في استطلاع للرأي العام العربي أجراه المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» ألقى الجمهور العربي كرة المسؤولية في نفوق أطنان الأسماك على سواحل الكويت في مرمى المسؤولية الحكومية، متهما إياها بالتسبب في المشكلة بسبب تصريف مياه المجاري في البحبر.
وفيما يعقد «أفد» مؤتمره السنوي غدا الخميس في العاصمة اللبنانية بيروت، يعرض المنتدى تقريرا يتضمن نتائج الاستطلاع حول وضع البيئة خلال 10 سنوات الماضية، حيث يكشف عن أن الغالبية من المستطلعين رأوا أن التلوث البحري والساحلي هو المشكلة الرئيسية في الكويت، والمتسببة في تكرار نفوق آلاف الأطنان من الأسماك خلال العقد الماضي بسبب تصريف مياه الصرف في البحر.
وأكد أكثر من 60 في المئة، وفق نتيجة الاستطلاع، أن وضع البيئة تراجع في الدول العربية خلال السنوات العشر الماضية، وتعتقد غالبية أكبر تصل إلى 95 في المئة أن بلدانها لا تقوم بما يكفي للتصدي للتحديات البيئية.
واعتبر المشاركون أن وضع البيئة أصبح أسوأ ولم يتغير، وتعكس النتائج العامة نظرة سلبية، حيث سجلت أعلى مستويات عدم الرضا في سورية بنسبة 96 في المئة، ولبنان 91 في المئة، واليمن 90 في المئة،
وتونس وليبيا 78 في المئة، والعراق 74 في المئة، ومصر 66 في المئة، فيما سجل في الكويت 27 في المئة. ومن الواضح أن الحرب والصراع وعدم الاستقرار السياسي انعكست سلباً على الحالة البيئية في تلك البلدان، أما الدولة الوحيدة التي اعتقد المستطلعون أن البيئة فيها تحسنت فكانت الإمارات العربية المتحدة.
ووفقاً لنتائج الاستطلاع، تتمثل أهم التحديات البيئية في النفايات الصلبة، يليها ضعف الوعي البيئي وتدهور الموارد المائية والتلوث وتغير المناخ، ويتماشى ذلك مع نتائج الاستطلاع السابق قبل عشر سنوات، باستثناء تلوث الهواء الذي كان أكبر تحدٍ بيئي عام 2006 وتراجع مركزه في الاستطلاع الحالي. وقد لوحظت اختلافات في هذا الصدد بين البلدان، حيث تعكس الأولويات المختارة مشاكل محددة على الصعيد الوطني، فقد تم اختيار تلوث الغذاء بسبب الاستخدام غير السليم للمبيدات والأسمدة باعتباره أكبر تهديد بيئي في مصر، ما يعكس تزايد المخاوف في شأن سلامة الغذاء.
واعتبرت غالبية المشاركين في الكويت أن التلوث البحري والساحلي هو المشكلة الرئيسية، فيما احتلت هذه المشكلة المركز الثاني في لبنان، ويمكن تفسير ذلك بتكرار نفوق آلاف الأطنان من الأسماك في الكويت خلال العقد الماضي بسبب تصريف مياه الصرف في البحر، وتفاقم التلوث الساحلي في لبنان الناجم عن مكبات النفايات على الشواطئ وتصريف المجارير غير المعالجة.
وحول الاسباب الرئيسية للتدهور البيئي أكد المشاركون في الاستطلاع أن سوء إدارة البيئة، وعدم الامتثال للتشريعات البيئية، ضعف المؤسسات البيئية، عدم كفاية الإنفاق الحكومي على البيئة،وراء التدهور البيئي وهي تتماشى تماماً مع نتائج عام 2006. وأبرزت نتائج السعودية والإمارات ضعف الوعي البيئي باعتباره السبب الرئيسي للتدهور البيئي.
وعندما سئل المشاركون عن الإجراءات الشخصية التي هم مستعدون لاتخاذها من أجل حماية البيئة، قال 73 في المئة انهم مستعدون للمشاركة في حملات التوعية البيئية، وأفاد 65 في المئة أنهم على استعداد للامتثال الكامل للتشريعات البيئية. وفي ما يتعلق بالتدابير المالية، تقبّل 45 في المئة الضرائب الحكومية لحماية البيئة، في حين أبدى 20 في المئة فقط استعداداً لدفع تبرعات لصندوق خاص بحماية البيئة.
وكانت التغيرات على مدى عشر سنوات واضحة في القضايا المتعلقة بتغير المناخ، وهي عكست مستوى أعلى من الوعي. ولعل إقرار اتفاق باريس حفز على زيادة الاعتراف بالآثار الخطيرة لتغير المناخ. فقال 93 في المئة إن المناخ يتغير بسبب الأنشطة البشرية، واعتقد 90 في المئة من المستطلعين أنه يشكل تحدياً خطيراً لبلدانهم. ويمثل هذا زيادة بنسبة 6 في المئة خلال عشر سنوات. واعتبر متوسط إقليمي نسبته 75 في المئة أن الحكومة لم تبذل ما يكفي للتعامل مع تغير المناخ، وسجلت أعلى مستويات الإدانة في ليبيا ولبنان واليمن وسورية والعراق. وأبدت غالبية تتجاوز 50 في المئة في عُمان والإمارات والمغرب رضاها عن العمل الحكومي لمعالجة تغير المناخ. ويمكن أن يعزى ذلك إلى إدراج تغير المناخ في وزارات ضمن حكومات تلك البلدان، على سبيل المثال «وزارة تغير المناخ والبيئة» في الإمارات.
