بمقارنة العالم العربي بالدول الصناعية الكبري القديمة والحديثة يكشف التدقيق والرصد عن فجوة هائلة في العلم والتكنولوجيا وفي الاقتصاد والسياسة
وتكشف المقارنة أيضا وجود فجوة في أوضاع التقدم والنمو اضافة إلي جميع مفردات التنمية بمعانيها الشاملة والمستدامة.
وانعكست جميع هذه الاخفاقات بالضرورة والحتم علي الثروة البشرية العربية وأدت لانخفاض كفاءة العنصر البشري وتراجع قدراته المهارية مع تخلف منظومة التعليم وعجزه عن الارتباط باحتياجات سوق العمل, وفرض هذا الواقع المرير الاستعانة بالعمالة الوافدة بمعدلات قياسية شديدة الارتفاع في عدد من الدول العربية مع الاستعانة بالعمالة الوافدة من خارج العالم العربي بمعدلات متزايدة تتصاعد وتيرتها وفقا لجميع الحسابات والتقديرات في المستقبل المنظور والبعيد علي الرغم من دخول قوة العمل الوطنية إلي دوائر البطالة الخبيثة المتفاقمة وحتي في دولة مثل مصر صاحبة التاريخ الطويل في التعليم فإن هناك نغمة متصاعدة من مجتمع الأعمال الخاص تتحدث عن الحاجة لفتح الأبواب علي مصراعيها للعمالة الآسيوية بحجة أنها الأكفأ والأكثر انتاجية والأقل تكلفة وأجرا, وهي نغمة نشاز مريضة تكشف عن تخلي الحكومات ومجتمع الأعمال العام والخاص عن القيام بالفريضة الواجبة في توفير التدريب التقني والمهني اللازم والضروري لتأهيل العمالة بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل لمواجهة النزيف المروع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لمعدلات البطالة الشديدة خاصة بين الشباب.
وعلي مدي ثلاثة أيام من16 إلي18 يناير الحالي وفي مدينة الرياض عقدت اجتماعات المنتدي العربي حول التدريب التقني والمهني واحتياجات سوق العمل ونظمته منظمة العمل العربية بالاشتراك مع المؤسسة السعودية للتدريب التقني والمهني تحت رعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين وشارك فيها26 وزيرا عربيا وممثلون عن48 منظمة عربية ودولية اضافة إلي رؤساء منظمات أصحاب الأعمال والاتحادات العمالية والخبراء والمختصين, ويأتي هذا المنتدي في إطار سلسلة من الأنشطة والفعاليات التي تهدف لتفعيل قرار القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت بالكويت بشأن البرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة في الدول العربية.
المفهوم الإنساني للتنمية البشرية.. ومعضلة عدم دقة الاحصائيات
وقد وجه السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمة للمنتدي في جلسته الافتتاحية أكد فيها علي مشكلة الاحصائيات والمؤشرات وتأثيرها السلبي علي الواقع والطموحات العربية وماتعنيه من فجوة لابد من تجاوزها لضمان اللحاق بركب التقدم بحكم أن الدول المتقدمة صناعيا تقاس بمدي جودة ودقة وتحديث احصائياتها, فكلما اهتمت الدول بإحصائياتها دقة وجودة وتحديثا سهل عليها ارتقاء السلم الاقتصادي المتقدم, فمتي كان لدينا معلومات وتحليلات إحصائية ذات جودة عالية, كان لنا الحظ الأوفر في وضع خطط واستراتيجيات واقعية وقابلة للتطبيق ومن ثم النجاح لأن هذه المعلومات والتحليلات الاحصائية تنير الطريق لمن يرسم السياسات الاقتصادية لتكون واقعية وتساعد في صنع القرارات الاستثمارية الصحيحة ومتابعة الأداء الاقتصادي والاجتماعي وسبر أغوار المدلولات الاحصائية والخروج بمؤشرات تمكن من استلهام الماضي ودراسة الحاضر واستشراف المستقبل بمتطلباته ومتغيراته في النشاطين الاقتصادي والاجتماعي.
