بات موضوع تعديل التركيبة السكانية موقتاً على ساعة جلسة الثاني من فبراير، بتأكيد من الحكومة بالحضور، وباستعجال نيابي لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخلل، مع توخي إنصاف الوافدين، وأن يكون الاستغناء عن العمالة الهامشية، وتحميل المجتمع جزءاً كبيراً من مسؤولية التضخم في أعداد الوافدين، الذي بات قضية دول الخليج بكاملها، حيث تبلغ اعداد الوافدين في بعضها نسبة 90 في المئة من إجمالي السكان.وفيما تلوح في هذه الآفاق نغمة تفاؤل بمعالجة الخلل، طغت موجة معاكسة من نظرة اقتصادية، رأت أن 85 في المئة من سكان الكويت سيكونون من الوافدين خلال السنوات العشر المقبلة، وأن ربع مليون كويتي سيكونون في قوائم الباحثين عن عمل خلال الأعوام العشر، وسيرتفع عددهم إلى ما بين 550 و600 ألف في غضون 15 سنة.وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبد الله ان «الحكومة تحضر دائماً الجلسات الخاصة أو سواها، ولديها القدرة على طرح مواضيعها، وهي ستحضر بكامل جهوزيتها الجلسة الخاصة بالتركيبة السكانية وبما لديها من أدلة وأرقام، وستعرض خطتها لمعالجة الخلل في التركيبة خلال الجلسة».وبسؤاله عن مطالبة منظمة العفو الدولية، في معرض تعليقها على المطالبات النيابية بفرض رسوم على الوافدين، بضرورة أن تشمل المواطنين أيضا، قال العبدالله إنه «وفق النص الدستوري لا يجوز فرض ضرائب إلا بقانون والقوانين تصدر من السلطة التشريعية، وسيكون للحكومة دور في أي تشريع يصدر سواء كان ضريبياً أو سواه، ونحن ننتظر المقترح الذي سيقدم من قبل المجلس وسنتعامل معه».وعلى صعيد جلسة معالجة خلل التركيبة السكانية، أكد النائب الدكتور وليد الطبطبائي الحاجة الماسة إلى تعديل التركيبة، مطالبا بـ «ألا يقل عدد المواطنين عن 50 في المئة بالنسبة للوافدين، وألا تتجاوز الخطة الموضوعة مدة الـ 10 سنوات للوصول إلى هذا الرقم وبعد ذلك يتم تثبيته».وقال الطبطبائي «تقدمت باقتراح بقانون لتعديل التركيبة السكانية متمنياً ان تنتهي منه اللجان المختصة قبل الجلسة الخاصة المقرر عقدها في 2 فبراير المقبل لاقراره خلالها، ويتضمن الا يقل عدد الكويتيين عن 50 في المئة»، لافتاً إلى «أن التركيبة السكانية لها تأثير على الأمن الاستراتيجي، ونحن الآن بحاجة للوصول إلى نقطة التعادل التي اعتبرها نقطة أمان».واعتبر النائب صالح عاشور ان «التركيبة السكانية هي قضية كل دول الخليج، لان هذه الدول لا تستطيع الاعتماد على مواطنيها في القضايا الفنية والخدماتية، فمن باب اولى الاستفادة من غير الخليجيين في هذه الأمور الفنية»، مشيراً إلى ان «هذا الجانب لا خلاف عليه لان دور الوافدين ملحوظ في بناء بلادنا في شتى المجالات، خصوصاً الأيادي العربية العاملة».وأوضح عاشور ان «من غير المقبول ان يشعر المواطن انه غريب في وطنه، خصوصاً أن نسبة الوافدين وصلت إلى 70 في المئة، ووصلت في بعض دول الخليج إلى 90 في المئة، وهذا وضع غير صحي من الناحية الديموغرافية، ولذلك نحن نقول انه من باب العدالة يجب ان تكون النسبة 50 في المئة لكل من المواطنين والوافدين».ورأى عاشور أن «موضوع استقدام الأيادي العاملة أحد روافد الثراء في الكويت، لان بعض الشركات والمتنفذين والشيوخ يستفيدون من الإقامات»، متسائلاً «هل تستطيع وزيرة الشؤون التصدي لهذا الأمر؟ انا ارى انها لا تستطيع وهذا الواقع سيستمر إلى ان يكون هناك تشريع حقيقي ملزم لوزارتي الداخلية والشؤون ليكون هناك تعديل لشروط استقدام العمالة».