حتي تكون السياسات الاجتماعية للتنمية فاعلة وناجحة لابد من تحديد تعريف دقيق وواضح للفقر والفقراء يأخذ في الاعتبار الاحتياجات الواقعية والفعلية للمعيشة والحياة للإنسان‏.

 ويلتزم بتوصيف دقيق لمقتضيات حد الكفاف باعتباره الحد الأدني الذي لايمكن التفريط في توفيره للأكثر فقرا‏ ولا ينفصل ذلك عن السياسات المكملة التي يجب ان تسعي الي رفع مستويات معيشة هذه الفئات من خلال منظومة متكاملة لا تقتصر فقط علي تقديم الدعم المادي والدعم العيني ولكنها تمتد لتوفير المسكن والعلاج والتعليم والخدمات العامة الاساسية‏,‏ باعتبارها طوق النجاة من الفقر في الأجل الطويل‏,‏ وكذلك من خلال التأهيل والتدريب لتحويل الفقراء الي عنصر منتج من عناصر المجتمع البشري‏,‏ ويحتاج ذلك الي تجاوز التعريفات النمطية والتقليدية للفقر والفقراء بالاعتماد علي مؤشرات ومعايير دولية تستخدمها المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد للتستر علي فداحة ظاهرة الفقر عالميا حتي يتاح للدول الصناعية الكبري ان تتهرب من مسئولياتها الدولية‏,‏ ولا يتم تعكير صفو ما يسمي بالضمير العالمي عندما يصطدم بحقيقة مؤكدة تثبت ان اكثر من نصف سكان الكرة الأرضية لابد وأن يصنفوا في عداد الفقر والفقراء‏.‏

وتقدم المعايير الدولية ترسانة من الأسلحة الفاسدة تؤدي الي تشويه امكان التدقيق الاقتصادي العلمي للظاهرة ويتسبب في تسطيح غالبية الحوارات والمناقشات حولها وصرفها عن اللب الحقيقي للقضية‏,‏ ووفقا لمعايير البنك الدولي فإن الفقير هو ذلك الشخص الذي لا يتعدي دخله اليومي‏1.25‏ دولار ويصل عدد الفقراء طبقا لهذا المعيار الي مليار و‏400‏ مليون شخص علي مستوي العالم اضافت لهم الأزمة العالمية المالية والاقتصادية الأخيرة مائة مليون شخص‏,‏ وفي ظل تواضع قيمة هذا الدخل وعدم كفايته لتوفير الحد الأدني من السعرات الحرارية اللازمة للبقاء علي الحياة والحركة والنشاط فإن المعايير الدولية تضيف معيارا اخر من باب التصحيح والتصويب وهو معيار دولارين في اليوم كمتوسط لدخل الفرد ومعه يرتفع عدد الفقراء في العالم وفقا للتقديرات الدولية الي نحو‏2.7‏ نحو ونصف مرة ضعف عدد الفقراء وفقا للمعيار الأول المتواضع والبسيط‏,‏ والذي يعد بحساب المؤشرات الإحصائية الاقتصادية في حكم المعيار غير المعبر وغير الكاشف عن الحقيقة والمشكلة مما يؤدي الي اساءة الفهم والتقييم وبالتالي اساءة تقدير الحلول اللازمة والضرورية‏.‏

وتتحول المعايير الدولية لتحديد الفقر والفقراء الي غابة كثيفة مظلمة يمتنع معها رؤية الحقائق وادراكها عندما يتم تطبيقها في الواقع الوطني والمحلي لدول العالم المختلفة خاصة الدول النامية عندما يتم حساب قيمة الدولار الأمريكي وفقا للقوة الشرائية الحقيقية للنقود‏,‏ وليس وفقا لأسعار الصرف المعلنة للعملة الوطنية‏,‏ وعلي سبيل المثال فإن معيار دولار وربع الدولار عند حسابه بالجنيه المصري وفقا لقاعدة القوة الشرائية الحقيقية يساوي جنيهين مصريين فقط لا غير‏,‏ في حين ان حسابه بسعر الصرف المعلن يساوي نحو‏6.85‏ جنيه‏,‏ ويعني ذلك بالتالي ان حد الفقر في الحالة المصرية ينطبق علي هؤلاء الأشخاص الذين يحصلون علي دخل يقل عن جنيهين يوميا في المتوسط وهو مبلغ بالغ التواضع ولا يصلح مؤشرا لقياس الفقر ويؤدي بالتالي الي خلل في السياسات الاجتماعية اللازمة لمكافحة الفقر وعلاجه‏,‏ ومن أبرز الأمثلة علي ذلك ان الأسر المتمتعة في الوقت الراهن بمعاش الضمان الاجتماعي لا يتعدي تقديرها‏1.2‏ مليون اسرة وتقديرات الأفق الزمني المتوسط تستهدف زيادتها الي مليوني اسرة ترتفع بعد ذلك الي‏3‏ ملايين اسرة‏,‏ وذلك من اجمالي الأسر المصرية التي يقدر عددها بنحو‏18.5‏ مليون اسرة‏.‏

