كشف خبراء الزراعة عن أن الفساد في مصر كان السبب الرئيسي لظاهرة التصحر وحرمان مصر من أجود الأراضي الزراعية التي تمدنا بالغذاء, وأن رموز النظام السابق قد تعمدوا التغاضي عن مخالفات تحويل الأراضي المستصلحة إلي منتجعات خاصة .
لضمان مساندة أصحابها للحزب الحاكم في الانتخابات. جاء ذلك في الندوة التي عقدها مركز الدراسات المستقبلية التابع لمركز معلومات مجلس الوزراء برئاسة الدكتور محمد إبراهيم منصور, مدير المركز وحضور نخبة من الأساتذة وخبراء الزراعة في مصر لمناقشة أبعاد قضية الأمن الغذائي في مصر والظروف الراهنة, حيث نبه رئيس الندوة إلي خطورةالاتجاه المتزايد نحو استيراد احتياجاتنا الغذائية من الخارج كبديل عن انتاجها محليا.
وقال إسماعيل عبد الجليل, رئيس مركز بحوث الصحرا السابق إن مساحات الرقعة الزراعية في مصر تتناقص بصورة مروعة بسبب أعمال التجريف والبناء المخالف عليها, مشيرا إلي أن مصر تخسر حاليا بمعدل3.5 فدان كل ساعة بسبب هذه المخالفات, إلا أن هذا المعدل قد زاد إلي5 أفدنة كل ساعة عقب الانفلات الأمني الذي صاحب أحداث ثورة يناير, وكشف عن أن النظام السابق قد شكل لجنة للحفاظ علي الرقعة الزراعية أوكل رئاستها للمهندس أحمد عز بصفته رئيسا للجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب السابق, إلا أن اللجنة تغاضت عن مخالفات البناء ترضية لأصحابها.
وذكر رئيس مركز بحوث الصحراء أن شعار تلك المرحلة كان كلما زاد الفساد زاد التصحر, ومما زاد من حجم الفساد المتعمد هو إصرار الحكومات المتعاقبة علي تقليص ميزانيات البحوث الزراعية وتحويل علاقة الحكومة بالفلاح إلي علاقة سوقية وليست علاقة انتاج, وذلك بابتزاز المزارعين لخفض أسعارهم. وطالب عبد الجليل بأن تكون الزراعة هي مشروع الأمة بعد ثورة يناير, وذلك بالبدء فورا في الاستفادة بمشروع ترعة السلام في سيناء والبنية الأساسية المرتبطة بها والتي تكلفت7 مليارات جنيه بالعمل علي استصلاح400 ألف فدان في سيناء بواسطة شباب الخريجين مع استعداد مركز بحوث الصحراء لتقديم30 ألف شجرة زيتون فورا, والتي تتناسب مع طبيعة هذه المنطقة, وكذلك استصلاح الأراضي غرب الوادي بمنطقة ترعة الحمام بواسطة الشباب أيضا.
وطالب الدكتور محمود المدني, الأستاذ بمركز بحوث الزراعة بوضع خريطة زراعية تحدد كميات السلع الزراعية ونوعياتها المطلوبة للوفاء بالحد الأدني من احتياجات المستهلكين علي ضوء الكميات المتاحة من المياه ومساحات الأراضي, وكذلك إصلاح منظومة الدعم بعد أن تبين أن الدولة تدعم المستهلك فيزيد استهلاكه بينما لا تقدم الدعم للمزارع أو المنتج.
أما الدكتور نادر نور الدين, عميد كلية زراعة القاهرة, فإنه يشير إلي ضرورة معالجة مشاكلنا مع دول حوض النيل بفكر جديد قابل للتفاوض نظرا لما تمثله هذه المشكلة من ضغوط متوقعة علي رصيدنا من كميات المياه المتاحة ونوعياتها, وفي مقدمة الإجراءات المطلوبة تحديث الزراعة المصرية بعدة وسائل من بينها رفع انتاجية العامل الزراعي التي تقل نحو20 مرة عن العامل الزراعي في السعودية أو سوريا أو في أوروبا نظرا لأن الانتاجية هنا تعتمد علي مهارات العامل فقط وليس علي الآلات, وأكد أهمية تطوير الري من خارج الحقول وليس من داخلها لأن هناك أكثر من20 مليار متر مكعب من مياه النيل تضيع بسبب فقدان مياه النيل في الطريق من أسوان إلي القاهرة بسبب مشاكل أساليب الري.