وأشار النائب عدنان عبدالصمد إلى أن «كافة الدراسات لدى الحكومة وهي تمتلك أعداد المواطنين وأعداد الوافدين وأعداد كل جالية، وعليها أن تتحلى برؤى واضحة وقرارات انسانية وعدم تحميل الوافدين المسؤولية»، لافتاً إلى أن «الوافدين ليسوا هم السبب في الإخلال بالتركيبة السكانية إنما هم المواطنون، سواء كانوا مواطنين عاديين أو متنفذين، وغالبية الشعب شريك في الخلل وليس الوافدون من يتحمل المسؤولية، لأن الوافد لا يأتي من تلقاء نفسه وإنما يصل إلى الكويت بطلب من كويتي».ورأى رئيس لجنة حماية الأموال العامة البرلمانية النائب شعيب المويزري أن «تعديل الخلل في التركيبة السكانية يجب أن يكون منصفاً ولا يقع على الوافدين الذين لديهم اقامة رسمية ويؤدون عملهم، وإن كان هناك قانون جديد فينبغي أن يشمل مخالفي الاقامة والعمالة الهامشية».وقالت النائبة صفاء الهاشم «إن الجلسة الخاصة مستحقة، وجاءت مناسبة، لبحث ملف غاية في الأهمية، لأن زيادة عدد الوافدين وطغيانه الكبير جداً على عدد المواطنين يحتاج إلى وقفة ورؤية حكومية، فتقليص العدد بات ضرورة ملحة تتطلبها الدواعي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والخدماتية».ووجه النائب عمر الطبطبائي سؤالاً برلمانياً إلى وزيرة الشؤون وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية هند الصبيح ذكر فيه ان «الكويت تعاني من خلل كارثي في التركيبة السكانية حيث بلغ عدد الوافدين ثلاثة أضعاف المواطنين، مع ما يسببه ذلك من ضغط غير مسبوق على البنية التحتية والموارد المالية للدولة، خصوصاً وأن الكويت تتمتع بنظام رعاية قل مثيله، الأمر الذي سمح للوافدين بالقيام بتحويلات مالية قياسية خلال السنوات الماضية، مستنزفين بذلك الاقتصاد الوطني في ظل وقوف الدولة عاجزة عن كبح جماح المبالغ المليارية المحولة للخارج، سواء من خلال فرض رسوم على التحويلات أو رفع قيمة الرسوم المفروضة عليهم، ما يعكس قيمة الخدمات الحقيقية المقدمة لهم».وتوقّع رئيس لجنة الكويت الوطنية للتنافسية، الدكتور فهد الراشد، أن يشكّل الوافدون 85 في المئة من إجمالي سكان الكويت خلال الأعوام العشرة المقبلة، معتبراً أن حدوث هذا الأمر «هو نتيجة الحصيلة التراكمية لعناصر الضعف في الاقتصاد المحلي، التي قادت إلى الخلل المستمر في التركيبة السكانية».وقدّر الراشد خلال مؤتمر صحافي عقدته اللجنة أول من أمس، أن تستمر الاحتياطات المالية بين 8 و12 سنة في ظل نمط الإنفاق الحكومي الحالي، مرجحاً في الوقت نفسه أن تنخفض هذه المدة إلى 7 سنوات وربما أقل، في حال تواصل الانخفاض في أسعار النفط.ولفت إلى أن من ضمن حصيلة عناصر الضعف الاقتصادي، التزايد المستمر في أعداد الكويتيين الباحثين عن عمل، إذ سيصل عددهم إلى 250 ألفاً خلال 10 سنوات، ومن 550 إلى 600 ألف خلال 15 سنة.ودعا الراشد السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلى العمل على معالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية بدرجة عالية من الجدية، وإحداث تغيير جذري في نهج إدارة شؤون البلاد، من خلال 6 توجهات رئيسية، منها إيجاد جهة مركزية لإدارة الاقتصاد من خلال هيكل مؤسسي متكامل لإدارة وتوجيه الأجهزة الاقتصادية والمالية، ووضع وتنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي، عبر وتيرة متسارعة لتحقيق نمو مستدام يشمل ترشيد الإنفاق، ووقف الهدرالمالي، بالإضافة إلى تنويع الأنشطة الاقتصادية، وتطبيق قوانين محاربة الفساد، ومبادئ قواعد المحاسبة والثواب والعقاب بحزم.