وتتعقد مشكلات تعريف الفقر والفقراء عالميا ومصريا من حقائق الواقع المؤكدة ان العمل لا يعني بالضرورة الخروج من دائرة الفقر والفقراء في ظل انتشار العمل بالقطاع غير المنظم وتدني مهارات وكفاءات الغالبية العظمي من العاملين به‏,‏ وكذلك في ظل العمل الموسمي المؤقت بقطاع الزراعة وارتفاع نسبة السكان الذين يعيشون بالريف‏,‏ وتوضح مؤشرات منظمة العمل العربية ان عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي يبلغ نحو‏17‏ مليون عاطل‏,‏ في حين ان عدد الفقراء يصل لنحو‏55‏ مليون عاطل ويعني ذلك ان هناك من قوة العمل العربية نحو‏38‏ مليون مشتغل بالفعل يقعون تحت حد الفقر‏,‏ بالرغم من التحاقهم بالعمل بكل صوره وبكل أشكاله‏,‏ ويكشف ذلك عن أن ما يحصلون عليه من أجر لا يكفي لمواجهة نفقات المعيشة الأساسية‏,‏ وان ظاهرة العمال الفقراء تشكل جانبا رئيسيا من جوانب ظاهرة الفقر وهو ما يحتم علي السياسات الاجتماعية الفاعلة ان تأخذ في الاعتبار هذه الجوانب وتقرر لها أشكال المساندة والدعم اللازمة والضرورية‏.‏

وخلال الفترة من‏23‏ الي‏25‏ فبراير الماضي شاركت في ورشة عمل عنوانها القروض الصغيرة‏...‏ تمكين اقتصادي للنساء‏..‏ أم تخفيف من الفقر عقدت بمدينة الأقصر ونظمها ملتقي تنمية المرأة برئاسة الكاتبة الصحفية فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة الأهالي بالاشتراك مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية‏,‏ وتركزت النقاشات حول القروض متناهية الصغر ودورها في توفير فرص العمل والدخل للأسر الفقيرة وللمرأة تحديدا‏,‏ خاصة أن المؤشرات الاحصائية تكشف عن ظاهرة اجتماعية واقتصادية شديدة الخطورة في الحاضر والمستقبل مع ارتفاع عدد الأسر التي تعيلها المرأة الي‏40%‏ من الأسر المصرية‏,‏ وهو الأمر الذي يكشف عن المسئوليات الانسانية والاجتماعية والمادية الفادحة والحادة التي تتحملها المرأة المصرية وضرورة ان تراعي السياسات الاجتماعية هذا الواقع المؤلمم وانعكاساته الشديدة القسوة علي الفقر والفقراء وان يتم اعداد منظومة متكاملة تخاطب بالاساس والدرجة الأولي الأسر التي تتولي مسئوليتها المرأة لتخفيف الأعباء الملقاة علي عاتقها‏,‏ وهو ما قد يكون احد أجنحته فقط القروض الصغيرة والقروض متناهية الصغر مع ضرورة تكاملها مع مساعدات مباشرة للضمان الاجتماعي المادي المنتظم وتوفير الاحتياجات الانسانية والضرورية من المسكن والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات العامة الرئيسية بشكل مستقر ودائم‏.‏

