يواجه
المسئولون فى الكويت تحديا ضخما يتمثل فى إقناع المواطنين بضرورة خفضالإنفاق
لتفادى عجز محتمل فى الميزانية بعد سنوات وذلك رغم الإيرادات النفطى الوفيرة لبلد
يعد واحدا من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل.
وظلت
هذه القضية موضوعا للنقاش لفترة طويلة قبل أن تنتقل المهمة لتقع على عاتق وزير
المالية الكويتى الجديد أنس الصالح الذى قال بعد وقت قصير من تعيينه فى يناير، إنه
يجرى إعداد خطة لمراجعة نظام الدعم السخى ومن المنتظر أن تصبح جاهزة فى وقت لاحق
هذا العام.
وبفضل
الدعم فإن المستهلك يدفع نحو 5.2 دينار (18.40 دولار) مقابل 80 لترا من البنزين
وتبلغ تكلفة الكهرباء فلسين فقط (أقل من سنت) للكيلووات/ساعة. وتمثل هذه الأسعار
جزءا بسيطا من التكلفة.
ويقول
خبراء اقتصاديون إن تلك الأسعار الرخيصة المتاحة للكويتيين والأجانب أيضا تشجع على
الإهدار، ويشتكى مسئولون عن إدارة المبانى من أن الناس يتركون أجهزة التكييف تعمل
وهم يقضون إجازات خارج منازلهم حتى يجدوا بيوتهم مكيفة لدى عودتهم.
لكن
أى خفض كبير فى الدعم قد يؤثر على الاستقرار بعد أن شهدت الكويت
قبل
أكثر من احتجاجات فى الشوارع وإضرابات عمالية لإبداء الاستياء من سياسات الحكومة.
وقال
عبد الله الشايجى رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت، إنه إذا تم خفض الدعم "ستحدث
انتفاضة فى الكويت.
"يستطيع
الكويتيون التكيف مع أى شىء لكن لا تقترب من محافظ نقودهم ودفاتر شيكاتهم. سيبدون
مقاومة كبيرة حقا."
وفى
عام 2012 خرج آلاف الكويتيين للشوارع احتجاجا على تغييرات فى قوانين التصويت
وأبدوا استياءهم من بطء التنمية الاقتصادية، وأضرب عمال حكوميون فى العام نفسه
بسبب الأجور.
وفى
دلالة على مدى حساسية مسألة الدعم فإن الصالح يتخذ موقف الدفاع منذ أن أعلن عن
خطته، مؤكدا على عدم الإضرار بالكويتيين من أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة.
وقال
الشايجى "سلوك الحكومة مستفز جدا للكويتيين نظرا لأنهم لا يصدقون ذلك" كل
كويتى يعتقد فى قراره نفسه أن له حقا فى النفط."
وفى
الأعوام الأخيرة ساعد الصعود المطرد فى أسعار النفط الكويت على تغطية فاتورة
الأجور المتزايدة والدعم ونظام الرعاية الاجتماعية السخى وسلسلة من المنح
والإعانات.
واستطاعت
تلك المزايا فى الكويت وجيرانها حماية هذه الدول من الاضطرابات التى اجتاحت بلدانا
عربية أخرى فى 2011.
ومن
الصعب تقليص تلك المزايا رغم تحذيرات من أن الإنفاق بالمعدل الحالى قد يتجاوز
إيرادات الكويت فى 2017-2018 وذلك وفقا لأسوأ الاحتمالات من صندوق النقد الدولى.
وقال
فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط لدى سيتى جروب "مع
وجود مخاطر لاتجاهات نزولية فى أسواق النفط فإن هناك مخاطر على المالية العامة"
مضيفا أن الكويت تحتاج لإحراز تقدم فى الإصلاح المالى.