وأكد أن الإنسان هو وسيلة التنمية وأدواتها وغايتها, كما إن التنمية البشرية هي الإطار الذي تسعي إليه المجتمعات لتحقيق النمو الشامل, اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا, خدمة للفرد والمؤسسة والمجتمع, وانطلاقا من هذا المفهوم الإنساني للتنمية البشرية لايمكن لأي مجتمع أن يرقي درجات سلم التقدم مالم يقم بتحديث وتدقيق وتجويد معلوماته وتحليلاته الإحصائية, وما لم يستفد من موارده وإمكاناته البشرية, وكثير من الدول العربية تواجه تحديات وصعوبات في جهودها التنموية وأهم هذه التحديات مدي استثمار الإمكانات والطاقات البشرية استثمارا رشيدا يعظم من المردود الاقتصادي والاجتماعي, ومدي توظيف المعلومات والتحليلات الاحصائية توظيفا جيدا يخدم التنمية الشاملة, وهنا تبرز أهمية التعليم الفني والتدريب المهني كعامل مهم وأساسي في تنمية الموارد البشرية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
وأوضحت السيدة عائشة عبد الهادي وزيرة القوي العاملة والهجرة أهمية تبادل الخبرات مع الأشقاء العرب لبحث وسائل تنمية مهارات العنصر البشري وصولا للمستويات العالمية مع الاهتمام ببحث وسائل تنظيم وتكامل أسواق العمل في الاقطار العربية في ضوء توصيات مؤتمرات العمل العربية التي أكدت دائما حتمية الاستثمار في تنمية مهارات القوي البشرية كأولوية استراتيجية لضمان التنظيم الفعال لتنقل العمالة عبر الأقطار العربي وتوحيد التوجهات لتطوير مهارات العامل العربي بما يساند التقدم الاقتصادي في مواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية ولضمان تجاوز مرحلة مابعد الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية.
وأشارت إلي ان مصر تمتلك قوة عمل كبيرة يزيد عددها علي25 مليون عامل يعملون في جميع الأنشطة الاقتصادية في الداخل والخارج يمثلون نحو ثلث عدد السكان وتقدر قوة العمل للمصريين في الخارج بأكثر من7,5 مليون عامل يصنفون علي جميع مستويات التأهيل منهم العلماء ومنهم العمال فهناك أكثر من4,8 مليون عامل طبقا لبيانات وزارة الخارجية يعملون بأعداد متفاوتة في الدول العربية ينقلون بكل همة خبراتهم ومجهوداتهم في تنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي ومن أجل إعداد هذا الكم الكبير من العنصر البشري وتأهيله بما يناسب احتياجات سوق العمل فإنه يلزم توجيه جهد كبير لايمكن أن يتحقق من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات المنفصلة والمجزأة, كما أنه ليس بمقدور جهة واحدة أن تتصدي له منفردة بل يتطلب عملا مستمرا تتضافر فيه جهود عدد كبير من الأطراف الفاعلة في سوق العمل من أجل تأهيل الشباب للدخول إلي عالم العمل وزيادة فرص الخريجين الجدد في الحصول علي عمل لائق أو الاتجاه نحو العمل الحر, كما يتم حاليا وضع استراتيجية طويلة الأجل لتكامل التعليم الفني والتدريب المهني تهدف لتحسين جو من العملية التعليمية والتدريبية إلي المستوي القومي وصولا لمستويات الجوة العالمية.
وحول حاجة العالم العربي الي تبني مفهوم جديد للتنمية الشاملة يرتكز علي تعظيم الاهتمام بالإنسان, ذكر السيد أحمد محمد لقمان المدير العام لمنظمة العمل العربية, إن إقرار العقد العربي للتشغيل في إطار نتائج قمة الكويت ليس عنوانا أو شعارا. إنه نظرة جديدة للتنمية ومضامينها, يتم بها تجسير الفجوة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية, ويحتل الإنسان العربي بينها الغاية والوسيلة معا فمن حقنا أن نسأل بعد قمة الكويت عما, يضيفه أي مشروع تنموي الي الإنسان العربي بصورة مباشرة وفي كل استثمار عما يحققه من تشغيل للوطنيين, كما أن القضايا التي يطرحها مضمون العقد العربي للتشغيل متكاملة ومترابطة لأن تقليل البطالة يعتمد علي تنمية يكون أولويتها التشغيل, وحتي يتم ذلك لابد من جودة التعليم والتدريب في المجالات والمستويات الملائمة للتنمية, وهذه الجودة تزيد في الإنتاجية, وبهذه الإنتاجية تتحسن ظروف العيش وينحصر فقر المشتغلين, وبهذه جميعا تزداد فرص تنقل الأيدي العاملة العربية, وبهذا التنقل تتحسن فرص العيش للملايين من العرب, وتزداد مقومات التنمية الآمنة, وبالتالي فإن تركيز المنتدي ينصب علي أحد مضامين العقد وهو الملاءمة بين القدرة المهارية والمعرفية لما تنتجه مؤسساتنا التعليمية والتدريبية وما تحتاجه مؤسسات الإنتاج ومشاريع التنمية, وبدون هذه المواءمة ستكون البطالة وليس التشغيل, ويندفع الجميع للاعتماد علي العمالة الاجنبية ويضيع هدف توطين الوظائف ودعم التشغيل الوطني والعربي.