فائدة قروض الفقراء تزيد كثيرا عن فائدة قروض الاغنياء

وقد كشفت المناقشات عن مجموعة من العجائب التي تخرج عن نطاق التصديق والتوقع في مقدمتها اسعار الفائدة التي يتم توفير القروض الصغيرة ومتناهية الصغر للمستفيدات والمستفيدين‏,‏ حيث تتراوح الفائدة بين‏16%‏ و‏18%‏ وهي فائدة بجميع المعايير والمقاييس تفقد هذه القروض الصفة الاجتماعية اللازمة وتضعها تحت بند القروض الربوية الخالصة بحكم ان الأرباح المحققة من المشروع الصغير هي أرباح بالضرورة متواضعة وبسيطة ولا يمكن ان تغطي هذه الفائدة المجنونة‏,‏ واتضح من الشرح أن الصندوق الاجتماعي للتنمية يقوم بتوفير مبالغ القروض لجمعيات أهلية بسعر فائدة يتراوح بين‏9%‏ و‏11%‏ وتحتاج هذه الجمعيات الي تغطية مصروفاتها ونفقاتها فتضيف الي فائدة الصندوق الاجتماعي مصاريف إدارية تتراوح بين‏6%‏ و‏7%,‏ وبكل المعايير والمقاييس المصرفية والاستثمارية الفائدة الاجمالية باهظة وتستهلك عائد المشروع ولا تترك لصاحبه الا الفتات أو فتات الفتات ويضطر الكثيرون الي السداد عن طريق الاستدانة عندما يحين وقت الاستحقاق أو يتعرض للملاحقة والمطاردة القانونية القاسية التي لا ترحم‏,‏ خاصة ان الحصول علي القروض يستلزم ضامنا له وظيفة حكومية ودخل منتظم‏,‏ كما يستوجب توقيع الحاصل علي القرض وضامنه علي ايصالات أمانة وغيرها من الضوابط والقيود البيروقراطية التي يصبح أمامها المرابي شيلوك اليهودي في مسرحية شكسبير تاجر البندقية مجرد حمل وديع‏,‏ في حين ان المسرحية تقدمه في صورة الوحش الكاسر المجرد من الانسانية والرحمة المتلذذ بعذابات المحتاجين والعاجزين عن سداد ديونه الربوية الفاحشة‏.‏

وبالمنطق الاقتصادي البسيط فإن البنك المركزي المصري ومنذ الربع الأخير من عام‏2008‏ ومع الأزمة المالية العالمية وتبني الدول الصناعية الكبري لسياسة الفائدة صفر كأحد المخارج الرئيسية من الأزمة الكارثية قرر تخفيض سعر الفائدة الاساسي للجنيه ست مرات متتالية تراوحت قيمة التخفيض في المرة الواحدة بين ربع ونصف في المائة وكان أحد المبررات المهمة للتخفيض يرتبط بتشجيع الاستثمار وتشجيع مجتمع الأعمال علي المزيد من الاقتراض منخفض التكلفة لتنشيط عجلة الاقتصاد‏,‏ وفي ظل استحواذ المشروعات الكبيرة بالدرجة الأساسية علي الجزء الأكبر من القروض المصرفية وتدني القروض المقدمة للمشروعات المتوسطة وشبه غيابها للمشروعات الصغيرة‏,‏ فإن هدف تخفيض أعباء القروض المصرفية استفاد منه بالدرجة الأولي الأكثر مقدرة مالية‏,‏ وهو في نفس الوقت الأكثر كفاءة والأكثر قدرة علي التنظيم والادارة وتحقيق الربح الأعلي والأكبر‏,‏ وكان من الواجب بل ومن الضروري والحتمي ان ينعكس ذلك علي سياسات الاقراض من الصندوق الاجتماعي بحكم انه يعمل كجزء من النشاط العام للدولة واهدافه في دعم الاستثمارات الصغيرة ومتناهية الصغر يجب ان تتجاوب مع توجهات سعر الفائدة الرئيسي المعلن من البنك المركزي وان يتم دائما الحفاظ علي الهامش الاجتماعي لسعر فائدة القروض التي يقدمها الصندوق‏,‏ وهو هامش يجب أن لا يسمح فقط بل يحتم ان يكون هناك فارق واضح وملموس بين سعر الفائدة علي القروض المصرفية وسعر فائدة قروض الصندوق‏,‏ ولكن للأسف الشديد لم يحدث ذلك ودخل الصندوق مع أهل الكهف وشاركهم في نومهم الطويل علي حساب السياسات الاجتماعية وبما يؤدي لإثارة الكثير من الشكوك والريبة حولها دون مبرر وبدون أي دواعي حقيقية علي أرض الواقع‏.‏

