علي الرغم من صدور قانون حماية المستهلك منذ أكثر من ثلاث سنوات‏,‏ والذي كان يتوقع ان يسهم في ضبط الاسواق فإن شكاوي المواطنين تتزايد من سلع تفتقد الجودة والسلامة والأمان.

سواء كانت سلعا نصف معمرة أو منتجات مثل السيارات وأجهزة التليفون المحمول‏ ، كما تزايدت الشكاوي من سوء الخدمات في العديد من القطاعات‏.‏

وبعد ان كانت المنتجات المصرية التي يطلق عليها صناعة بئر السلم هي التي موضع شكوي المستهلك وخبراء السوق‏,‏ اصبح كثير من السلع المستوردة وبعض انواع السلع التي تنتجها الشركات الكبري في السوق المحلية‏,‏ موضع شكوي المستهلك‏.‏

وهو ما يعكس عدم كفاءة تطبيق القوانين‏,‏ وافتقادها الآليات اللازمة لتفعيلها خاصة قانون حماية المستهلك الذي كان يتوقع ان يمثل اداة رادعة وضابطة لحالات الخلل الموجودة في الاسواق‏,‏ اسواق السلع المختلفة بدءا من السلع الغذائية إلي السيارات‏.‏

وبنظرة أكثر عمقا واتساعا تتواكب مع التطورات التي تحدث كل يوم بالاسواق وحوادث تعكس تدهور قطاعات الخدمات بمجالاتها المختلفة‏,‏ يمكن ادراج حوادث القطارات‏,‏ وحوادث تلوث المياه المتكررة وحادث غرق العبارة السلام‏98‏ ضمن الحالات التي تخضع لقانون حماية المستهلك‏,‏ فالمستهلك في القانون ليس بالنسبة للسلعة فقط ولكن السلع والخدمات‏,‏ فلماذا لم يمثل قانون حماية المستهلك وسيلة ضبط في اسواق السلع والخدمات‏,‏ ولماذا تزايدت شكوي المواطنين من انخفاض مستوي السلع المطروحة في السوق وكثرة الاخطاء الفنية‏,‏ والدعاية التي تتناول مواصفات غير موجودة بالسلعة‏,‏ وماهي الآليات التي يفتقدها القانون ليقوم بدور أكثر فاعلية في حماية المستهلك‏,‏ وهل الوضع الراهن لجهاز حماية المستهلك وهو جهاز مركزي‏,‏ يعتمد علي عدد محدود من الجمعيات الأهلية تفتقد التمويل والكفاءات البشرية اللازمة‏,‏ كما تمنع من آلية مهمة لتنفيذ القانون وهو حق الضبطية القضائية لاعضائها‏.‏ وماهو تقييم خبراء جمعيات حماية المستهلك وملاحظاتهم علي القانون من خلال الفترة منذ بدء تطبيقه‏.‏

عوامل كثيرة تفرض طرح قضية حماية المستهلك والحفاظ علي سلامته بعد ان طرحت عددا من الشكاوي التي تشير إلي افتقاد المستهلك عوامل الأمان في انواع مختلفة من السلع المطروحة في الاسواق‏.‏

فالمهندس مجدي شرارة ـ وهو احد خبراء الصناعات الصغيرة ـ ارسل شكواه إلي الصفحة الاقتصادية‏,‏ وهي تعرض سيارته لحادث‏,‏ نتيجة حدوث خلل في السيارة عند تخطيها سرعة‏120‏ كيلو مترا في الساعة‏,‏ وهي سيارة فرنسية ماركة‏..‏ وقد رفض التوكيل الاعتراف بالخطأ الفني الموجود بالسيارة‏.‏

ويستطرد في شكواه ان السيارة عندما دخلت التوكيل فوجيء بعدم وجود قطع الغيار اللازمة لها وعدم قدرة الوكيل علي توفير الاجزاء اللازمة علي الرغم من ان السيارة موديل‏2010.‏

