«هوت ربة منزل من الطابق الخامس فى منزلها بمدينة نصر على الأرض جثة هامدة، انفجر رأس الضحية وتناثر حول الجثة فى محيط مترين من مكان السقوط».. المشهد كان مأساوياً بحسب شهود العيان الذين أسرعوا فى تغطية الجثة بأوراق الجرائد، وأحاط الغموض بملابسات الواقعة حتى تمكن المقدم محمد الصعيدى، رئيس مباحث قسم شرطة مدينة نصر ثان، من فك طلاسمها، وألقى القبض على زوج المجنى عليها الذى نفذ الجريمة بسبب تأخر الضحية فى غسيل ملابسه.

القاتل هرب من مسرح الجريمة فى «شارع الصحة» بمدينة نصر والشرطة ضبطته بعد ساعة فقط

أصيب سكان العقار المكون من 6 طوابق فى شارع الصحة بمدينة نصر بحالة من الذعر عقب حدوث الجريمة، وأسرع الجيران إلى أسفل العقار لمعرفة صاحبة الجثة، وتجمع الجيران حول الجثة حتى نزول زوج المجنى عليها «أحمد محمد عبدالحميد»، 35 سنة، الذى أخبرهم بأنها جثة زوجته «صابرين محمد مصطفى»، 28 سنة، وأنها سقطت أثناء وجودها فى شرفة الشقة، حيث اختل توازنها، وتجمّع الجيران حوله من أجل مواساته، لكنه كان يتظاهر بالحزن، ولم تمر سوى لحظات حتى نجح فى الهروب من جانب الجثة.

توالت الاتصالات من الجيران على رئيس مباحث قسم مدينة نصر ثان الذى انتقل على رأس قوة أمنية إلى مكان الحادث وتحفظ على مسرح الجريمة، وأخطر المستشار محمد عبدالشافى، المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة، بالواقعة، ونُقلت الجثة إلى مستشفى جراحات اليوم الواحد بمعرفة مشرف الإسعاف أحمد عشماوى، وبدأ فريق المباحث فى جمع المعلومات من جيران المجنى عليها الذين يسكنون فى الشقة المقابلة لشقة الضحية، والذين أكدوا حدوث مشاجرة بين المجنى عليها وزوجها قبل دقائق من سقوطها على الأرض، وأنهم سمعوا صرخاتها أثناء تعرضها للضرب، وأنهم توجهوا إلى باب الشقة وطرقوا عليه حتى يخلصوها من يدى زوجها لكن لم يُفتح لهم الباب.

التحريات: المتهم أختبأ فى منزل قريب من الحادث وحاول التنصل من جريمته.. لكن محاصرته بالأدلة أدت إلى انهياره واعترافه بكافه التفاصيل

توصلت تحريات المباحث التى أشرف عليها اللواء عبدالعزيز خضر، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، إلى وجود شبهة جنائية حول الواقعة عقب سماع أقوال جيران المجنى عليها، لتعقبها عملية تتبع المتهم قبل هروبه، فلم تمر سوى ساعة ونصف على الجريمة حتى تمكن فريق المباحث من القبض على المتهم الذى كان يختبئ فى منزل قريب من مسرح الجريمة، وتم اقتياده إلى ديوان قسم شرطة مدينة نصر لاستجوابه.

حاول المتهم التنصل من جريمته فى بداية استجواب الفريق الأمنى الذى أشرف عليه اللواء هشام لطفى، نائب مدير الإدارة العامة للمباحث، بقوله: «يا باشا أنا كنت قاعد جنب ابنى إياد بلاعبه ومراتى كانت بتلمّ الغسيل من البلكونة وسقطت على الأرض»، لم تُقنع تلك الحيلة فريق المباحث برئاسة المقدم محمد الصعيدى الذى واجه المتهم بأقوال جيرانه الذين سمعوا تفاصيل مشاجرته مع زوجته قبل قتلها، وأمام محاصرة المتهم بأدلة الاتهام انهار واعترف بتفاصيل جريمته كاملة.