ولا يقتصر العجب والاستغراب من المغالاة الشديدة والحادة في أسعار الفائدة للقروض الصغيرة ومتناهية الصغر علي هذه الجوانب فقط بل يمتد أيضا عند المقارنة مع أسعار الفائدة التي تقدمها البنوك العامة والاستثمارية والخاصة وفروع البنوك العالمية لقروض التجزئة المصرفية وفي مقدمتها قروض تمويل شراء السيارات بالتقسيط‏,‏ وهي قروض تستهدف فئات قادرة حتي لو تباينت درجة قدرتها وثرائها وفي ظل المنافسة المصرفية فان اسعار الفائدة لهذه القروض تصل لأقل من نصف أسعار فائدة الصندوق الاجتماعي كمتوسط عام علي الأقل مما يؤكد الخلل الشديد في حساب وتقدير سعر الفائدة والغياب الكامل للبعد الاجتماعي عند الحساب والتقدير‏,‏ ويصل الامر في ظل المقارنات الي اتهام سعر الفائدة للصندوق بعدم الرشاد الاقتصادي واستغلال البسطاء من البشر الذين لا تتوافر لديهم الثقافة المصرفية ولا تتوافر لديهم أدوات التعامل مع البنوك لتحميلهم بأسعار فائدة فلكية وشاذة قياسا الي ما يتم من معاملات تنافسية وعادية في السوق المصرفية المصرية‏.‏

ومع ما حققه الصندوق الاجتماعي من عوائد نتيجة لاسعار الفائدة المرتفعة علي امتداد السنوات الماضية‏,‏ خاصة ان اموال الصندوق في مجملها منح خارجية ومنح من الحكومة المصرية‏,‏ فإن جانبا من هذه العوائد يجب ان يخصص بشكل جدي لتمويل المصاريف الإدارية للجمعيات الأهلية التي تتولي الاشراف علي عمليات الاقراض في المحافظات المختلفة‏,‏ كما ان برامج الدعم الفني للمشر وعات الصغيرة ومتناهية الصغر والتي دخلت بشهادات الجميع الي غرفة الانتعاش يجب ان يعاد تنظيمها ورسم استراتيجيتها وتحديث آلياتها لتتحول الي اداة فعالة بالاشتراك مع جهات أخري في الدولة مسئولة عن السياسات الاجتماعية لرفع الكفاءات والمهارات والقدرات للمستفيدين من القروض وتمكينهم من النجاح وتعظيم العائد والأرباح اضافة لمساندة المقترضين للخروج من دائرة الافكار النمطية والتقليدية التي يتنافس الجميع في اطارها ونطاقها بدرجة غير ايجابية تتسبب في عجز الكثيرين عن الاستمرار في النشاط مع حتمية الاهتمام المكثف بالتسويق بأساليب حديثة وعلمية تبدأ برفع مستوي المنتج والتركيز علي الانتاج المطلوب في السوق وتنتهي بصورة طبيعية بتوافر منتج عالي الكفاءة والجودة يلبي احتياجات وأذواق جمهور المستهلكين في السوق المحلية والأسواق الخارجية‏,‏ وحتي في نطاق الصناعات الحرفية والتقليدية‏,‏ فإن الجودة والتطوير والاضافة أصبحت مستلزمات ضرورية للتسويق الناجح‏.‏