وأظهرت
أرقام نشرت يوم الأحد أن فائض الميزانية الكويتية تقلص فى التسعة أشهر الأولى من
السنة المالية الحالية مع زيادة الإنفاق 18 %
لكن
البيانات الرسمية أظهرت أيضا أن الفائض الذى حققته الكويت عضو منظمة أوبك بلغ 14.3
مليار دينار (50.7 مليار دولار) فى تلك الفترة.
ويكتسب
نجاح الكويت فى مراجعة الدعم أو فشله أهمية فى بقية دول الخليج التى لا تحصل ضريبة
على الدخل وتعتمد على نظام مماثل للمنح والإعانات.
وبدأت
تلك المراجعة فى أواخر العام الماضى فى الكويت التى تعتمد على النفط فيما يزيد عن 90
فى المئة من الإيرادات، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة الدعم 5.11 مليار دينار (18.08
مليار دولار) فى السنة المالية القادمة لتغطية جوانب مثل الوقود والطاقة.
ووزير
المالية الجديد أنس الصالح فى أوائل الأربعينات من عمره وهو ينتمى إلى جيل أصغر
سنا من وزراء أوكل إليهم استكشاف إمكانية إجراء إصلاحات اقتصادية، وهو رابع وزير
للمالية فى أقل من عامين.
وقال
أحد الدبلوماسيين "هو أحد الأشخاص الذين يتفهمون ذلك وهناك مزيد من الأشخاص
فى مجلس الوزراء الذين يدركون ذلك."
وساهم
الصالح الذى شغل فى السابق منصب وزير التجارة والصناعة فى وضع قانون جديد للشركات
فى 2012 يهدف إلى دعم القطاع الخاص وهو ما يشكل تحديا فى بلد يستغرق فيه تنفيذ
أنظمة جديدة سنوات وربما عقودا.
ويمضى
الصالح الذى درس فى الولايات المتحدة على نهج سلفه الشيخ سالم عبد العزيز الصباح
الذى أطلق المراجعة وقاد الأصوات المطالبة بخفض الإنفاق.
وحذر
الشيخ سالم الذى أدار البنك المركزى لنحو 25 عاما فى يناير من أن الحكومة ستضطر
لإتخاذ إجراءات قاسية إذا استمر الإنفاق المتزايد.
وقال
إن الكويت يجب أن تخفض قيمة الدينار وإلا ستمد يدها لتأخذ من صندوق الأجيال
القادمة المخصص للأزمات الاقتصادية.
لكن
كثيرا من الكويتيين حائرون حول مقترح خفض الدعم نظرا للفائض الكبير الذى حققته
الميزانية على مدى العقد السابق.
ويرى
بعضهم أن من المنطقى زيادة أسعار السلع والخدمات لكنهم يتساءلون كيف ستفعل الحكومة
ذلك.
وقالت
طالبة تدعى ريم-22 عاما-"تحتاج الحكومة لوضع خطة على مدى خمس سنوات ثم تطور
وسائل مختلفة لإنتاج الكهرباء إذا أرادوا زيادتها." واقترحت أن تقوم الكويت
بتطوير الطاقة الشمسية لخفض الاعتماد على النفط فى استهلاك الطاقة، لكن الحديث عن
تقليص الدعم يغضب البعض الذين يرون مدى سخاء الكويت فى الخارج.
فقد
قررت الكويت منح مصر أربعة مليارات دولار فى إطار حزمة مساعدات خليجية بعد عزل
الرئيس محمد مرسى المنتمى للتيار الإسلامى كما أعلنت منح سوريا مساعدات إنسانية
بمليار دولار.
وأشار
هؤلاء أيضا إلى سوء حالة بعض الطرق فى الكويت ونقص الوحدات السكنية كدلالة على أن
الدولة لا تستخدم الأموال بكفاءة.
ويتمثل
جزء من المشكلة فى بعض أعضاء البرلمان الذين يطالبون بزيادة المزايا للمواطنين
للفوز بدعم الدوائر الانتخابية.
ويطالب
أعضاء فى البرلمان بزيادة المخصصات للإسكان والأطفال ووافقوا الشهر الماضى على
قانون بدعم مواد البناء.