fiogf49gjkf0d
تعالت أصوات التيار الإسلامي في المطالبة بأسلمة البنوك التجارية والتوسع في تقديم منتجات مصرفية وفقا للشريعة الاسلامية، في الوقت الذي تحاول فيه البنوك التجارية تنويع منتجاتها حتي تحصل علي جزء من كعكة النشاط المصرفي.
خبراء الاقتصاد الاسلامي أكدوا أن التغيير المفاجئ غير مرغوب، وأن التدرج هو الحل الأمثل، وأنه لا خشية أو خوف من التوسع في المنتجات المصرفية الإسلامية، وبين سطور هذا التحقيق كانت أقوالهم ومقترحاتهم:
بداية يقول فضيلة الدكتور محمد الشحات، رئيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية إن الشرع الإسلامي وضع أسس مصرفية إسلامية سليمة تقوم البنوك الغربية – حاليًا – بتطبيقها بعدما فشلت أنظمتها التجارية المعروفة عالميًا.
ويضيف أن النظام الاقتصادي الإسلامي المصرفي يعتمد على تشغيل رءوس الأموال، وليس إقراضها لضمان دورات رأسمالية عادية تتيح تشغيل العمالة وإنتاج السلع والخدمات التي يحتاجها الأفراد في المجتمع لكي نضمن عدم الحاجة إلى ظهور الاحتكارات في أسعار السلع أو وجود بطالة في المجتمع الإسلامي يترتب عليها جرائم اجتماعية خطيرة.
ويشير إلى أن معظم البنوك والفروع الإسلامية تطلب من رجل الأعمال ضمانات لكي تضمن عودة هذه الأموال، وهذا الأسلوب يضمن استخدام الأموال كوسيط للعملية الانتاجية.. فهذا النظام متكاملاً طبقاً لعقود المشاركة والاستثمار، وإذا كان هذا النظام يطبق بشكل أو صورة مشوهة فالعيب يكون من الأفراد الذين يطبقونه وليس في أركانه الأساسية إضافة إلى ذلك فإن البنوك التجارية تغالي في سعر العائد الذي تقرض به بينما سعر الإيداع مناسب وهذا يفسر ارتفاع صافي الأرباح التي تحققها البنوك كل عام بما يعني أن الإتجار في الأموال يجني عائدا كبيرا وهو ما يهدد قيمة العمل، ويري أن أنسب المشروعات لتطبيق الصيرفة الإسلامية يكون في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
أما مجدي فرحات مدير أحد الفروع الاسلامية ببنك قناة السويس فينفي وجود ما يعرف بأسلمة البنوك لكن هناك ما يعرف بالتطبيقات الإسلامية التي تراعي أن يكون سعر العائد متغيرًا، وفقاً لنسب الأرباح أو الخسائر علي أن يتم استخدام هذه الأموال في مشروعات انتاجية تعمل علي إدارة عجلة الانتاج علي أن تعرض هذه المشروعات المراد تمويلها علي هيئة الرقابة الشرعية التي يشكلها كل بنك لمناقشة المشروعات قبل تمويلها، وإذا ما تعثر العميل في مشروعه يتم إرسال الخبراء المتخصصين إلى هذا المتعثر لدراسة أحواله وأسباب تعثره بل أن البنك يقوم بشراء الخامات.
ويؤكد أن مجمع البحوث الاسلامية قد حسم الجدل حول قروض البنوك، حيث اعتبر هذه القروض والايداعات معاملات شرعية، مؤكدًا أن بيان الأزهر هو المرجعية الوحيدة للفتاوي المتعلقة بمعاملات البنوك سيقطع الطريق علي الفتاوي المتشددة التي يصدرها بعض المتشددين.
أما بسنت فهمي، المستشار السابق لرئيس بنك البركة – مصر، فتقول إن كل بنك لديه إدارة متخصصة لتسويق منتجاته والإدارة الناجحة هي التي تلبي رغبات عملائها وهذا يفسر اتجاه معظم البنوك إلى انشاء فروع للمعاملات الإسلامية لأن هناك اقبالاً ملحوظاً علي مثل هذه المعاملات، خصوصًا وأن البنوك الإسلامية مثل فيصل الاسلامي والبركة - مصر والوطني للتنمية تتنافس فيما بينها لجذب العملاء والمودعين.
