قبل أيام وخلال جلسة علنية لمجلس الأمة، بين رئيس المجلس مرزوق الغانم أن معدل نمو أعداد المواطنين في الكويت يفوق المعدل الطبيعي بمراحل، وأن هناك تزويراً كبيراً في ملفات الجنسية لحالات قد يصل عددها إلى مئات الآلاف. وأنه لهذا السبب لا يمكن تعديل القوانين المتعلقة بالجنسية قبل كشف هذه الحالات واتخاذ اللازم بشأنها. على صعيد آخر، قام مواطنون بالتشكيك بانتماء مواطنين آخرين، وغالبا سيكون لذلك آثار سياسية واجتماعية  قبل انتهاء التحقيقات بهذا الشأن. لكن لندع الآثار السياسية  ونحاول تحليل البيانات بحيادية ودون أي انحياز إذا استطعنا إلى ذلك سبيلاً.

ليس هناك ما يعيب السعي للحصول على جنسية
ليس هناك ما يعيب الهجرة والسعي للحصول على جنسية دولة بحثا عن حياة أفضل أو مزايا اقتصادية أكثر. فقد هاجر العتوب ومنهم أسرة كبيرة من الجزيرة العربية إلى الكويت. وقد هاجر الأوروبيون وبعدهم الكثيرون من مختلف دول العالم إلى الولايات المتحدة بحثا عن فرص أفضل. ويذكر تاريخ الكويت هجرة تجار إلى البحرين بعدما تضايقوا من سياسة الشيخ مبارك في رفع الضرائب والرسوم عليهم. واليوم نجد العديد من المشاهير يحصلون على جنسيات دول أخرى وأحيانا يتخلون عن جنسياتهم الأصلية ليدفعوا ضرائب أقل أو للحصول على ميزات خاصة مثل:
1 – سعى ادواردو سافرين وهو أحد مؤسسي فيسبوك للحصول على جنسية سنغافورة وتخلى عن جنسيته الأميركية بسبب ضرائب سنغافورة المنخفضة بالنسبة للأثرياء.
2 – سعت المغنية تينا تيرنر للحصول على جنسية سويسرا وتخلت عن جنسيتها الأميركية بسبب المزايا الضريبية في سويسرا.
3 – سعى الممثل جيت لي للحصول على جنسية سنغافورة وتخلى عن جنسيته الأميركية وجنسيته الصينية لأن قانون سنغافورة يمنع الازدواجية في الجنسية.

السماح بازدواجية الجنسية لا يصلح لكل الدول
تسمح العديد من دول العالم لمواطنيها بالحصول على جنسية أخرى، لأنه بطبيعة الحال سيدفع المواطن الضرائب للدول التي يحمل جنسيتها. ويستقر في الدولة التي يفضلها. إلا أن هناك ظروفا خاصة تمنع بعض الدول من السماح لمواطنيها بالحصول على جنسيات دول أخرى مثل:
1 – النرويج: تم منع ازدواجية الجنسية لأسباب تتعلق بالولاء وحماية الثروة الوطنية (هناك حملة مؤخرا لتغيير ذلك بعد أن فقد الكثيرون جنسيتهم النرويجية بسبب حصولهم على جنسيات أخرى).
2 – سنغافورة: تمنع الحكومة ازدواجية الجنسية بسبب طبيعة سنغافورة الجيوسياسية لأن ذلك قد يسهل تخلي المواطنين عن الدولة في الأزمات.
في حالة الدول الريعية يستفيد المواطن «المزدوج» من مزايا أكثر من دولة، وقد يتولد عنده شعور بنهب الدولة التي لا يعيش فيها أو التي يخطط للعيش فيها مؤقتا لحساب الدولة التي يعيش فيها أو يحس أكثر بالانتماء لها. وينطبق على الكويت الى حد ما حالة كل من النرويج في الثروة وسنغافورة في الأوضاع الجيوسياسية. ولكي نكون منطقيين إلى أبعد مدى، من كان سيحرص أكثر على تحرير الكويت بعد الغزو وبعد إلغاء تأثير حجم ثروته داخل البلد، هل هو المواطن الذي ينتمي للكويت فقط أو من كان مزدوجاً وله جنسية دولة أخرى؟
ولكي نضع النقاط على الحروف بهذا الصدد، تشير بيانات البنك الدولي لسنة 2013 إلى أن هناك 134.184 ألف كويتي أو %10 تقريبا من إجمالي الكويتيين مقيمون بالسعودية. ويمكن الاستدلال على وجودهم من حركة المنافذ الحدودية أيام الانتخابات.
لذلك، لا يمكن لأحد أن يصدق أن الحكومة لا تعرف المزدوجين وأعدادهم وهوياتهم. لكنها لا تريد تطبيق القانون عليهم لكي يكون وضعهم جزءا من المساومات السياسية المستمرة بين الحكومة والسياسيين.

تكاليف التجنيس السياسي تتضاعف بمرور الوقت
بعد تصدير النفط، أصبحت الكويت أغنى جيرانها على مستوى الإيرادات النفطية لعدد المواطنين مقارنة بالسعودية والعراق وإيران. لذلك، لم تكن هناك حاجة لإضافة مكون جديد للتركيبة السكانية بسبب التجنيس السياسي أو التجنيس لشراء الولاءات السياسية. إلى ذلك، يشهد العديد من المراجع السياسية على أن التجنيس السياسي كان نتيجة صراعات سياسية بين أقطاب في فترات معينة. فعملية التجنيس قد لا تكلف الكثير على المدى القصير بل من الممكن أن يبيع المتنفذوين الجنسية لقاء مبالغ نقدية كبيرة بسبب ما تقدمه الدولة للمواطن. نشرت القبس بتاريخ 2015/2/24 دراسة تقدر تكلفة المواطن على الدولة من الولادة حتى الوفاة بمبلغ 948 ألف دينار. والتي لو تم استثمارها بعائد %5 سنويا لأصبحت 906 ملايين دينار عند وفاته. وكذلك بينت الدراسة أن قيمة الجنسية الكويتية المالية تبلغ ذروتها للفئة العمرية 25-29 سنة بمبلغ 346 ألف دينار للجنسية الواحدة. وتبين حالة التجنيس السياسي قصر نظر الحكومة في الكويت بشكل كبير واهتمامها بالحاضر على حساب المستقبل.