وتتأكد حدة مشكلة الفقر والفقراء والضرورة القصوي للاهتمام المكثف والمنضبط بالقروض الصغيرة ومتناهية الصغر مما رصدته مؤشرات النتائج النهائية للتعداد العام للسكان والاسكان والمنشآت الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مايو‏2008‏ عن التعداد الأخير لعام‏2006,‏ والذي يوضح ان عدد المنشآت الصغيرة التي يعمل بها بين‏(1‏ ـ‏4)‏ مشتغل يبلغ مليونين و‏253‏ ألف منشأة بزيادة معدلها‏42.99%‏ بالمقارنة بعام‏1996‏ وهي منشآت في الغالب الأعم تصنف تحت بند الاقتصاد غير المنظم المسمي بالاقتصاد الموازي غير الرسمي‏,‏ ويمكن ان يصنف تحت هذا البند أيضا المنشآت التي رصدها التعداد ويعمل بها من‏(5‏ ـ‏9)‏ مشتغلين ويبلغ عددها‏152‏ الفا و‏445‏ منشأة بنسبة‏6.22%‏ من اجمالي المنشآت وبزيادة معدلها‏70.42%‏ وتعكس هذه المنشآت بالدرجة الأولي مبادرات فردية تدور أساسا في النطاق الأسري والعائلي وكذلك في النطاق الجغرافي الواحد القريب للتوفير الذاتي لفرص العمل في أعمال حرفية بسيطة لمواجهة تراجع فرص العمل بشكل كبير‏,‏ وفي التحليل الاجمالي فإن التعداد يرصد ان‏98.13%‏ من جملة المنشآت تندرج تحت بند هذه النوعية من المنشآت الصغيرة وان هناك اقبالا متزايدا وواضحا خلال السنوات العشر الأخيرة من جانب قوة العمل للبحث عن هذه الصيغة كمورد رئيسي للدخل والحياة‏,‏ وهي نوعية تشملها قروض الصندوق الاجتماعي ويهتم بمساندتها العديد من الجمعيات الأهلية وتتطلب وقفة مراجعة صارمة وصادمة حتي تصبح كما في العالم المتقدم عمودا فقريا مهما للنشاط الاقتصادي والناتج المحلي الاجمالي‏.‏

‏***‏

لابديل عن مراجعة شاملة للسياسات الاجتماعية للتنمية بما يتوافق مع حقائق الواقع وظروفة واحتياجاته‏,‏ وفي مقدمتها ادراك ان مكافحة الفقر ومساندة الفقراء تأتي في مقدمة أولويات التنمية الشاملة والمستدامة‏,‏ وان أحد المحاور الرئيسية للسياسات الاجتماعية الناجحة يرتبط بتوفير فرصة العمل المنتجة وتحويل البشر علي اختلاف درجات تعليمهم ومعارفهم وقدراتهم الي قوة منتجة بمدهم بالخبرات والمهارات من خلال التدريب المتواصل الذي يرتبط بالاحتياجات الحقيقية لسوق العمل‏,‏ ويساهم في رفع جودة المنتج والانتاج بالمشروعات الحرفية والصغيرة والأسرية والعائلية حتي يرتفع العائد ويرتفع الدخل الي درجات معقولة وملائمة لمواجهة احتياجات الحياة وضرورات المعيشة‏.‏

وعلي الرغم من أهمية تمكين المرأة اقتصاديا خاصة في ظل ارتفاع معدلات المرأة المعيلة الي معدلات فلكية تصل الي حدود مسئوليتها المنفردة عن‏40%‏ من الأسر المصرية فإن هناك حاجة شديدة لسياسات اجتماعية متكاملة تتوجه بالدرجة الأولي نحو المرأة تستهدف أولا مساندتها في مواجهة ضغوط الفقر بجميع اشكالها وصورها ومساعدتها لبناء اسرة مصرية قادرة وقوية تستطيع ان تشارك في المستقبل في بناء مصر الطموح والأمل وتتيح الفرصة لان يتحول حديث الاستثمار البشري الي واقع فعلي يستظل به كل المصريين علي امتداد الحيز الجغرافي من أقصي الشمال إلي أقصي الجنوب‏,‏ ومن أقصي الشرق إلي أقصي الغرب بغير تمييز وبدون تفرقة‏.‏

لابد من رفع يد البيروقراطية عن سياسات الاقراض الاجتماعية واتخاذ اجراءات فورية حاسمة لتخفيض سعر الفائدة الاجمالي النهائي بما لايتعدي‏6%‏ سنويا حتي يقترب من سعر فائدة قروض امتلاك السيارات وغيرها من قروض التجزئة المصرفية التي تتوسع فيها البنوك يوما بعد يوم وتحصل من ورائها علي الكثير من الأرباح‏,‏ وحان الوقت والأوان لإعادة الحياة الي بنك ناصر الاجتماعي والإسراع بخروجه من مرحلة الموت السريري التي يقبع بها منذ سنوات طويلة‏,‏ فقد كانت له في السابق مساهمات رائدة ومشروعات مهمة لمكافحة ظاهرة الفقر‏,‏ وحان الوقت والأوان للقبول بفكرة تعدد الجهات المساندة والداعمة للسياسات الاجتماعية بحكم ان احتياجاتها التمويلية شديدة الضخامة في ظل اوضاع الحال المصرية بعمومياتها وتفصيلاتها؟‏!.‏