والمواطنة س‏.‏ف ذكرت انها قامت بشراء سخان منزلي ماركة ت‏.‏ج وعندما بدأت تشغيله فوجئت بحدوث تسرب في الغاز‏,‏ وان السخان علي الرغم من انه يوفر في استهلاك الغاز ـ كما جاء في اعلانات الشركة لترويجه ـ إلا فانه لايعمل عندما ينخفض مستوي الغاز في اسطوانة البوتاجاز بل يؤدي إلي حدوث اخطار منها تسرب الغاز وحدوث صوت انفجار واشتعال النار خلف السخان‏.‏ وذكرت انها عندما اتصلت باحدي الجهات المسئولة عن المواصفات والجودة نصحها احد المختصين بالتوجه للشركة وحل المشكلة وعندما حضر الفني المختص من الشركة‏..‏ انكر امكانية حدوث هذا الخطأ‏!‏ كما وجه المواطن م‏.‏ج وهو احد الذين حصلوا علي سيارة تاكسي ضمن مشروع تحديث سيارات تاكسي القاهرة‏,‏ شكواه بأنه اكتشف حدوث خطأ فني في طلمبة البنزين عند تشغيله السيارة‏.‏ وقال اخر ـ احد المستفيدين بنفس المشروع ـ انه اكتشف عيبا فنيا في الموتور‏,‏ لكن التوكيل رفض الاعتراف به‏,‏ مما اضطره لاصلاحه علي نفقته الخاصة‏!‏

وذكرت مواطنة اخري انها قامت بشراء بعض المفروشات والملابس الجاهزة‏,‏ لكنها جميعا كانت الصبغات المستعملة فيها غير ثابتة‏,‏ علي الرغم من انها كانت من محلات معروفة ومرتفعة السعر‏,‏ وبعضها يحمل اسماء تجارية شهيرة‏.‏

وقد رصدت الدكتورة زينب عوض الله رئيس الجمعية القومية لحماية المستهلك شكاوي المستهلكين إلي الجمعية‏,‏ واغلبها يتعلق بالاجهزة المنزلية الثلاجات والغسالات حيث تظهر بعض العيوب الفنية التي يكتشفها المستهلك عند التشغيل واشارت إلي احد انواع الثلاجات التي تطرحها احدي كبري الشركات المنتجة في السوق‏,‏ والتي تكررت الشكوي منها‏,‏ كما ذكرت احد انواع المكانس الكهربائية التي تنتجها شرك اخري شهيرة‏,‏ والتي يشكو بعض المستهلكين من تلف احد اجزائها بعد عدة ايام بما يضطر المشتري إلي شرائه مرة أخري علي نفقته الخاصة‏,‏ نظرا لعدم اعتراف الشركة بمسئوليتها عن هذا العيب‏.‏ وفي هذه الحالات تقوم الجمعية بمخاطبة الشركة المنتجة بناء علي الشكوي المقدمة إليها‏,‏ وفي بعض الحالات يتم الزام الشركة باستبدال السلعة‏,‏ أو صرف تعويض للمستهلك بنسبة من ثمنها يتم تحديدها وفقا لفترة استخدامها‏.‏ كما تشير إلي حرص الشركات العالمية علي اسمها في السوق‏,‏ عندما يتم مخاطبتها بناء علي الشكاوي المقدمة من المستهلكين وهو ماحدث في حالة احدي الشركات المنتجة لاجهزة التليفون المحمول‏,‏ حيث اتخذت اجراءات بسحب الجهاز من الاسواق‏,‏ كما قصرت التعامل مع الوكلاء علي التوزيع‏,‏ والغت التوكيل الممنوح لهم بالصيانة‏.‏ وهناك شكاوي اخري خاصة بالسيارات اشار إليها المسئولين في أكثر من جمعية‏,‏ فتشير السيدة سعاد يوسف رئيس جمعية مصر الجديدة لحماية الاسرة والبيئة وحماية المستهلك إلي تكرار الشكوي من بعض انواع السيارات‏,‏ وهناك عيوب يكتشفها المشتري خلال الايام الاولي من الاستلام‏.‏

