علي عكس التقارير السابقة لصندوق النقد الدولي عن الوضع الاقتصادي لدول الربيع العربي خاصة مصر، اكد تقرير حديث للصندوق عن الوضع الاقتصادي للدول العربية المستوردة للبترول -والتي تضم مصر حسب تقسيم البنك الدولي- ظهور مؤشرات وبوادر علي التحسن الاقتصادي بالمنطقة اهمها زيادة الصادرات وتحسن تدفق الاستثمارات، وهوما قد يرفع معدل النمو الي 3% في المتوسط خلال العام الحالي مقابل 3.5% في الدول العربية المصدرة للبترول.
وحدد التقرير اهم مشكلة تواجه اقتصاديات الدول العربية المستوردة للبترول، في تزايد معدلات البطالة التي وصل متوسطها الي 13% و26% بين الشباب مطالبا بتبني اولويتين لمواجهة تلك المشكلة وهما زيادة الاستثمارات العامة المنشئة لفرص العمل مع توفير المزيد من الموارد الخارجية للتمويل بشروط ميسرة مثل المنح والقروض منخفضة الفائدة ودون التزام طويل الاجل بمستوي مرتفع من العمالة في القطاع العام.
واشار التقرير الي ان الاولوية الثانية اتباع اصلاحات اقتصادية تشجع الاستثمارات الخاصة وترفع مستوي الانتاجية وتحسن مناخ الاعمال وتخفض في ذات الوقت من الفساد والروتين الحكومي ومن ثم تنشئ فرص عمل دائمة بأجور مجزية.
كما أوصت دراسة للصندوق حول التحول الاقتصادي العربي في غمار التحول السياسي باهمية الاسراع في اتخاذ عدد من الاصلاحات الهيكلية علي صعيد السياستين المالية والنقدية لتكون داعمة اكثر للنمو والاستقرار مع تعميق التكامل التجاري بين دول الشرق الاوسط وتعزيز امكانيات الحصول علي التمويل وتحسين مناخ الاعمال بالقطاع الخاص ومعالجة الفساد واصلاح سوق العمل وتطوير نظم التعليم للحد من عدم اتساق مهارات خريجى الجامعات والمدارس مع المهارات المطلوبة بسوق العمل.
واكدت الدراسة ايضا اهمية ان تقود الدول المعنية تلك الاصلاحات بحيث تضع الخطط والبرامج والسياسات بعد تشاور واسع النطاق علي المستوي الوطني لبلورة توافق عام حولها وضمان تأييدها شعبيا ، وفي ذات الوقت طالبت الدراسة المجتمع الدولي بدعم هذه الجهود خاصة علي مستوي السياسات من خلال اتاحة التمويل المطلوب لاحداث التغيير المنشود بجانب اتاحة فرص لنمو التجارة وزيادة صادرات دول الربيع او تقديم المساعدة الفنية والمشورة بشأن السياسات الجديدة.
وعلي صعيد اوضاع المالية العامة لدول العالم اكد صندوق النقد اهمية ان تبدأ الدول الصاعدة اقتصاديا في اجراءات التصحيح المالي للحد من الانفاق العام وبالتالي تقليص عجز الموازنة العامة للسيطرة علي تفاقم حجم الدين العام والذي بلغ في مصر نحو 92% من الناتج المحلي الاجمالي.
واهم مجالات الاصلاح التي يمكن البدء بها كما يري الصندوق هي فاتورة الاجور والدعم والمزايا الاجتماعية إلي جانب الانفاق العام بجانب الاصلاحات الضريبية لزيادة الموارد العامة، مشيرا الي ضرورة اجراء اصلاحات هيكلية عميقة في الاجور تركز علي زيادة كفاءة القوي العاملة بالقطاع الحكومي بدلا من اجراءات تجميد قيمة الاجور وعدم اجراء تعيينات جديدة وهي السياسة التي اتبعتها بعض دول العالم في اعقاب الازمة المالية العالمية عام 2009.
وتاكيدا للاهمية التي يوليها الصندوق للوضع الاقتصادي لمنطقة الشرق الاوسط تنظم الاردن بالتعاون مع الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد الدولي مؤتمرا يوم 11 مايو المقبل تستضيفه العاصمة الاردنية عمان لمدة يومين تحت شعار بناء مستقبل الوظائف والنمو والمساواة في العالم العربي حيث من المنتظر ان تشارك في اعماله كريستين لاجارد مدير عام صندوق النقد الدولي وعبدالله النسور رئيس وزراء الاردن وعبد اللطيف يوسف الحمد مدير عام الصندوق العربي للانماء الي جانب محافظ البنك المركزي بكل من الاردن وليبيا ووزراء المالية بدول الاردن والمغرب وليبيا وتونس وعشرات الشخصيات الدولية والاقليمية – وللاسف تغيب عنه مصر الرسمية رغم مشاركة هاني سري الدين رئيس هيئة سوق المال السابق- ، ويهدف المؤتمر الي اجراء حوار اقليمي بشان اولويات السياسات الاقتصادية الكلية وقضايا الشفافية والحوكمة ومعالجة البطالة وتحسين مناخ الاعمال.