كلنا شعر بارتفاع درجات الحرارة في طقس الكويت هذا العام الى درجة غير مسبوقة منذ 30 سنة، وكيف وصلت الى ما فوق الستين، من دون أن يعلم المواطن حقيقة الأمر، ولم تتحرك الدولة نحو ايجاد سبل الحماية للمواطنين والمقيمين من الشمس الحارقة خصوصاً مع هؤلاء العاملين في الخارج. فالارتفاع الكبير لدرجات الحرارة جعلت الناس تتذمر ليل نهار امام معدلات قياسية تجاوزت الـ 55 درجة في الظل، فما بالك عندما نكون تحت الشمس الحارقة؟
حقيقة استغرب من سكوت المسؤولين في بلدي عن هذا الارتفاع غير الطبيعي في درجات الحرارة، والسكوت ايضاً عن حقيقة الرقم المئوي الذي كان واضحا في مبنى وزارة الكهرباء والماء وسط النهار، فهل شدة حرارة الشمس جاءت لنا سراً مثلاً؟.
لقد لمسنا هذا الصيف تذمراً واسعاً بوجوه الجميع، وكأنهم يريدون ارسال رسالة للمسؤولين بأن الأمر ينعكس على صحتهم ونفسيتهم في هذه الاجواء الحالية ولاسيما ان الاطباء غالباً ما يحذرون من مغبة التعرض لاشعة الشمس المباشرة لفترة طويلة لانها تؤدي حتماً إلى اضرار صحية جسيمة قد تؤدي الى الوفاة! لذلك ينصح الاطباء بعدم الخروج في هذه الاوقات والمكوث تحت الهواء البارد عند الذهاب الى اي مكان في الخارج.
ولكن نلاحظ ان الامر مختلف تماماً لدى موظفي الدولة الذين يعملون في المؤسسات والجهات الحكومية، وايضاً طلبة المعاهد والجامعات الملتحقين بدوام الفصل الصيفي، فهم يواجهون اشعة الشمس الحارقة طوال الاشهر الحارة كمايو ويونيو ويوليو واغسطس وربما يمتد ذلك الى سبتمبر، فماذا اعدت الدولة لمواجهة حرارة هذه الاشهر؟ وما السبيل لتجنب خطر الاصابة بضربات الشمس التي تكون في بعض الأحيان مميتة؟ هل ساهمت الدولة في رفع مستوى الوعي الوقائي لموظفي الحكومة واصحاب العمل والعمال وبالاخص في ما يخص مخاطر العمل والوقاية من حوادثها في فصل الصيف بالذات؟.
لا اعتقد ان هناك دولة في العالم تنصح موظفيها بالذهاب لمقار اعمالهم تحت طقس حار يلامس الـ 55 و60 درجة مئوية، وبالتالي لا بد أن تعيد الدولة النظر لايجاد حلول لحماية المواطنين والمقيمين الموظفين، من خلال توفير البيئة المناسبة تماشياً مع المواثيق والاعراف والقوانين الدولية التي اصبحت تتدخل اليوم في كل شيء. لقد تفاعل النائب الدكتور وليد الطبطبائي مع هذه القضية الانسانية، فقدم اقتراحا برلمانياً يقضي بصرف العاملين في المؤسسات والجهات الحكومية والطلبة عند بلوغ درجة الحرارة 50 درجة مئوية في محطات الرصد الرسمية، على ان تتم عملية الانصراف من خلال الرسائل النصية والالكترونية بالاضافة الى تزويد الجهات المذكورة بشاشات تبين درجة الحرارة مباشرة.
الا ان مع الأسف، اعتقد البعض ان هذا التفاعل يعتبر تكسباً انتخابياً جديداً على مصلحة المواطن رغم ان هذه القضية شعبية وجاءت وفق المواثيق الدولية التي تؤكد وجوب سلامة وحماية المواطنين الموظفين من اي مخاطر او اضرار صحية كبيرة، وبالتالي على الدولة مواكبة الإستراتيجيات والمبادرات الدولية ذات الصلة بتوفير الصحة المهنية لجميع موظفيها، والوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية للحفاظ على الصحة والسلامة المهنية في اماكن العمل.
اطباء العالم يحذرون من ارتفاع درجة الحرارة التي تضرب معظم البلدان في موسم الصيف، ونلاحظ الازدياد في كل عام، وينبهون الناس من المخاطر والأمراض الناجمة من الحر الشديد والتي قد تصل إلى الوفاة أو الى التهاب الجلد والسكتات الدماغية والصداع النصفي والاصابة بالربو والحساسية وامراض الجهاز التنفسي والقلب والاوعية الدموية، بل ربما الأبعد من ذلك، كالأمراض النفسية والعنف والتوتر وسرطان الجلد، في حين يناشد اطباء الكويت مرضى القلب والسكري بالذات، عدم الخروج وقت الظهيرة الا عند الحاجة القصوى مع ضرورة اتخاذ الاحتياطات الكافية.
والغريب في ذلك ان ديوان الخدمة المدنية ليس لديه مانع في يوم دوام تلامس فيه درجة الحرارة الـ 65، على اعتبار انه لا يوجد قانون او قرار صريح يوضح كيفية التعامل مع درجات الحرارة القياسية في فصل الصيف!.