«بصراحة يا باشا اللى حصل إنى ضربتها على وشها كتير لحد ما وقعت على الأرض وتقريباً كانت فاقدة الوعى وشلتها ورميتها من البلكونة»، بتلك الكلمات بدأ المتهم «أحمد» فى سرد تفاصيل جريمته أمام الفريق الأمنى الذى يشرف عليه اللواء أحمد الألفى، مدير المباحث الجنائية، قائلاً إنه دخل فى مشاجرة مع زوجته عقب عودته من عمله فى أحد المطاعم، بسبب وجود جميع الملابس التى يرتديها أثناء خروجه متسخة، وعندما سأل زوجته عن أسباب تأخرها فى غسيل ملابسه، أخبرته أنها كانت مشغولة طوال ساعات النهار فى رعاية ابنهما الطفل «إياد» البالغ من العمر 18 شهراً، ودخل الطرفان فى مشاجرة تبادلا خلالها السباب، وتعرضت المجنى عليها للضرب من المتهم حتى فقدت الوعى، ثم حملها بين يديه وألقاها من الطابق الخامس.

 

الشيطان لعب براسى لما وقعت على الأرض وخفت تكون ماتت فقلت أرميها عشان أهرب من الجريمة

 

«كنت مخنوق من مراتى بسبب إهمالها لطلباتى، عشان كده قررت أخلص منها وأرميها من البلكونة، وكنت معتقد إن الموضوع هيعدى لما أقول وقعت وهى بتلمّ الغسيل». بهذه الكلمات واصل المتهم اعترافه بتفاصيل الجريمة أمام الفريق الأمنى الذى يشرف عليه العميد نبيل سليم رئيس قطاع مباحث شرق القاهرة، قائلاً إن الشيطان لعب برأسه عقب سقوط زوجته على الأرض وإنه شك فى وفاتها عقب ضربه لها بيديه على وجهها، فقرر أن يلقيها من الطابق الخامس حتى يضلل المباحث حول أسباب وفاتها، وإنه لم يكن متأكداً من وفاتها قبل إلقائها من شرفة منزله.

«حملت ابنى الرضيع إياد الذى كان يجهش بالبكاء بسبب انشغالى أنا ووالدته بالتشاجر قبل إلقائها من البلكونة، وتركته عند الجيران وقلت لهم خلوه عندكم لما أنزل أشوف أمه عشان وقعت من البلكونة». بهذه الكلمات واصل المتهم اعترافه بجريمته قائلاً إنه نادم على جريمته وليس على فراق زوجته، بل على مصير نجله المجهول، وانخرط فى نوبة بكاء وظل يردد أمام فريق المباحث فى حضور العقيد حاتم إمبابى مفتش مباحث مصر الجديدة «ابنى حتة لحمة حمرا هيطلطم فى الدنيا من بدرى، أنا السبب فى كل اللى حصل»، وبعد مرور قرابة 3 دقائق توقف المتهم عن البكاء واستكمل سرد تفاصيل جريمته.

«أنا بشتغل عامل ديليفرى فى أحد المطاعم، وكمان طبيعة عملى تحتاج إلى مجهود كبير وشاق لأنى بشتغل 12 ساعة عشان أقدر أعيش أنا ومراتى وابنى، وبعد كل ده برجع البيت مش لاقى فيه راحة»، بتلك الكلمات أنهى المتهم اعترافه بتفاصيل الجريمة، مضيفاً أنه لم يخطط لقتل زوجته، وأن الجريمة حدثت بالمصادفة بسبب عدم اهتمامها بطلباته والتحجج بأمور تافهة، وأنه فقد أعصابه فى المشاجرة وتسرب الشك إليه بأن زوجته فارقت الحياة من تلك الضربات التى تلقتها فقرر إلقاءها حتى يخفى معالم جريمته.

شهود العيان قالوا فى تحقيقات النيابة إنهم فوجئوا بسقوط المجنى عليها على الأرض جثة هامدة، وإنهم لم يتمكنوا من التعرف عليها حتى نزل زوجها وأخبرهم بأنها زوجته، وأنهم صدقوا روايته بسقوطها من شرفة المنزل فأسرعوا إليه وقدموا له التعازى، لكنهم فوجئوا بعد هروبه من مكان الجريمة بأنه منفذ الجريمة، بعد أن كشف جيرانه فى ذات الطابق الخامس أنه كان يتشاجر مع زوجته قبل سقوطها، وأنهم حاولوا دخول شقته لفض المشاجرة لكنهم فشلوا لعدم استجابته لهم أثناء الطرق على باب الشقة.

أما أسرة الضحية فجاءت روايتهم فى التحقيقات بأنهم لم يشاهدوا تفاصيل الجريمة وأنهم عرفوا من الجيران عقب الجريمة، لكنهم أقروا بوجود خلافات مستمرة مع المتهم وزوجته بسبب انشغال المجنى عليها بطلبات نجلهما، لكن تلك الخلافات كانت تنتهى بعد تدخل الأقارب.