لا يكلّ تجار الموت والباحثون عن الأذى من ابتداع الوسائل التي تمكنهم من الإيقاع بفرائسهم وتحقيق غاياتهم... وجاءت الوسيلة الجديدة ابتكارا مناسبا لهم لسهولة إيقاعهم بضحاياهم، وتتمثل في الألعاب الإلكترونية التي غالبا ما تكون نهاياتها وخيمة.
فمن لعبة «البوكيمون» التي جرى المراهقون وراءها إلى مواقع شكلت خطرا حقيقيا عليه، إلى لعبة «الحوت الازرق» التي ينتهي معها المراهق في اليوم الخمسين من ممارستها إلى الانتحار، وهذه اللعبة، أحدثت ضجة عالمية بعدما تسببت في انتخار 130 طفلا ومراهقا في روسيا وحدها، وسط تحذيرات كثيرة من السماح للأطفال بممارستها حفاظا على سلامتهم.
«الحوت الأزرق» لعبة الكترونية موجهة لفئة المراهقين، تلزم من يلعبها بأن يشترك ويتبع التعليمات على مدى 50 يوما، حيث يقوم خلال هذه الفترة الزمنية شخص مجهول من داخل اللعبة بتعيين مجموعة من المهام لابد للمراهق من تأديتها، وفي حالة قرر المشترك الانسحاب من اللعبة يقوم التطبيق نفسه بتهديد اللاعب بنشر صوره الخاصة التي قام بسحبها من هاتفه الجوال، اثناء لعبه، حيث يتم طلب عدة أوامر من اللاعب، بينها مشاهدة أفلام رعب وزيارة اماكن خطرة، الى نهاية الخمسين يوما وفي النهاية يطلب من الشخص الانتحار للفوز بالمباراة النهائية.
وقد تناولت صحف ووكالات انباء عالمية خبر «الحوت الازرق» حيث ذكرت وسائل الاعلام الروسية ان ما يقارب من 130 طفلا انتحروا في فترة الستة اشهر الماضية، وبعد ان تم حث الاطفال على استخدام سكين او شفرة حلاقة لقطع شكل الحوت على معصمهم او ساقهم. كما ذكرت الصحف البريطانية ان هناك ثلاث فتيات انتحرن واصيبت اخريات من هذه اللعبة المتداولة التي يمكن إنزالها على الهواتف الذكية.
وزارة التربية حذرت، على لسان وكيل وزارة التربية المساعد لشؤون التنمية التربوية والانشطة فيصل المقصيد، أولياء الامور من انتشار هذه اللعبة الخطرة خصوصا مع بدء الاجازة الصيفية للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة.
وأشار المقصيد في تصريح صحافي الى ضرورة اخذ الحيطة والحذر من قبل أولياء الأمور والانتباه لمخاطر اللعبة التي أثارت جدلاً عالمياً وخليجياً لافتاً إلى أنه لم يتم رصد أي حالات في مدارس الوزارة لكن الامر يستدعي توعية أولياء الأمور بهذا النوع من الألعاب الالكترونية الخطرة مع سهولة انتشارها عبر التطبيقات الالكترونية وعدم توافر الرقابة اللازمة داخل البيت.
بدوره، قال الخبير والاخصائي في تكنولوجيا المعلومات الدكتور أنور الحربي ان اللعبة تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الانستغرام وغيرها، ويتم اللعب فيها مباشرة مع مجاميع يتم تشكيلها وادارتها من قبل مشرف عليها، ويعطي تعليماته لاعضاء القروب التي عادة ما يكونون من الشباب والشابات في سن المراهقة المولعين بالالعاب الالكترونية، وذلك على مدى 50 يوما وبفترات محددة للعب يوميا.
واضاف الحربي لـ«الراي» ان اللعبة تتعلق ببعض الأوامر والتعليمات على مراحل تزيد خطورتها مع المدة وادمان اللاعب على بعض المراحل وشغفه في البداية باكمالها حتى يصل الى مرحلة لا يستطيع ان يترك اللعبة ويكون تحت سيطرة هذا المشرف الذي يعطي اوامره بمشاهدة افلام الرعب وايذاء النفس والادمان الرقمي والاستيقاظ في اوقات غير طبيعية من النوم لتلقي الاوامر بعيدا عن اعين اولياء الامور.
