لقد اقتحمت التكنولوجيا حياتنا اليومية وأصبحت جزءاً أساسياً وضرورياً من الصعب التعايش بدونه أو الاستغناء عنه وأصبح التطور التكنولوجي ينمو بشكل سريع ومتزايد يكاد يفوق توقعات الإنسان. ولكن تُري هل هذا التطور مرتبط دائماً باحتياجات المستهلكين ورغباتهم أم أنه من يخلق هذه الرغبات ويولد تلك الاحتياجات؟

فالمثل القائل أن "الحاجة أم الاختراع" كان دقيقاً وله تطبيق عملي علي الواقع حيث أن الاختراعات كان نتيجة لرغبة معينة تم تلبيتها بذلك الاختراع. ولكن الآن ونتيجة التطور التكنولوجي الهائل لا يمكننا القول أن "الحاجة أم التطوير" حيث أن التطور التكنولوجي السريع قد فاق تطلعات الإنسان واحتياجاته وأصبح هو من يحدد تلك الرغبات والاحتياجات. فعلي سبيل المثال وليس الحصر في عام 2007 م عندما طرحت شركة أبل أول هاتف ذكي متطور يعتمد الشاشة اللمسية "Touch Screen" للتحكم في جميع امكانيات الهاتف فعلي الرغم من ظهور فكرة أول شاشة تعمل باللمس في فترة الستينات منذ عام 1965 – 1969 إلا أنه منذ ذلك الحين وحتى عام 2007م كان معظم المستهلكين يستخدمون الهواتف التقليدية
 
 حتى جاءت شركة أبل وطورت هاتفها واستخدمت فيه تقنية الشاشة اللمسية وقامت بترويجها حتى أصبح المستهلكون يتسابقون لتجربة التقنية الجديدة واستخدام الهاتف المبتكر وبالتالي استطاعت هذه الشركة أن تتحكم في رغبات عدد هائل من المستهلكين وتأخذهم نحو اتجاه معين تفردت به واستغلته لمصلحتها. فنلاحظ الآن شغف الكثيرين بامتلاك كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا فبمجرد الإعلان عن تطوير منتج معين يتسارع المستهلكون لمعرفة ماهية التقنية الجديدة أو الميزة المستحدثة وراء هذا التطور. وهذا ما أعطي الفرصة لمؤسسات التطوير إلي تطبيق سياسة "التحديث بالتنقيط" فهذه المؤسسات عادةً تمتلك أغلب مميزات المنتج منذ الإصدار الأول أو علي الأقل تمتلك الأفكار الأساسية لجميع تقنيات المنتج ولكنها تقوم بإطلاقها علي اصدارت مختلفة خلال فترات متفرقة بهدف تحقيق أقصي استفادة تسويقية ومادية.
 
ونتيجة لذلك أصبحت هذه المؤسسات تمتلك تجارة رائجة لها تأثير اقتصادي قوي سمحت لها بالانتشار والتوسع والتحكم في علاقات دولية متنوعة ومنتشرة ولعل خير دليل علي رواج مجال تطور التكنولوجيا ومدي ربحيته هو احتواء قائمة أغني مليارديرات العالم التي تصدرها سنوياً مجلة “فوربس” المتخصصة في مجال المال والأعمال ضمن أول عشرة شخصياتها علي اثنين أو أكثر ممن يمتلكون مؤسسات في مجال التكنولوجيا وذلك خلال أخر 4 سنوات. وأيضا نجد أن النجاح التسويقي لمجال التطور التكنولوجي أدي الي ظهور قائمة أخري تحوي أصغر مليارديرات العالم الذين لا يتعدى عمرهم 40 سنة فلك أن تتخيل أن شخصيات بهذا العمر ويمتلكون مثل هذه الثروة وذلك بفضل عملهم في ذلك المجال. واخيراً نستطيع الجزم بأن مقولة "التطور التكنولوجي أصبح هو من يخلق الرغبات ويولد الاستخدام" قائمة ولها تطبيق عملي أيضاً وهذا يفسر ما وصلنا اليه حالياً من تطور تكنولوجي مستمر وممتد ومتواصل وغير محدود ولا يمكن ايقافه الا اذا أراد مطوروه ذلك.