fiogf49gjkf0d
 

وجه صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد كلمة مساء امس بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم «ان الله لذو فضل على الناس ولكن اكثر الناس لا يشكرون» صدق الله العظيم.. الحمد لله الذي وفقنا لادراك شهر الصيام والقيام، نحمده فله الحمد والثناء في البدء والختام ونصلي ونسلم على نبينا محمد عبده ورسوله خير الأنام وعلى آله وصحابته الكرام، متضرعين الى المولى تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا وان يحفظ وطننا الكويت ويجعله بلدا آمنا مطمئنا دائما وأبدا.

اخواني وأبنائي وبناتي.. أهنئكم بما تبقى من شهر رمضان المبارك وبالعشر الأواخر منه أعاده الله على الجميع وعلى وطننا العزيز وهو يرفل بأثواب العزة والفخر وعلى أمتينا العربية والاسلامية بوافر الخير واليمن والبركات وقد تحقق لهما الرخاء والازدهار.

لقد خص المولى تعالى شهر رمضان الكريم بالتشريف والتكريم فأنزل فيه كتابه العزيز هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وفرض صيامه وحث على اغتنام أيامه ولياليه فهو شهر القرآن قراءة وتدبرا ينهل منه المؤمنون الرشد والهداية والفلاح، هو شهر الجد والصبر والمواساة فيه تتواصل الارحام وتتوثق عرى المحبة والتواد وتسمو فيه نفوس المؤمنين الى بارئها خاشعة تائبة منيبة مستلهمة المعاني الجليلة لهذا الشهر الفضيل.

اخواني وأبنائي وبناتي.. لنتذكر دائما ما أنعم الله به علينا من نعمه الجليلة واحسانه العظيم حيث من علينا بنعمة الايمان وأفاء علينا وعلى وطننا كل خير وعطاء وأحاطنا بالتواد والاخاء في ظل وحدتنا الوطنية التي هي معدن وجودنا وهي نعم تستحق الحمد والشكر وتستوجب المحافظة عليها بمداومة الثناء للمولى جل وعلا وبالمزيد من العطاء لخدمة وطننا العزيز والاخلاص له والحفاظ على امنه واستقراره وتقدمه وازدهاره.

ان تعاليم ديننا الحنيف وقيمه السامية تحثنا على تجسيد فضيلة الامانة والمحافظة على قيم الدين وحقوق الوطن وحمايتها من دواعي التفريط والاهمال والبعد عن مظاهر الهدر والاسراف.

ان اهم معاني الامانة ان يحرص الانسان على أداء واجبه كاملا في العمل الذي يؤديه وأن يسهر على حقوق الناس التي أؤتمن عليها.

ان الحكمة تقتضي منا ان نراقب ونستوعب ما يدور في عالمنا من متغيرات وتطورات فعلينا ان نستشعر مخاطر الازمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها وآثارها السلبية على اقتصادنا الوطني وأن نعمل جميعا يدا واحدة لاصلاح الخلل في وضعنا الاقتصادي، وقد كلفت قبل ايام قليلة مجموعة من الكفاءات الوطنية المتخصصة برئاسة سمو الاخ الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء لايجاد افضل الحلول العملية الكفيلة بمعالجة الوضع الاقتصادي وتقوية اركان اقتصادنا الوطني لتحقيق التنمية الشاملة وتلبية طموحات المواطنين في حاضر آمن ومستقبل زاهر لأجيالهم القادمة.

وما من شك في ان هذا التوجه الوطني مسؤولية الجميع «فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» وهو ما يستوجب التفهم والتعاون الايجابي والعمل الجاد بين الجميع لتحقيق الهدف المنشود.

وفي هذا السياق فقد دعوت الحكومة للاسراع في انجاز مشروع القانون الخاص بانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد واحالته لمجلس الامة وتأمين كافة متطلبات نجاح هذه الهيئة للقيام بمسؤولياتها وضمان انضباط جميع الاعمال والانشطة الحكومية وفق اطر ومعايير النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص التي تحقق العدالة وتدفع مسيرة العمل الوطني في الاتجاه الصحيح فالفساد هو الآفة المهلكة لتوجهات الاصلاح والتنمية.

اخواني وأبنائي وبناتي.. لقد اكدت في مناسبات عديدة على ان ثروة الوطن الحقيقية تكمن في شبابه فهم عدته وعماده وأمله في بناء حاضره ومستقبله.

لذا فان علينا استثمار الطاقات البشرية والابداعية الواعدة في شبابنا وصقل مواهبهم وتحفيزهم على العطاء والمشاركة في تنمية الوطن.

ولن يتأتى ذلك الا بتقويم وتطوير مؤسساتنا ومناهجنا التعليمية والرقي بنظامنا التعليمي ليتماشى مع متطلبات العصر.

فبناء مستقبل الوطن لابد وان يواكبه عملية بناء الانسان الكويتي واعداده وعلى ابنائنا الطلبة والطالبات تسخير مواهبهم وتكريس طاقاتهم واستغلال اوقاتهم للنهل من العلم والتحصيل والتزود من معارف وعلوم العصر وعليهم الا يلتفتوا الى ما يروج من دعوات تشغلهم وتبعدهم عن طلب العلم والتحصيل.

