"من الاستحالة الاستغناء عن العمالة الوافدة، أو حتى التقليل من مساهمتها في المهن المختلفة بنسب فارقة وسط هذا الاختلال الكبير بين العمالة الوطنية والعمالة الوافدة في أقسام المهن المختلفة"، هذا ما يؤكده الكاتب والباحث الإحصائي محمد العوضي.
 
العوضي، أشار في مقال له تحت عنوان "خلل التركيبة السكانية ضريبة من ضرائب دولة الرفاه"، إلى نشرة المسح الميداني لعام 2015 الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء، التي أوضحت أن متوسط الأجور الشهرية للعمالة الكويتية في أقسام المهن المختلفة في القطاعين العام والخاص 1269 دينارا، مقابل 201 دينار فقط للعمالة الوافدة، وبالتالي سيكون أثر ترحيل الكثيرين منهم مكلفا، إذ سيرفع تكاليف تلك العمالة، خاصة تلك العاملة في المهن الحرفية والفنية، وذلك للطلب العالي المستمر عليها.
 
وهذه الأرقام تشير إلى أن استغناء الكويت عن الوافدين، سيتكلف الكثير نظرا لوجود فرق كبير بين ما يتقاضاه العامل الوافد مقابل رواتب المواطن الكويتي العالية، وذلك رغم إعلان الحكومة الكويتية أن أحد أهدافها من سياسة الإحلال هو دعم العملية الاقتصادية في البلاد وخفض الأعباء المالية والاقتصادية المترتبة بالاعتماد على الوافدين.
 
وأضاف: "المراقب للطرح الإعلامي لموضوع التركيبة السكانية وتناوله من قبل بعض النواب، يشعر بأن هذا الموضوع مستجد على الساحة السياسية، وكأن الكويت كانت متوازنة سكانيا، وفجأة حدث هذا الخلل، ولكن من يراقب نتائج التعدادات السكانية الرسمية التي حدثت في الكويت، سيلحظ أنه منذ أول تعداد رسمي للسكان في دولة الكويت عام 1965، وفي جميع التعدادات السكانية التي حدثت بعد ذلك العام، وصولا إلى الإحصائية التي أصدرتها الهيئة العامة للمعلومات المدنية في يونيو 2016، أن الكويتيين لم يكونوا أغلبية في وطنهم".
 
ويعيش في الكويت نحو 4.4 مليون نسمة بينهم 3.1 مليون وافد أجنبي مقابل 1.3 مليون كويتي، أي أن الوافدين يمثلون ثلثي عدد الكويتيين، وتريد الحكومة تعديل التركيبة السكانية لتصبح عكس ما هي عليه حاليًا. وتتوزع العمالة الأجنبية في الكويت في الوظائف الحكومية والخاصة.
 
وتحتل المهن الخدمية كالخدمة المنزلية وأعمال الإنشاء المرتبة الأولى في استقطاب الوافدين الأجانب ذوي الأجور المنخفضة. الجنسية المصرية تأتي في المرتبة الثانية بعد الهند، من حيث أعداد العمالة الوافدة في الكويت، حيث بلغت قوة العمل المصرية 449.5 ألف فرد في مارس 2017 مرتفعة بنسبة %1 عن مارس 2016، حيث كانت تبلغ 444.9 ألف فرد. الإحلال والقطاع الخاص وتعتزم الحكومة الكويتية الاستغناء عن 2690 موظفا وافدا اعتبارا من أول يوليو المقبل، وعلى مدى السنة المالية 2018-2019 ضمن خطتها.
 
وبموجب خطة "التكويت" الخمسية سيتم الاستغناء عن نحو 85 ألف وافد في القطاع الخاص وإحلال العمالة الوطنية مكانهم، لكن هذا الأمر ليس بالسهل، في ظل تفضيل العامل الكويتي للقطاع الحكومي نظرا لوجود عدة امتيازات لا تتوفر بالقطاع الخاص، لا سيما ما يتعلق بالإجازات والمعاشات، أما في القطاع الخاص فهناك تفضيل للعمالة الوافدة نظرا لالتزامها أكثر بمواعيد العمل وبأهداف الوظيفة بشكل عام.
 
وفي الوقت الذي سيخسر فيه الوافد الكثير بعد الاستغناء عنه، إلا أن هناك مشكلات ستواجهها الكويت بعد تطبيق هذا القرار، نظرا لاعتماها بشكل كبير على العمالة الأجنبية منذ زمن بعيد. فحسب مراقبين، فإن لا أحد ينكر دور العمالة الوافدة في نقل الكويت إلى الحداثة منذ أن حباها الله بالثروة النفطية من مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وكذلك دور العمالة العربية الوافدة بشكل خاص في إرساء أسس هياكل التعليم والصحة في البلاد، ومن ثم ربما تتكبد الكويت الكثير من الخسائر بعد تطبيق سياسة الإحلال، بهدف توطين العاملين من أبناء الشعب الكويتي والاستغناء عن العمالة الوافدة.