وفي بعضها يعترف الوكيل بالعيب الموجود فيها‏,‏ لكنها ينفي مسئوليته ويمتنع عن استبدال السيارة أو اصلاحها علي نفقة التوكيل‏,‏ وتذكر ان احد وكلاء الشركات العالمية في السوق المصرية‏,‏ طلب من احد المواطنين احضار تقرير فني بحالة السيارة من احد اساتذة كليات الهندسة يثبت فيه الخطأ الموجود بالسيارة‏,‏ وبموجبه يتم مخاطبة الشركة المنتجة بالخارج‏,‏ للحصول علي سيارة بديلة وقد اضطر المواطن إلي احضار التقرير علي الرغم من الاعباء المالية التي تكبدها في سبيل ذلك‏.‏

وفي هذا المجال تشير الدكتورة سامية الجندي إلي احدي الشكاوي التي قدمت إلي الجمعية من احد الاجانب المقيمين في مصر‏,‏ الذي اكتشف عيبا في السيارة ماركة م‏.‏ب وبفحص السيارة تبين ان احد اجزائها الداخلية يعلوه الصدأ‏,‏ ونفي الوكيل التجاري مسئوليته عن هذا الخطأ‏,‏ لكنه اضطر بعد مواجهة الجمعية له وتهديده باللجوء إلي جهاز حماية المستهلك لاتخاذ اجراءات التقاضي‏,‏ اضطر إلي تغيير هذا الجزء علي نفقة التوكيل‏.‏ كما جاءت تجربة جمعية مصر الجديدة لحماية المستهلك لتشير إلي ان النسبة الأكبر من الشكاوي التي ترد إلي الجمعية‏,‏ تخص السلع المنزلية الثلاجات والغسالات واجهزة الديب فريزر واجهزة التكييف‏.‏ يليها السيارات تم السلع الغذائية‏,‏ وهناك شكاوي خاصة ببعض الملابس الجاهزة واغلبها يتعلق بتغير اللون بعد الاستخدام‏,‏ أو انتهاء فترة صلاحية استخدام القماش‏,‏ كما توجد شكاوي خاصة بالاثاث ومخالفة المنتج أو الموزع لشروط الاتفاق‏.‏

اما بالنسبة للمشاكل المتعلقة بالسلع الغذائية فهي اقل نسبيا من السلع الأخري‏,‏ وكثيرا ما تنظم بعض الجمعيات النشيطة في هذه المجال‏,‏ مثل جمعيتي المعادي ومصر الجديدة حملات علي محلات صناعة الحلوي‏,‏ والسوبر ماركت الموجودة بالمنطقة دون ان تعتمد في ذلك علي وجود شكاوي‏.‏

وقد لاحظت فرق العمل التي تتابع حالة السلع المعروضة في تلك المحلات وتتعرف علي اسعارها‏,‏ لاحظت وجود بعض انواع الحلوي منتهية الصلاحية في احد المحلات الشهيرة‏,‏ وعدم اتباع بعض محلات السوبر ماركت شروط التبريد مما يعرض بعض انواع اللحوم للتلف‏.‏

وفي هذه الحالة تقوم بابلاغ المدير المسئول وانذاره بضرورة الحفاظ علي سلامة المنتجات المعروضة‏,‏ ومراعاة شروط العرض السليمة بالنسبة للسلع الغذائية المحفوظة التي تقتضي سلامة بعض انواعها اتباع شروط دقيقة في العرض والتخزين‏.‏

كما تقوم هذه الجمعيات بعمل مقارنات لاسعار المنتجات والاعلان عن ارخصها مع الاخذ في الاعتبار توفر الجودة ـ ونشر اسعار السلع الاساسية واي محلات السوبر ماركت يعرض اقلها‏,‏ ويساعد علي ذلك وجود صحف خاصة تصدر بهذه الاحياء تساعد علي اخطار المواطنين بها‏.‏