أكد البنك الدولي في احدث تقرير لدعم التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا انه لاتوجد وصفة موحدة للاصلاح يمكن تطبيقها في كل دول المنطقة لتحقيق التنويع الاقتصادي والنمو المستدام‏.‏

حيث إن الدروس المستفادة من نجاحات الماضي واخفاقاته بشأن برامج الاصلاح الموحدة تتطلب البحث والنظر في الاسباب الاساسية لتحقيق معدلات نمو قوي ومستدام ويستبدل التقرير عملية اقتراح وصفات محددة بالتركيز علي ثلاثة جوانب لعملية وضع السياسات تؤثر مجتمعة علي توقعات المستثمرين وهي القوانين والإجراءات الحكومية وكيفية تطبيقها ومصداقية التزام الحكومات بتطبيق الاصلاحات‏.‏

وفيما يتعلق باصلاح القوانين والاجراءات الحكومية يرصد التقرير وجود تفاوت في درجات التقدم في اصلاح القوانين بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلا ان المنطقة بشكل عام تعاني من طابع التنفيذ التقريري والجزافي للسياسات والاقتصاد إلي المصداقية بشأن الارادة الحقيقية لتغيير الوضع الراهن للامتيازات العميقة الجذور وعدم المساواة في معاملة المستثمرين‏.‏

ويوضح التقرير ان مصر تمكنت من القيام بعدة اصلاحات في هذا المجال ولكنها تحتاج إلي اجراءات لضمان استمرار الاصلاح‏,‏ ويشير التقرير إلي ان المشكلة في كثير من الدول لاتكمن في عدم كفاية الاصلاحات او غيابها ولكن في نوعية الاصلاحات وكيفية تطبيقها‏,‏ ولذلك تتمتع دول المنطقة بقدر اقل من المنافسة قياسا علي المناطق الأخري ـ كما تتسم استجابة استثمارات القطاع الخاص للاصلاحات بقدر أكبر من الضعف مقارنة بنظيراتها في الدول الأخري مما يوضح ان المستثمرين ليس لديهم الثقة الكاملة في ان الاصلاحات سيتم تطبيقها عليهم بصفة متساوية وعادلة‏.‏

ويشير التقرير إلي ان قوانين التخارج من السوق والافلاس تحتاج إلي مزيد من التركيز من جانب مصر لانها إحدي الآليات المهمة التي تزيد من ثقة المستثمرين‏.‏

ويوضح التقرير ان المشاركة في اجندة الاصلاح ووضع سياسات من جانب القطاع الخاص ستوفر قدرا أعلي من المصداقية والشفافية‏.‏

ويضيف التقرير ان اصلاح السياسات يتطلب ان يواكبه تدعيم للمؤسسات التي تقوم بتنظيم الاسواق والتعامل مع الشركات للحد من التداخل في المصالح والسلطات التقديرية في تطبيق القوانين وحتي يمكن تحقيق تحسينات حقيقية في بيئة الأعمال ويؤكد التقرير ضرورة ان تلعب الشفافية والمساءلة وجودة الخدمات في الهيئات الحكومية محورا اساسيا في اجندة الاصلاح‏.‏

ويركز التقرير علي أهمية تشجيع اقامة علاقات شراكة جديدة بين القطاعين العام والخاص‏,‏ بحيث يمكنها حشد جميع الاطراف المعنية صاحبة المصلحة المباشرة في مراحل التصميم والتنفيذ وتقييم السياسات الاقتصادية بحيث يمكن بناء توافق في الاراء حول الاصلاحات وتعزيز مصداقيتها وفعاليتها‏.‏

ويذكر التقرير الحاجة الشديدة لاقامة اشكال جديدة من علاقات المشاركة داخل المنظومة الحكومية تعزز التماسك والتنسيق فيما بين الوزارات حول استراتيجيات واضحة المعالم وطويلة الامد تستند إلي اهداف ومسئوليات قابلة للقياس‏,‏ كما يشير التقرير لأهمية السماح بتكوين اتحادات مستقلة واعطائها الحرية الكاملة في المساهمة في الحوار بشأن السياسات الاصلاحية‏,‏ وتقع علي القطاع الخاص مسئولية تنظيم نفسه في شكل اتحادات ونقابات فعالة لاتمثل فقط مصالح القلة ولكن تعمل علي تحقيق صالح الاغلبية‏.‏

ويؤكد التقرير ان تقدم منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا مرهون علي تمكين القطاع الخاص من الاستجابة للتحديات الخاصة بوجود فرص عمل وذلك لان القوي الشابة العاملة ذات الحظ من التعليم تتطلع لفرص عمل تمكن من استغلال طاقاتها الابداعية‏,‏ ولن تستطيع الحكومات توفير هذه النوعية من الوظائف في القطاع العام أو حتي في مؤسسات الاعمال المملوكة للدولة أو علي الاقل لن تتمكن من إيجاد العدد الكافي من الوظائف‏,‏ لذلك علي القطاع الخاص القيام بالنصيب الاكبر في هذا المجال‏.‏

ويشير التقرير إلي ان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا غنية بالموارد البشرية والطاقات الابداعية والموارد ولديها امكانات كبيرة تفوق ما تم تحقيقه في السنوات الماضية‏,‏ ويتطلب اطلاق هذه الامكانات والطاقات التزام صادق من جانب الحكومات بالحد من السلطات والصلاحيات التقديرية وضمان المساواة وتطبيق القوانين والاجراءات الحكومية حتي يمكن لمزيد من اصحاب مؤسسات الاعمال والمشاريع من إيجاد استثمارات وفرص عمل‏.