ان عالم اليوم تتناوله الاهواء وتتجاذبه الآراء خاصة في ظل ما نشهده من انفتاح وتطور اعلامي وهو الامر الذي يتوجب معه النصح والتوجيه لابنائنا حتى يسلكوا الطريق الذي يكفل لهم الارتباط بوطنهم والتمسك بعقيدتهم فالكويت اليوم احوج ما تكون لأبنائها من اي وقت مضى.. فبارك الله فيهم وبعلمهم ونفع بهم الاوطان.

إخواني وأبنائي وبناتي.. إن التعاون بين سلطات ومؤسسات الدولة المختلفة هو اساس لاي عمل وطني ناجح وهو الاسلوب العلمي الامثل لانجاز كافة القضايا الهامة التي تهم الوطن والمواطنين.. ان التعاون المنشود بين هذه المؤسسات هو ما يقوم على الحوار وتبادل الاراء والتشاور بروح ديمقراطية بعيدا عن التطاول والتشاحن وصولا الى بلوغ الرأي الاصوب والغاية المثلى لمصلحة الوطن في حاضره ومستقبله.

انني لعلى ثقة بأنكم اخواني وابنائي المواطنين ستكونون خير عون لمواجهة كافة معوقات التنمية في البلاد، والتي نتطلع لتحقيقها وتعملون كل مافيه خير ومصلحة للوطن والحفاظ على ثرواته ومكتسباته لتحقيق الرخاء للجيل الحاضر وللاجيال القادمة.

إخواني وأبنائي وبناتي.. اذا كانت حرية القول والتعبير مكفولة للجميع فان ذلك لا يعني استخدامها للمساس بوحدتنا الوطنية وبالثوابت التي تعارفنا عليها وسار عليها الاباء والاجداد.

وانني ادعو القائمين على كافة وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة ان يتقوا الله تعالى في وطنهم، وان يمارسوا دورهم الاعلامي بوعي ومسؤولية دون تضليل او تهويل او اساءة للوطن.

إخواني وأبنائي وبناتي.. لقد آلمنا اشد الالم مأساة المجاعة التي تشهدها دول القرن الافريقي ولا سيما الصومال الشقيق نتيجة الجفاف والقحط، والتي شردت الآلاف من الأطفال والنساء والرجال وأودت بحياة الكثيرين منهم.

ولقد تفاعلت الكويت كعادتها مع هذه المأساة الانسانية فكانت في طليعة الدول التي أرسلت المساعدات الى هؤلاء المنكوبين متعاونة مع المنظمات الاقليمية والدولية لوضع حد لهذه الكارثة الانسانية والتخفيف من آثارها.

وانني أحيي كل من شارك وساهم في انجاح حملة الاغاثة التي دعونا اليها لمساعدة منكوبي المجاعة في الصومال، سائلين المولى تعالى أن يجعل ما قدموه في موازين أعمالهم في هذا الشهر الفضيل.

إخواني وأبنائي وبناتي.. اننا نجتاز مرحلة مليئة بالأحداث والمتغيرات سريعة الايقاع شديدة التأثير في خضم منطقة تحولت الى مسرح للصراعات تعصف فيها العصبيات والمصالح والأهواء وأحسب أننا لسنا بمعزل عن تداعياتها وكلنا نتابع ما تشهده دول شقيقة من أوضاع مؤسفة ومقلقة نتألم ازاءها اشد الألم جراء ما خلفته من دمار وخراب وخسائر في الأرواح والامكانات والطاقات نسأل الله جلت قدرته أن تعود السكينة والاستقرار والأمان لاشقائنا في هذه الدول، وأن يحقق لشعوبها آمالها وتطلعاتها.

ومع ايماني الراسخ بأهمية حرية التعبير كمبدأ نحرص على تكريسه والدفاع عنه حيث إنه سمة مميزة لمجتمعنا الكويتي نعتز بها إلا اني أدعو اخواني وأبنائي المواطنين ووسائل الاعلام المختلفة الى ترك ما يتعلق بموضوع العلاقات مع الدول الاخرى لجهات الاختصاص للتعامل مع كل ظرف وفق القنوات الدبلوماسية، وما تفرضه طبيعة العلاقات والمصالح المشتركة مع كل دولة تحقيقا للمصلحة الوطنية وصيانتها التي نحرص جميعا على المحافظة عليها.

ندعو المولى جلت قدرته في هذه الليالي المباركة التي شرفها سبحانه بليلة القدر ان يوحد قلوبنا وغاياتنا ويزيدنا محبة وتراحما لنظل اخوة متحابين ومتعاضدين في السراء والضراء.

وليكن رائدنا حب الكويت والعمل المخلص من اجلها والتحلي بالايثار والتضحية لهذا الوطن العزيز والحفاظ على امنه وسلامته كما حافظ عليه الآباء والاجداد.

كما نستذكر في هذه الليالي المباركة اميرنا الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح واميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، طيب الله ثراهما، رافعين اكف الضراعة والدعاء الى المولى تبارك وتعالى ان يسبغ عليهما مغفرته ورحمته ويسكنهما فسيح جناته، وان يتغمد بفضله ومنته شهداءنا الابرار ويعلي درجاتهم في جنات النعيم.

(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) صدق الله العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.