كشفت مذكرة سرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن إيران أبلغت مفتشي الوكالة أنها ستبدأ تخصيب اليورانيوم لدرجة أعلى خلال أيام بعد الانتهاء من الاستعدادات اللازمة لذلك.
وأعلنت إيران الثلاثاء أنها بدأت تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20%، لكن مذكرة الوكالة التي حصلت عليها رويترز قالت "أبلغنا بأن من المتوقع أن تبدأ منشأة نطنز إنتاج (اليورانيوم المنقى) إلى درجة تصل إلى 20% خلال بضعة أيام".
وقالت مذكرة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو إن إيران أعادت معايرة 164 جهاز طرد مركزي، وهو جزء ضئيل من آلاف أجهزة تخصيب اليورانيوم التي لديها لاستخدامها في تخصيب اليورانيوم لدرجة أعلى في منشأة نطنز التجريبية.
قلق
وأضاف أمانو في مذكرته أنه يشعر بالقلق لعدم إبلاغ الوكالة سلفا بهذا الإجراء، الذي تقول القوى الغربية إنه سيثير الشكوك في أن إيران تهدف إلى الاقتراب من تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% المناسبة لصنع قنابل نووية، وهو ما تنفيه طهران.
وأوضح أن إيران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الخطة يوم الاثنين وأن الوكالة طلبت على وجه السرعة من إيران عدم البدء قبل أن يتمكن المفتشون من تعديل إجراءات المراقبة وتلقي إيضاح بشأن المدة المتوقعة للبرنامج الجديد والتفاصيل الفنية.
وجاء في المذكرة "يوم الأربعاء عندما وصل مفتشو الوكالة إلى المنشأة التجريبية أبلغوا بأن إيران بدأت تغذية اليورانيوم منخفض التخصيب إلى شبكة أجهزة الطرد المركزي في الليلة السابقة لأغراض الاختبار".
وقال دبلوماسي رفيع على دراية بعمليات الوكالة لرويترز "كان ينبغي تنبيه الوكالة في وقت سابق، بأنه توجه خطير ليس من شأنه إلا أن يؤدي لتدهور الأمور، ويبدو أن المواجهة مع الغرب ستزداد".
وتقول ايران إن تنقية اليورانيوم لمستوى أعلى هدفه الوحيد هو إنتاج وقود للحفاظ على تشغيل مفاعل نووي طبي في طهران.
مبادلة اليورانيوم
وأكدت إيران في وقت سابق الأربعاء أن المجال لا يزال متاحا للتفاوض بشأن مبادلة اليورانيوم المخصب رغم إعلانها رفع درجة التخصيب.
فقد أوضح مدير الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي في تصريح أن صفقة مبادلة اليورانيوم المخصب طبقا لمسودة اتفاق فيينا التي طرحتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تزال قائمة.
بيد أن المسؤول الإيراني عاد وجدد موقف بلاده التي ربطت موافقتها بأن يكون التبادل متزامنا داخل أراضيها بحيث تقدم إيران كمية اليورانيوم المخصب لديها بنسبة 3% مقابل حصولها على اليورانيوم المخصب 20% لاستخدامه في تشغيل مفاعل طهران للأغراض الطبية.
واقترح صالحي في حديثه إمكانية وضع اليورانيوم الإيراني في عبوات محكمة الإغلاق مختومة تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى حين تسلمها الوقود النووي من الخارج، وشدد على أن قرار إيران رفع درجة التخصيب جاء ردا على رفض الغرب تسليمها الوقود النووي اللازم لإنتاج النظائر المشعة لعلاج أكثر من 850 ألف إيراني مصاب بالسرطان.
اشتراطات
وفي التفاصيل الفنية المتصلة بتقنيات رفع درجة التخصيب قال مصدر دبلوماسي مقرب من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن العملية تشترط إعادة تأهيل أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%.
ولفت المصدر الدبلوماسي إلى أن هذا الإجراء التمهيدي عادة يستغرق شهرا أو شهرين، وهو ما لم يلحظه مفتشو الوكالة الدولية في إيران قبل إعلانها قرار رفع التخصيب.
ويرى خبراء أن رفع درجة التخصيب إلى نسبة 20% -وإن كان أقل كثيرا من النسبة المطلوبة لإنتاج قنبلة نووية - يبقى خطوة على هذا الطريق طالما أن التقنيات هي نفسها، فضلا عن أن تخصيب اليورانيوم على مستوى منخفض يعد من أكثر المراحل صعوبة واستهلاكا للوقت.