ويظهر استطلاع «أفد» أن الجمهور أصبح أكثر دراية بمصطلحات ومفاهيم أهداف التنمية المستدامة. فقد قال 83 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع انهم يعرفون الغاية من التنمية المستدامة، ويعتقد 98 في المئة أن تغيير أنماط الاستهلاك يمكن أن يؤثر على البيئة، ويرى 95 في المئة أن حماية البيئة تساعد النمو الاقتصادي.
توضح النتائج أن هناك مزيداً من الفهم للقضايا البيئية لدى الجمهور، بما في ذلك ترابطها مع العوامل الاقتصادية والاجتماعية. كما تكشف أن الناس قلقون من تدهور البيئة واستنزاف الموارد، وأنهم غير راضين عموماً عن مستوى استجابة الحكومات. من ناحية أخرى، أظهر الاستطلاع استعداداً ساحقاً من الجمهور لدعم التغيير الإيجابي، بتشجيع قوانين أكثر صرامة لحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، إلى جانب القيام بعمل شخصي في هذا الصدد.
وقد أظهر استطلاع للرأي العام أجراه «أفد» في 22 بلداً كجزء من التقرير أن الجمهور العربي يتفق والخبراء على أن البيئة استمرت في التدهور طوال السنين العشر الأخيرة. فقد وجد 60 في المئة أن وضع البيئة في بلدانهم يتراجع، بينما تعتقد غالبية عظمى وصلت إلى 95 في المئة أن بلدها لا يقوم بما يكفي للتصدي للتحديات البيئية، وأن الحكومات لا تبذل ما يكفي لهذا الغرض ولإدارة البيئة بشكل صحيح. أما أهم التحديات البيئية، استناداً إلى الاستطلاع، فهي النفايات الصلبة وضعف الوعي البيئي وتدهور الموارد المائية والتلوث الصناعي وتغير المناخ.
ويلاحظ التقرير أنه، على رغم عشرات الاستراتيجيات والخطط الإقليمية الخاصة بالبيئة والتنمية المستدامة التي اعتمدتها جامعة الدول العربية، لم يحرز تقدّم ملموس في التطبيق. أما على الصعيد الوطني، فقد تعززت المؤسسات البيئية بوجه عام، ما أسفر عن بعض التحسينات في الإدارة البيئية. وبرز التحول الرئيسي في السياسة العامة في الاصلاحات الأخيرة في أسعار الطاقة والمياه، بما في ذلك البلدان الرئيسية المنتجة للنفط في مجلس التعاون الخليجي. وبالإضافة إلى إصلاح سياسات الدعم، شهدت المنطقة تقدماً في اعتماد سياسات للطاقة المستدامة، بما فيها أهداف وخطط عمل لكفاءة الطاقة وسياسات الطاقة المتجددة.
ويشير التقرير إلى تطوّر لافت في مشاركة البلدان العربية في المساعي الدولية لمواجهة تغير المناخ، والتي بلغت ذروتها في اتفاق باريس. فقد وقع الاتفاق جميع أعضاء جامعة الدول العربية البالغ عددهم 22 عضواً، باستثناء سورية، وصادق عليها 14 بلداً. ولتحقيق كفاءة أفضل في إدارة الموارد، دعا التقرير إلى استبدال الدعم العشوائي الشامل لأسعار السلع والخدمات، مثل الماء والمحروقات والكهرباء، بدعم موجه إلى الشرائح المحرومة في المجتمع. وينبغي أن تلبي سياسات التسعير الحاجات البشرية الأساسية، وأن تعزز كفاءة الموارد، وأن تسترد كلفة تقديم الخدمات من غير أن يؤثر ذلك على الفقراء.
وفي حين تعالج نسبة 60 في المئة من مياه الصرف الصحي، يرمى أكثر من نصف المياه المعالجة في البحر ولا يعاد استخدامها. وقد تسبب هذا بمشاكل كبيرة في البيئة البحرية تتمثل في ارتفاع نسبة المغذيات العضوية.
وباستثناء دول المشرق التي تعاني حروباً ونزاعات، ارتفعت نسبة السكان العرب الذين يحصلون على مياه الشرب المأمونة من 85 في المئة إلى 90 في المئة، وهي بذلك تقترب من المتوسط العالمي. وقد حقق الوصول إلى مرافق الصرف الصحي المحسنة زيادة كبيرة في السنين العشر الأخيرة، إذ بلغ 85 في المئة من السكان. وتم إصلاح سياسات دعم المياه في العديد من البلدان، وهي خطوة من المتوقع أن تعزز كفاءة استخدام المياه واسترداد التكاليف.
بهزاد: سنعرض تحدياتنا البيئية في مؤتمر «أفد»
تشارك الجمعية الكويتية لحماية البيئة في المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد»الذي ينطلق غدا في العاصمة اللبنانية بيروت والمخصص هذا العام لمناقشة وتناول قضايا «البيئة العربية في 10 سنين».
وقالت أمين عام الجمعية جنان بهزاد إن الجمعية أعدت برنامج عمل مكثفا لمشاركتها في المؤتمر الذي يتناول قضايا ومحاور بيئة منها «ما الذي قامت به الحكومات العربية على مدى العقد الماضي لتعزيز السياسات البيئية؟، وما التغيرات التي حدثت في قطاعات المياه والطاقة والهواء والغذاء والاقتصاد الأخضر؟» بالاضافة الى «كيف ستدرج البيئة في أهداف التنمية المستدامة بعد الحروب والصراعات؟ وكيف يقيّم الجمهور العربي حالة البيئة وأداء الحكومات؟». وبينت ان الجمعية تشارك في جلسة عمل «المجتمع العربي في خدمة البيئة لعشر سنوات» من خلال عرض رؤيتها للتحديات البيئية في الكويت ومنطقة الخليج العربي بعنوان «ماذا سنفعل خلال 10 سنوات مقبلة؟».