إعلان وثيقة الرياض.. وخريطة الطريق للتشغيل
وفي جلسات المؤتمر وعلي امتداد الدراسات والمناقشات أعيد تأكيد الحقيقة الوحيدة الثابتة في العمل العربي المشترك المرتبطة بغياب الارتباط بشكل شبه كامل بين قرارات وتوصيات الإصلاح الوجوبية والمهمة لكل دولة عربية للحاق بركب التقدم وبين الواقع العملي والتطبيقي, مما اضاع الكثير من الفرص التنموية والتكاملية الجادة وفي محاولة لتحسين الواقع وتطويره اصدر المنتدي وثيقة الرياض لتتكامل مع إعلان الدوحه ومع بيان الجزائر وتوصيات المنامه والرباط وقرارات دورتي مؤتمر العمل العربي بشرم الشيخ عام2008 وفي عمان بالأردن عام2009, وفي المقدمة منها قرار القمة الاقتصادية العربية بالكويت الخاص بعقد التشغيل العربي وتضمنت وثيقة الرياض دعوة القادة العرب لاعطاء قضايا التشغيل والحد من البطالة ومواءمة نظم التدريب والتعليم مع احتياجات سوق العمل الاهتمام والدعم اللازمين واعتماد هذه القضايا بندا دائما مطروحا علي مؤتمر القمة العربية الدورية, وأكدت الوثيقة دور الجهات المسئولة والمعنية في النطاق الوطني والقومي المهم في اتخاذ قرارات تنفيذية وتطبيقية تضمن سد الفجوة بين الطموح والواقع من خلال الاجراءات التالية:
** دعوة وزارات العمل والوزارات المعنية بالتشغيل لتطوير أدائها وتنمية قدراتها وتحسين خدماتها, وتطوير التنسيق فيما بينها في مجال التشغيل علي المستويين القطري والعربي, مع دعوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية الي زيادة الاهتمام بدعم قضايا التشغيل ومواجهة الفقر والحد من البطالة وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية, والتنسيق في ذلك مع منظمة العمل العربية, اضافة الي توفير التمويل اللازم لتنفيذ قرار القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية المتعلق بمشروعات البرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة.
** دعوة منظمة العمل العربية والأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب للتحضير والاعداد لعقد اجتماع يضم وزراء الداخلية ووزراء العمل العرب لتسهيل وتيسير انتقال العمالة العربية بشكل عام, وتبسيط إجراءات تنقل رجال الأعمال والاختصاصيين والعلماء بشكل خاص مع دعم مساعي المدير العام لمنظمة العمل العربية لعقد إجتماع يضم دول الإرسال والاستقبال للعمالة العربية, وإيجاد آلية تساعد علي استمرار التنسيق والتعاون فيما بينها لضبط قواعد وإجراءات انتقال العمالة العربية, بما يلبي متطلبات دول الاستقبال ومصالح دول الإرسال في آن واحد.
** دعوة وزراء العمل والاقتصاد والتدريب والتعليم المهني والتقني ومنظمات أصحاب العمل والعمال للعمل علي توحيد الجهود وتطوير التنسيق والتكامل في مجال دعم التشغيل علي المستويين القطري والعربي, مع تأكيد أهمية عقد اجتماع دوري كل أربع سنوات وفقا لما أقره المنتدي العربي للتنمية والتشغيل بالدوحة.
** تأكيد أهمية تنفيذ توجيهات القادة العرب بالعمل علي زيادة الاستثمارات البينية العربية, والتنسيق الفعال بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وأطراف الإنتاج وصناديق التنمية العربية والمجتمع المدني, وكذلك مواصلة السعي الحثيث نحو إنشاء السوق العربية المشتركة, ودعم الجهود والإجراءات والمدخلات التي ترمي إلي ذلك, تمهيدا لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي وتحرير حركة رؤوس الأموال والسلع والأشخاص بما في ذلك التبادل المنظم للقوي العاملة, وكذلك, تأكيد دعوة الدول العربية إلي توفير المزيد من فرص العمل للوطنين أولا ثم التوسع التدريجي في الاعتماد علي العمالة العربية ثانيا, وتطوير التشريعات والإجراءات ومتطلبات التنسيق بين الأقطار العربية المرسلة والمستقبلة بما يخدم ذلك.
