جميع السياسات والاجراءات التي تتبعها دول الاتحاد الأوروبي لمعالجة الأزمة ستعالج الأزمة وقتيا ولكن المعالجة الجوهرية والجذرية تتطلب وجود سياسات مالية موحدة تتواكب مع السياسات النقدية الموحدة التي يطبقها الاتحاد الأوروبي, حيث إن جوهر الأزمة اليونانية متمثل في السياسة المالية التي لم يكن يراقبها الاتحاد الأوروبي.