واشار الحربي، الى ان المفاجأة والصدمة وصول اللاعب الى المرحلة الاخيرة في اليوم الخمسين من مدة اللعبة حيث يصدر له اوامر بـ «الانتحار» والتي يتلقاها اللاعب المراهق وينفذها دون شعور او وعي.
وشدد الحربي على اولياء الامور بضرورة مراقبة ابنائهم المراهقين ومتابعة الالعاب التي تكون في اجهزتهم الذكية، وتوعيتهم بخطر هذه الالعاب الخطرة، متمنيا على اصحاب المحال في الكويت عدم الانجرار وراء هذه اللعبة وتسهيل حصول المراهقين عليها، وخصوصا ان نهايتها مأسوية سواء بالانتحار او الفشل الدراسي والاجتماعي، لافتا إلى ان هذه اللعبة تعطي الحافز للادمان وتقمص الشخصيات العدوانية واثارة المشاكل والمشاجرات التي لا يكون اصحابها في وعي وادراك لما يقومون به، مع سهولة حصول المراهقين على الهواتف الذكية وقضاء وقت طويل خارج البيت وفي غياب رقابة اولياء الامور.
ومن الناحية النفسية، أكد أستاذ علم النفس بجامعة الكويت الدكتور خضر البارون أن المراهق يحب الإثارة، ويبحث عن كل ما هو جديد ومثير، بالإضافة إلى تقمصه لشخصية البطل في أي لعبة، إلى درجة الوثوق بهذه الشخصية وتنفيذ أوامرها والالتزام بتعليماتها، ضاربا مثلا على ذلك، بلعبة البوكيمون التي جعلت من يلعبها أن يدخل بيوت الناس من دون إذن، وبناء على أوامر من شخصية إلكترونية وهمية.
وطالب البارون عبر «الراي» أولياء الأمور بإشراك أبنائهم المراهقين، بنين وبنات، في الحياة الاجتماعية والأسرية من خلال تكليفهم بمهام تعزز الثقة بأنفسهم وتشغل فراغهم، إضافة إلى التقرب من الأبناء وكسب ودهم برحلات جماعية إلى المرافق الترفيهية وحتى الزيارات الاجتماعية، وإشراكهم في الأندية الرياضية لملء أوقاتهم قدر الإمكان.
وعن كيفية مراقبة الأبناء، ذكر البارون أن المراهقين الذين يستخدمون الالعاب الإلكترونية تظهر عليهم بعض الأعراض، مثل قضاء الوقت الطويل في اللعب، ونسيان الأصدقاء، واضطراب النوم عندهم، والتخلف في الدراسة، والانعزال في غرفهم الخاصة أغلب الوقت، وانشغالهم باجهزتهم الإلكترونية والبرامج التي لا يعرف عنها أولياء الامور شيئا.
وأيدت أستاذة علم الاجتماع بجامعة الكويت الدكتور سهام القبندي، قول زميلها البارون، بضرورة توجيه المراهقين إلى الألعاب الجماعية عبر النوادي، حيث تنمي شخصياتهم، وتعدل نفسياتهم، وتخلق فيهم روح التعاون والإيثار بالتعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى تكوين صداقات تعزز الجانب الاجتماعي لديهم.
وقالت القنبدي لـ«الراي» إن الألعاب الجماعية تقي المراهق من الأمراض كالسمنة وغيرها، من جهة، ومن جهة ثانية تملأ فراغهم بما هو مفيد لهم بعيدا عن الانطوائية التي تخلقها الألعاب الالكترونية حيث يتعامل الطفل معها ويتفاعل من جانب واحد فقط، مما ينمي لديه روح الانطوائية والانانية ورفض التعامل والتعاون مع الآخرين، ويصبح صيدا سهلا للمتربصين، من اصحاب الأفكار الهدامة التي تكون نهايتها سيئة على المراهق. واستشهدت بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوته لتعليم الأبناء السباحة والرماية وركوب الخيل، لما في تلك الألعاب من تنمية للرجولة والصلابة والدفاع عن النفس.