وتوضح أن البنوك الاسلامية تقدم للعميل سلعة أو "معده" أو "آلة" يحتاجها لتشغيل مشروعه وتتابع هذا العميل في كافة مراحله أما البنوك التجارية فتتسلم إليه قيمة القرض نقدًا دون أن يعرف أو يتابع البنك كيف سيقوم هذا المقترض بإنفاق هذه الأموال ونتيجة لغياب هذه المتابعة يتعثر العميل في إقامة مشروعه أو النهوض به فتزداد حالات التعثر بين العملاء.
أما عمرو طنطاوي، مدير عام الفروع ببنك مصر إيران للتنمية، فيقول بأنه لا توجد فروقاً واسعة بين البنوك الاسلامية والتجارية سواء من حيث هامش الربحية أو تمويل شراء السلع مشيراً إلي أن البنوك التجارية لا تقرض إلا من يتوفر لديه سيولة نقدية عالية لضمان رد قيمة القرض والعوائد، أما البنوك الاسلامية فهي يمكن أن تكون مناسبة لتقديم الإعانات للفقراء والمساكين، وكذلك يمكنها أن تلعب دورًا كبيرًا في مجال تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسط.
ويوضح أن البنوك التجارية تقوم بعمل مخصصات للديون المعدومه من أرباحها بل وتحرص علي تعويم العملاء وتقديم المساعدات الفنية والمتخصصة وضخ أموال في شرايين هذه المنشأت المتعثرة حتي تسترد عافيتها لتحقيق النمو طالما أصحابها جاديين، وتعرضوا لظروف قهرية أو تقلبات اقتصادية خارج عن إرادتهم .
يؤكد أن البنوك أصبحت لا تقدم قروضا نقدية إلي العملاء وتتركهم يتصرفون في هذه الأموال كما يشاءون بل أن البنك يقوم بتوقيع عقد مشاركة مع المتعثر في إدارة المشروع ومساعدته فنيًا وماديًا، وبمجرد أن تنصلح أحواله المالية والتجارية يرفض الخبراء المصرفيين الاستمرارية طالما عاد المشروع إلي وضعه الطبيعي .
ويري الدكتور عبدالحليم عمر أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر والمستشار الاقتصادي لأحد البنوك الاسلامية الكبري أن ربوية سعر الفائدة المحدد ناتج عن الاتجار في الفلوس واستخدامها في الإقراض علمًا بأن الفقه الإسلامي يؤكد علي أن الاقراض كوسيط في شراء السلع والمنتجات لأن النقود فقط يجري فيها الربا الذي حرمه الشرع، ويبقي لها وظيفة اساسية بأنها وسيطاً للتبادل ومخزناً للقيمة وأداة لتعويم أثمان الأشياء وبالتالي فهي ليست سلعة خاصة للعرض والطلب لكنها تؤدي دورها في الحفاظ علي استقرار المعاملات الاسلامية دون التأثير المباشر في قيمة السلع والخدمات.
ويقول أن هناك تحديات كبيرة تواجه نظام الصيرفه الاسلامية مثل ضرورة الموائمة بين المعايير المصرفية الداخلية والمعايير الدولية إضافة إلي ضرورة البحث عن وسائل حديثه لإدارة المخاطر التي تنشأ عن عقود المرابحة والاستثمار مع مراعاة عدم وجود فجوات واسعة بين المذاهب الفقهية حتي لا تحدث فقداناً للثقة بين المتعاملين بهذا النظام .
ويؤكد أن التغيرات المفاجئة للبنوك التقليدية وتحويلها إلى بنوك إسلامية كاملة الكيان والإدارة أمر صعب للغاية، بسبب اختلاف المعايير المحاسبية في كلا النظامين، وكذا نظم الإدارة لكنه لا يقلل من الدور الذي تلعبه هذه البنوك الاسلامية علي مدي عمرها المهني، سواء داخل مصر أو في دول العالم المختلفة، مشيرًا إلى أن السعودية لاتزال تحتفظ بالبنوك التجارية بجانب الإسلامية لصالح الاقتصاد السعودي.