تستضيف دولة الكويت غدا القمة العربية الافريقية الثالثة وسط تطلعات دول المجموعتين العربية والافريقية الى شراكة استراتيجية قائمة على أساس التكامل بين رأس المال والموارد الطبيعية.
وتحظى القمة الثالثة بأهمية خاصة في ظل التطورات التي تشهدها بعض الدول العربية والافريقية والتحولات السياسية التي طالت بعض تلك البلدان وما ترتب عليها من آثار اقتصادية فرضت تحديات جديدة أمام خطط التنمية ومواجهة البطالة وتحقيق الامن الغذائي.
ويفرض الجانب الاقتصادي نفسه بقوة على أجندة المؤتمر الذي انعكس على شعاره (شركاء في التنمية والاستثمار) مما دعا الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية صاحب اليد الطولى في دعم مشاريع التنمية في معظم دول القارة الافريقية الى تنظيم منتدى اقتصادي عربي افريقي في اطار الاستعدادات للقمة العربية الافريقية.
ودعا مسؤولون في جامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الافريقي خلال المنتدى الاقتصادي الى الاسراع في تعزيز مفهوم التضامن العربي الافريقي من خلال بناء ارضية تعاون اقتصادي مشترك واعطاء الاولوية لعجلة التنمية المستدامة في افريقيا والعالم العربي.
ويرى مراقبون ان العلاقة بين المجموعتين يجب أن تقوم على اساس التكامل بينهما من خلال الاستفادة من الامكانيات المادية لدى بعض الدول العربية في الاستثمار في الموارد الطبيعية لدى القارة الافريقية بما يحقق الشراكة الاستراتيجية المنشودة التي تحقق تطلعات شعوب المنطقتين.
وأكد المدير العام للمركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة محمود الصلح في ورقته حول (التحديات المشتركة وفرص انتاج الحبوب) خلال المنتدى الاقتصادي العربي الافريقي الاسبوع الماضي ان دول افريقيا جنوبي الصحراء تتمتع بأكبر قدر من الاراضي الصالحة للزراعة وبوفرة من موارد المياه والظروف المناخية مقارنة بالدول العربية في حين تتوفر لدى بعض الدول العربية الموارد المالية للقيام باستثمارات واسعة النطاق في مجال الأمن الغذائي.
ورأى الصلح أنه بمقدور الدول العربية والافريقية جنوب الصحراء توفير ما نسبته 80 في المئة من انتاج الغذاء في كلتا المنطقتين من خلال التركيز على صغار المزارعين.
ويعكس ما طرحه الصلح أهمية فكرة التكامل بين المنطقتين للاستفادة من الموارد المتاحة في كل منهما ودعم بعضهما بعضا الا أن ذلك التكامل واستقطاب رؤوس الاموال في الاستثمار بحاجة الى تشريعات وضمانات لحماية الاستثمار وهو ما نبه اليه بعض المراقبين.
ويقول المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية في جامعة الدول العربية طارق الزدجالي في ورقة عمل امام المنتدى الاقتصادي ان التعاون بين الدول العربية ودول افريقيا في مجالات الامن الغذائي والتنمية السمكية يجب أن يكون تكامليا وشفافا ويأخذ بعين الاعتبار الموارد المتاحة بالاشكال والبنى التحتية والهيكلية كافة وايجاد الضمانات والحماية المناسبة للاستثمار.
وبينما ركز مراقبون ومسؤولون عرب وافارقة على فكرة وأهمية مشاركة القطاع الخاص والمنظمات الاهلية ودورها في المساهمة بخطط التنمية في الدول العربية والافريقية بعد وضع الضمانات اللازمة لاستقطاب رؤوس الاموال للاستثمار في افريقيا أكد الزدجالي ضرورة التركيز على القطاع الخاص في المنطقتين بحيث تكون الحكومات راعية من خلال التشريعات التي من شأنها المضي بالاستثمار في هذه المجالات وبما يحقق المصالح الاستراتيجية.في موازاة ذلك يرى الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ان مسار التعاون العربي الافريقي يرتكز على العمل لخلق فضاء للتواصل ما بين رجال الاعمال والمتعاملين الاقتصاديين العرب والافارقة يتم من خلاله تبادل المعلومات والتجارب الاحصائية ومصادر التمويل.
ويتفق مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الافريقي انتوني ماروبينج مع ما ذهب اليه العربي حيث دعا الى التركيز على الاستثمار وتعزيز دور المنظمات الاهلية غير الحكومية في مجال التعاون العربي الافريقي.
ويعكس اعلان الكويت الذي تضمن عددا كبيرا من البنود حول الاقتصاد والاستثمار والتنمية أهمية الجانب الاقتصادي في القمة العربية الافريقية الذي ترتكز عليه جوانب اخرى كبيرة مثل تحقيق الامن والاستقرار والتطور والتنمية وتحقيق تطلعات الشعوب الى العيش في مستويات اقتصادية مناسبة.
وقال وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجارالله خلال اجتماع كبار المسؤولين ان تركيز الكويت على الجوانب الاقتصادية واطلاق (شركاء في التنمية والاستثمار) شعارا للقمة العربية الافريقية يأتي استشعارا منها بأهمية الانطلاق بالعمل العربي الافريقي المشترك الى آفاق تحقق تطلعات الشعوب.
وأكد ان تحقيق التعاون الاقتصادي المنشود يحتاج خلق الأجواء الملائمة للاستثمار وسن التشريعات اللازمة لتشجيعه وتحفيز التجارة البينية والاهتمام بالبنى التحتية المشتركة لاسيما المواصلات والاتصالات التي من شأنها زيادة حركة تبادل السلع والخدمات.
وتضفي استضافة الكويت للقمة العربية الافريقية الثالثة زخما الى الجانب الاقتصادي في العلاقات العربية الافريقية نتيجة اهتمام وحرص سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في المجالات الانسانية والتنمية والاقتصاد حرصا منه على تحقيق التنمية المستدامة بما يحقق الامن والاستقرار للمجتمعات.
وتجلى ذلك الاهتمام من سمو أمير البلاد في عدد من المبادرات استضافت من خلالها الكويت عددا من المؤتمرات الدولية والاقليمية منها القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي عقدت في البلاد عام 2009 ومنتدى حوار التعاون الاسيوي عام 2012 والمؤتمر الدولي الاول للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا الى جانب استضافة مؤتمر القمة العربي الافريقي الثالث غدا.
وتعزز استضافة الكويت هذه القمة فرص نجاحها بسبب قربها من القارة الافريقية خصوصا من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الذي تشمل أنشطته الغالبية العظمى من دول القارة ما أكد عليه القائم بالاعمال بالنيابة في سفارة المغرب لدى البلاد المهدي الرامي بقوله "ان الكويت قريبة من القارة الافريقية ومن همومها عبر مختلف المبادرات".
وأشار الى مساهمات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية منذ عقود في دعم القارة الافريقية بقروض ومنح تجاوزت ستة مليارات دولار.
وتترقب شعوب الدول العربية والافريقية ما ستتخمض عنه تلك القمة التي سعت الكويت الى توفير جميع مقومات النجاح لها من أجل أن تحقق نتائج تنعكس على واقع الشعوب الاجتماعي والاقتصادي وتدعم تحقيق الاستقرار لها