وفيما يخص اقرار الاستراتيجية العربية للتدريب والتعليم التقني والمهني تضمنت الوثيقة ضرورة اعتماد استراتيجية التدريب والتعليم التقني والمهني التي أعدتها منظمة العمل العربية, والعمل علي تبني التوجهات والمضامين التي اشتملت عليها علي المستويات القطرية والعربية والدولية, واعتبارها المرجعية العربية لتحقيق التوازن بني العرض والطلب من القوي العاملة وتلبية احتياجات أسواق العمل العربية المتغيرة, ودعوة مؤتمر العمل العربي للمصادقة عليها, وتأكيد دعوة الدول العربية للنهوض بالمنظومة العربية للتدريب والتعليم التقني والمهني بأهدافها ومكوناتها وعناصرها المختلفة, والسعي لتطويرها ببعديها النظامي وغير النظامي ودعوة منظمة العمل العربية لوضع إطار شامل للمؤهلات والمعايير المهنية العربية يتضمن تصنيفا وتوصيفا للمؤهلات العربية في المستويات التعليمية المختلفة بهدف تسهيل معادلة وتكافؤ المؤهلات والشهادات العربية بما يسهم في تيسير انتقال العمالة العربية مع تعاون الدول العربية في تسهيل إقامة الشبكة العربية لمعلومات سوق العمل إضافة لتأكيد متطلبات العقد العربي للتشغيل واهدافه وبخاصة فيما يتعلق بخفض معدلات البطالة ونسبة المشتغلين الفقراء إلي النصف وتحسين جودة برامج التعليم الفني والمهني والتطبيقي والتدريب المهني ورفع نسبة الملتحقين بنحو50% كحد أدني من الملتحقين بالتعليم.
ضرورة منظومة التعليم.. وتبني مفهوم التنمية الشاملة
ومن خلال مناقشات المنتدي تم تأكيد مجموعة من الحقائق الأساسية في مقدمتها الارتباط الوثيق بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية, وضرورة التوازن بينهما واعتبارهما جزءا واحدا لا يتجزأ بما يضمن في النهاية تحقيق العدالة الاجتماعية المنصوص عليها بشكل صريح وواضح في الميثاق العربي للعمل والدساتير والتشريعات في الدول العربية, كما أن تحقيق التقدم الاقتصادي ومعدلات التنمية المرتفعة والتحديث وضمان تحسين مستوي معيشة المواطن يرتهن في البداية والنهاية بمستوي جودة وكفاءة مخرجات منظومة التنمية البشرية التي تحدد في نهاية الأمر معدلات الانتاجية المنخفضة والمرتفعة وتقدم الحكم الفاصل للقدرة التنافسية للدول بجميع مفرداتها في اسواقها الوطنية والقومية والعالمية, ويشير السيد أحمد محمد لقمان المدير العام لمنظمة العمل العربية إلي أن هذه المحددات الاستراتيجية التي تشكل نتاج الخبرة التنموية العالمية اكدتها النتائج والتوصيات الختامية بشكل واضح, حيث ركزت علي المطلوب تنفيذه وتطبيقه والمتضمن ما يلي:
1 ـ دعوة الدول العربية الي بذل المزيد من الجهود لتطوير منظومة التعليم والتدريب التقني والمهني ودعم مراكز البحوث وربط, مخرجاتها بالاحتياجات الفعلية لسوق العمل وأوجه التنمية الاخري, مما يساعد في رفع مستوي انتاجية العمل وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات العربية وزيادة الدخل القومي وتحسين مستوي المعيشة, وذلك في إطار تنفيذ مقررات القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ذات العلاقة.
2ـ تأكيد ضرورة تطوير التعليم والتدريب التقني والمهني ورفع الكفاءات وتنمية المهارات والقدرات الانتاجية بتجويد برامجها وتوسيع قاعدة منتسبيها وتوفير المقومات اللازمة للتطوير وتيسير الالتحاق بها خاصة الشباب والاناث والمسرحين من اعمالهم والمتعطلين عن العمل.
3ـ دعوة الدول العربية الي توجيه التدريب التقني والمهني نحو قطاعات وانشطة اقتصادية متنوعة بحيث تزداد الانشطة في المجالات ذات القيمة المضافة العالية مثل اقتصاد المعرفة والاتصالات والتكنولوجيا الحديثة وتوجيه الاستثمارات حيث الكفاءات من الشباب المبدع والمبتكر في هذا المجال.
