في الوقت الذي لا تزال فيه لجنة التحقيق البرلمانية في اختفاء الحاويات تبحث عن خيوط هروب الحاويات الـ 11 التي أثارت قضيتها ، عادت الأزمة إلى الواجهة مجدداً، لكن هذه المرة عبر باب خلفي يعتقد مستندياً أنه تم فتحه بين مخلص جمركي وشركة مسؤولة عن إحدى المستودعات ووكالة بحرية ومفوَّض بالتوقيع، وربما تمتد المسؤولية إلى موظفين في الإدارة العامة للجمارك.
وفي هذا الخصوص عُلم أن «الجمارك» هي من اكتشفت الواقعة هذه المرة، وطلبت من النيابة العامة تحريك دعوى جزائية، بعد ورود معلومات تفيد بوجود تلاعب وتزوير في المستندات الخاصة بإحدى الإرساليات الجمركية لعدد 3 حاويات، يفترض أنها محملة بالسيراميك طبقاً لبوليصة شحنها، وذلك من إحدى الشركات المرخص لها من مؤسسة الموانئ الكويتية باستغلال مستودع جمركي، حيث تم تغيير اسم المستفيد إلى آخر، علاوة على ختم صورة البوليصة بختم شركة ملاحة مشكوك فيه.
لكن ما تبين لدى «الجمارك» حتى الآن يفيد بوجود تهرُّب من الضريبة الجمركية لهذه الحاويات بقصد ظاهر عن طريق التزوير في المحررات الرسمية، إلا أن الواقعة ادت التكهنات بخصوص نوعية الشحنة الحقيقية لهذه الحاويات، لاسيما وأنه تم تفريغها بعيداً عن أعين الجمارك.
وبيَّنت مصادر، أن إدارة جمارك الموانئ الشمالية لحظت من خلال التدقيق على البيان الجمركي ومستندات هذه الحاويات أن هناك تزويراً في اسم المرسل إليه، حيث إن اسم المستفيد في البوليصة يختلف عن اسم المستفيد المذكور في البيان الجمركي، إذ تم الشطب والتعديل اليدوي على البوليصة، وعلى أصل أذونات التسليم لثلاث حاويات مفتوحة.
ولفتت إلى أنه بالبحث تبيَّن أن البيان الأصلي ومرفقاته مفقودة بقسم توثيق المستودعات الجمركية، ولم يستدل عليه، وما زاد من المخاوف أكثر، أنه تم اكتشاف أن صاحب البضاعة لم يستلم المستندات المطلوبة حسب الإجراءات المتبعة في «الجمارك»، حيث كانت المفاجأة بأن هذه الحاويات تم إخراجها من المستودعات ومن ثم إرجاعها فارغة بتاريخ اليوم التالي.
ومن الواضح أنه لم يتم اكتشاف الواقعة لدى الوكالة إلا بعد أن أفاد محاسبها بأن هناك حاويات خرجت ولم يتم دفع رسومها، إذ أرجعت الشركة سبب عدم اكتشافها لهذا الخلل لكثرة التقارير اليومية الخاصة بوضع الحاويات، وعدم ملاحظة هذا الخلل أثناء مراجعة التقارير اليومية كون إذن التسليم الأصلي بحوزتها، ما ترتب عليه استحالة إجراء بيان جمركي يمكنه من استخراج الحاويات.
وبحسب المصادر، سعى صاحب الشركة إلى حل الموضوع بطريقة ودية دون تدخل من الإدارة العامة للجمارك، وأنه على أتم الاستعداد لدفع الرسوم المطلوبة التي لم تدفعها الشركة، إلا أن صورة إذن التسليم الذي قام المخلص باستلامه، أظهر وجود تعديل بخط اليد، ووجود ختم لشركة أخرى، حيث قام بتغيير اسم المرسل إليه إلى شركة أخرى.
كما لوحظ تغيير التاريخ وتغيير الاسم مرتين، وفي كل تغيير تم وضع ختم شركة الوكالة، بما يخالف إذن التسليم المقرر قانونياً، والذي لا يسمح أن يتم تعديل هكذا بيانات يدوياً، ما استدعى التبليغ عن الواقعة، خصوصاً وأنه لم يتم تسليم إذن التسليم الأصلي ولا إذن تسليم حاويات مملوءة من قبل الشركة، كما أن التدقيق أظهر أن شركة الوكالة قامت بتسليم أوراق لشخص ليس له صفة قانونية بالشحنة الواردة ولا يحمل تفويضاً من الشركة. وأوضحت المصادر أن تحرُّك «الجمارك» في الوقت الحالي قائم على أساس تحريك دعوى جزائية على أساس ثبوت واقعة التهرب الجمركي، من خلال التزوير في أوراق ثبوتية بقصد استعمالها على نحو يوهم بأنها تطابق الحقيقة، مبينة أن الفاعل اصطنع محرراً ونسبه إلى شخص لم يصدر منه.
وأوضحت المصادر أنه وفقاً لقانون الجمارك تختص الإدارة في التعامل مع هكذا مخالفات من خلال تحريك دعوى جزائية تتعلق بتقدير الضريبة الجمركية، أما بالنسبة للجرائم الأخرى التي قد تشملها هذه الواقعة سواء من خلال افتراض وجود مخدرات أو أسلحة أو أي ممنوعات أخرى «أي بضائع ممنوعة»، فهذا من اختصاص النيابة العامة التي تكيِّف الواقعة قانونياً في ضوء التحقق من وقوع جرائم جزائية أخرى، فضلاً عن جريمة التهريب الجمركي.