أصابت عدوي الإضرابات عددا من العواصم الأوروبية وانتشرت من قطاع النقل الجوي في ألمانيا و فرنسا و بريطانيا‏,‏ إلي إضراب عام في جميع القطاعات اليونانية‏,‏ وحتي وسط عمال محطات البنزين في قبرص.

فبعد يوم واحد من بدء إضراب‏4‏ آلاف من طياري شركة لوفتهانزا تم استئنافها بعد جولة أولي فاشلة كانت تهدف للحيلولة دون بدء الإضراب من الأساس‏.‏

وتوصل مسئولو لوفتهانزا و الاتحاد العمالي الممثل لطياري الشركة إلي اتفاق أمام المحكمة العمالية الألمانية يقضي بتعليق الإضراب حتي التاسع من مارس المقبل والشروع في التفاوض لحسم الخلاف بين الجانبين بخصوص تأمين وظائف الطيارين و زيادة رواتبهم بمقدار‏6%.‏ و كان من المقرر أن يستمر الإضراب الذي بدأ أمس الأول بمشاركة نحو‏4‏ آلاف طيار‏,‏ لمدة أربعة أيام وأن يكبد لوفتهانزا‏,‏ شركة الطيران الأكبر أوروبيا‏,‏ خسائر تقدر بالملايين‏.‏ وبرغم وأد الإضراب في مهده‏,‏ إلا أن مسئولي الشركة حذروا من أن العمل لن يعود إلي كامل طبيعته و بانتظام قبل يوم الجمعة المقبل‏.‏ و كان إضراب اليوم الواحد في لوفتهانزا‏,‏ قد أثر سلبا علي خطط ما تم تقديره بنحو‏10‏ آلاف راكب ليس في مطارات ألمانيا فقط و لكن في عدد من مطارات أوروبا و العالم‏.‏

ومع التراجع المؤقت لأزمة إضرابات لوفتهانزا‏,‏ لم تظهر أي بادرة علي انفراج وشيك فيما يخص إضرابات قطاع مراقبي الطيران في المطارات الفرنسية الذي بدأ أمس الأول ومن المقرر استمراره من أربعة إلي خمسة أيام‏.‏ وكان الإضراب الفرنسي قد تسبب في إلغاء‏50%‏ من رحلات مطار أورلي و‏52%‏ من رحلات مطار شارل ديجول خلال اليومين الماضيين وسط احتجاجات واسعة في أوساط الركاب‏.‏ وتسعي الاتحادات العمالية التي تمثل المضربين في قطاع الطيران الفرنسي لاستغلال موسم الاجازات المدرسية الحالي وقرب موعد الانتخابات المحلية في فرنسا الشهر المقبل‏,‏ في الضغط علي حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي حتي تتم الإستجابة لمطالبهم بخصوص تأمين بقائهم في وظائفهم واستمرار حصولهم علي المزايا الوظيفية التي يخشون خسارتها عقب الدمج المزمع بين مؤسسات مراقبي الطيران في عدد من الدول الأوروبية‏.‏

وبخلاف إضرابات قطاع الطيران في فرنسا‏,‏ تشهد البلاد أزمة أخري مع اتساع نطاق إضراب عمال محطات تكرير البترول في فرنسا لتشمل شركة أيكسون‏-‏ موبيل الذين انضموا إلي زملائهم في شركة توتال والمضربين منذ سبعة أيام احتجاجا علي الإغلاق الوشيك لأحد مراكز التكرير شمال البلاد‏.‏ و من المعروف أن الشركتين اللتين يشملهما الإضراب حاليا تسيطران علي‏07%‏ من القدرات التكريرية في فرنسا‏.‏ و أكد المراقبون أن هذه الإضرابات الفرنسية بمثابة أحد أسباب ارتفاع أسعار البترول عالميا إلي ما فوق‏80‏ دولارا للبرميل‏.‏

ومن أثينا ـ كتب عبد الستار بركات‏:‏ للمرة الثانية خلال أسبوعين فقط‏,‏ أعلن مطار أثنيا الدولي عن وقف رحالات الطيران التابعة لشركتي أوليمبيك و إيجيان عقب إضراب موظفي أبراج المراقبة و عمال المطار‏.‏ و لكن الأزمة في اليونان لم تتوقف عند حد المطارات‏,‏ فقد شهدت مختلف القطاعات في البلاد إضرابا للاحتجاج علي الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الحكومة ضد مختلف قطاعات الشعب بخصوص الرواتب والتأمينات الاجتماعية عقب الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد أخيرا‏.‏ فقد تم إعلان إغلاق أبواب المدارس و الجامعات في العاصمة أثينا وغيرها من المدن الرئيسية في اليونان‏,‏ نظرا لإضراب المدرسين وأساتذة الجامعات‏.‏ وبسبب إضرابات مماثلة في قطاعات أخري‏,‏ بدأ توقف العمل في المستشفيات والبنوك وأغلب المصالح الحكومية مثل شركات الكهرباء والهواتف‏.‏ كما يشارك في موجة الإضرابات اليونانية‏,‏ العاملون في مختلف وسائل الإعلام حيث انضم الصحفيون للإضراب واكتفت القنوات التليفزيونية بعرض أفلام تسجيلية وبرامج قديمة‏.‏ وشهدت العاصمة اليونانية خروج مظاهرات واسعة شارك فيها أعضاء الإتحادات العمالية والمهنية علي أن تنتهي المظاهرات أمام البرلمان لتقديم بيان بمطالب المتظاهرين وفي مقدمتها العدول عن القرارات الحكومية التي تم إصدارها أخيرا‏.‏ وفي قبرص‏,‏ بدأت محطات توزيع البنزين أمس إضرابا مفتوحا للاحتجاج علي قرار حكومي يحدد سعر البنزين و بانخفاض عن أسعاره الحالية‏.‏ وأعلن أصحاب محال البنزين أن الإضراب سيستمر مادامت الحكومة مستمرة في تطبيق قرارها الجديد‏,‏ مؤكدين أن هامش ربحهم محدود و أن القرار الجديد ينال من هذه الأرباح المتواضعة‏.‏