فيليب بوديكين حرّض 16 تلميذة على الانتحار
مخترع اللعبة: الضحايا «نفايات» طهّرت المجتمع منها!
اعترف مخترع لعبة «الحوت الأزرق» الروسي فيليب بوديكين في وقت سابق، بالتهمة الموجهة إليه من تحريض 16 تلميذة، على الأقل، لقتل أنفسهن من خلال المشاركة في جنون وسائل التواصل الاجتماعي التي أطلق عليها اسم الحوت الأزرق، ووصف الروسي ذو الـ21 عاما، أثناء اعترافه بأن ضحاياه كانوا مجرد نفايات بيولوجية، وأنهم كانوا سعداء بالموت، وأن ذلك كان تطهيراً للمجتمع.
ووفقاً لما نقلته صحيفة الديلي ميل، فإن «لعبة الحوت الأزرق، هي لعبة انتحارية تعتمد على غسل دماغ المراهقين الضعفاء لمدة تصل إلى 50 يوما، وأمرهم بعمل مهمات معينة مثل مشاهدة أفلام رعب، والاستيقاظ في ساعات غريبة من الليل، وإيذاء النفس، وبعد أن يتم استنفاد قواهم في النهاية، يتم أمرهم بالانتحار».
وحذر أنطون بريدو، وهو مسؤول كبير في لجنة التحقيق في القضية، قائلا: «كان فيليب على دراية كاملة بما يجب عمله للحصول على النتيجة التي يريدها، فقد بدأ في عام 2013، ومنذ ذلك الوقت وهو يحسن من خططه ويصحح أخطاءه، وقام هو ومساعدوه في البداية باستدراج الأطفال إلى مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام بعض الفيديوهات المخيفة».
وأضاف «مهمتهم كانت جذب أكبر عدد ممكن من الأطفال، واكتشاف الأكثر قابلية للتلاعب النفسي، وتم إعطاؤهم مهاما مثل قطع عروقهم، والوقوف على حافة مبان عالية، أو قتل حيوان ونشر الفيديو أو الصور لإثبات ذلك، ولحسن الحظ فقد غادر معظم الأطفال في تلك المرحلة، أما المجموعة التي بقيت، أطاعوا كل الأوامر، ومنهم من وصل إلى الانتحار».
وقال أنطون «إحدى المشاكل التي واجهتنا هو أن 15 مراهقا انتحروا جميعا بناء على تلك الأوامر، تم إخطارهم بحذف جميع المراسلات في حساباتهم على الشبكات الاجتماعية، إلا أن فتاة مجهولة الهوية بعد أن وصلت إلى المرحلة النهائية قررت التوقف، وقدمت للمحققين أدلة حاسمة أدت إلى القبض على فيليب».
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن مئات المراهقين الروس، وأغلبهم فتيات، قد انتحروا بعد تعاملهم مع مجموعات الموت هذه عبر الإنترنت، وتخشى السلطات الروسية أن فيليب قد يتسبب في انتحار عشرات آخرين.
وقال مسؤول في سجن كريستي فى سان بطرسبورغ، المحتجز فيه المتهم منذ اعتقاله في نوفمبر الماضي، إنهم تلقوا عشرات من رسائل الحب من الفتيات من أجله، وبحكم القانون يقولون إنهم لا يستطيعون منعه من تلقي رسائل الفتيات والرد عليها، وأغلبهن في سن المراهقة، واللاتي يزودنه بعناوينهن.
وقالت الأخصائية النفسية، فيرونيكا ماتيوشينا «على الأرجح، فإن الفتيات الصغيرات اللاتي وقعن في حب فيليب، لم يحصلن على ما يكفي من الحب والاهتمام من والديهن، فيما قدم هذا الشاب لهن الدعم والاهتمام بطريقة ما، وهذا ما ولد تلك المشاعر الرومانسية تجاهه».