4ـ تشجيع التعاون والتكامل العربي في مجالات تنمية الموارد البشرية بشكل عام ونظم التعليم والتدريب التقني والمهني بشكل خاص من النواحي الكمية والنوعية, بهدف تضييق الفوارق بين الدول العربية في هذا الشأن, وذلك عن طريق المعايير والمؤشرات والكفايات المهنية, مع تأكيد اهمية تحسين برامج اعداد وتدريب المدربين لتضييق الفجوة بين مخرجات هذه النظم والاحتياجات التنموية.
5 ـ حث القطاع الخاص علي تفعيل دوره ومشاركته في الهيئات والمجالس المعنية بالارتقاء بنوعية التعليم والتدريب التقني والمهني, والمساهمة الفاعلة في تصميم المناهج والبرامج وتمويلها وزيادة الاستثمار في قطاعات التنموية غير التقليدية, كالبحث العلمي والتكنولوجيا وتسويق براءة الاختراع ونتائج البحوث ليكون القطاع الخاص شريكا اساسيا في رسم السياسات وتنفيذ البرامج التنموية.
6 ـ تشجيع عملية انفتاح الجامعات ومراكز البحث العلمي علي مؤسسات التعليم الفني والتدريب التقني والمهني وبناء شراكة حقيقية بينها وبين المؤسسات الإنتاجية مع دعوة الدول العربية الي تحسين الحوكمة في نطاق منظومة التدريب التقني والمهني من خلال توحيد جهة الاشراف ومنع الازدواجية في الادوار, وتشتت الجهود المبذولة من قبل اكثر من جهة إشرافية, اضافة للتأكيد علي ان القوي البشرية هي الثروة الحقيقية لاي أمة وان قدراتها تكمن فيما تملكه من طاقات بشرية مؤهلة ومدربة وقادرة علي التكيف مع اي جديد بكفاءة وفاعلية, لذا ينبغي ان تستهدف خطط وبرامج التنمية العربية التركيز علي تنمية القوي العاملة ورفع كفاءتها وقدراتها الانتاجية وفقا لمتطلبات التنمية.
7 ـ دعوة الدول العربية الي بذل المزيد من الجهود في مجال اعداد وتدريب المدربين, ولتنمية قدراتهم ومهاراتهم العملية في تنفيذ البرامج والمناهج التدريبية في مؤسسات التعليم والتدريب التقني والمهني.
***
بالرغم من المساحة الجغرافية الضخمة والمترامية الأطراف للعالم العربي وتعداد السكان البالغ نحو350 مليون نسمة والأحاديث المكثفة عن الثروات الطبيعية والثروات التعدينية وفي مقدمتها النفط وما يملكه العلم العربي من احتياطيات ضخمة وقدرات انتاجية كبيرة, بالرغم من كل ذلك وغيره كثير فإن الاقتصاد العربي مجتمعا يتساوي فقط مع الناتج الاقتصادي لدولة أوروبية واحدة مثل إسبانيا وتجارته الخارجية مجتمعة متساوية مع بقعة صغيرة علي خريطة آسيا تسمي سنغافورة, وما يملكه العرب من ثروات مادية في صورة احتياطيات واستثمارات خارجية وتوظيفات دولية تلتهمة الأزمات العالمية المتتالية, ويذهب قبض الريح لا يغني ولا يسمن من جوع, بالرغم من الاحتياجات الشديدة لتمويل احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والفرص الضائعة الكثيرة للحاق بركب العصر والتي توشك أن تدفع بالعالم العربي إلي مأزق تنموي واقتصادي صعب يتعذر تفاديه وتجاوزه في ظل الاوضاع القائمة والراهنة.
ويبقي للعالم العربي طوق نجاة واحد ووحيد ـ يرتبط بالانسان والثروة البشرية باعتبارها مفتاح الأمل ورمانة الميزان وهو في نفس الوقت عنصر الضعف وعامل التراجع والإخفاق في ظل تكوينتها الحالية المهارية والتعليمية والمعرفية المنخفضة والمتدنية قياسا بمعايير العالم المتقدم ومواصفاته ومعاييره وتحويل الانسان إلي المورد الاقتصادي الرئيسي وفي نفس الوقت تحويله إلي الهدف النهائي للتنمية والتقدم ـ يستوجب أول ما يستوجب تعديلا جذريا وسريعا لمنظومة القيم والمقاييس الحاكمة للحياة العربية بجميع مفرداتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وبدون ذلك يصعب التقدم ويستحيل التحديث وتبقي الهوة شاسعة بين القول والعمل؟!