عقب ثورة25 يناير استغل أصحاب المصالح الخاصة والبلطجية هذه المناسبة وقاموا بحرق دور المحاكم والنيابات وأقسام الشرطة لطمس أعمالهم الإجرامية التي أرتكبوها مما ترتب عليها احتراق واتلاف المئات من الدعاوي الجنائية والمدنية.
استطاعت وزارتا العدل والداخلية عودة النشاط إلي بعض هذه المباني التي طالتها أيدي المخربين لكن السؤال الذي يفرض نفسه ماهو الموقف القانوني إزاء هذه القضايا المحترقة وكيف يستعيد أصحاب الحقوق مستحقاتهم المالية خصوصا أن مستندات أصل الدين قد أحترقت وهل يمكنهم مقاضاة وزارتي الداخلية والعدل تعويضا عما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية وبدنية؟!
فتش عن أصحاب المصالح
بداية يوضح المستشار حازم شبل رئيس المحكمة بالمكتب الفني لمحكمة الإسكندرية الأقتصادية إحدي دور المحاكم التي تعرضت للاتلاف والحرائق من قبل المخربين والبلطجية أن هيئة المحكمة قد علقت إعلانا مكتوبا علي باب المحكمة موجها إلي أصحاب القضايا والحقوق أو من خلال المحامين الموكلين عنهم بأن يقوموا بالإطلاع علي قضاياهم وإذا ماتبين أنها تعرضت للاتلاف أو الحريق فإنها ناشدتهم ان يحضروا مستندات بديلة أو صورا ضوئية للشيكات أو الأوراق التجارية التي احترقت وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تحيط بالقضاء بسبب تداعيات الثورة فإن المحكمة لها السلطة التقديرية في صدور أحكام بشأن هذه المستندات المحترقة منوها إلي أن بعض القضايا التي حجزتها المحكمة للحكم فيها يكون لهيئة المحكمة السلطة الكاملة في اصدار أحكام صحيحة لأن معظم المستندات تكون تحت يد القاضي الذي يتولي دراستها واصدار حكم فيها أما القضايا التي تم انتداب خبير فني أو محاسبي أو شرعي فإنها في مأمن أيضا لأن أصول المستندات تكون بحوزة الطب الشرعي أو مصلحة الخبراء بوزارة العدل.
يقول أن عددا كبيرا من القضايا التي احترقت تخص البنوك حيث تطالب عملاءها بمديونيات كبيرة وهذه المستحقات يمكن اثباتها بوسائل الاثبات المختلفة منها كشوف الحساب المصرفية والخطابات الرسمية المتداولة بين البنك وعملائه موضحا أن مبني المحكمة حديث ومجهز وفقا لأحدث أساليب الأمن الصناعي وبالتالي فليس هناك أوجه قصور في الحفاظ علي هذه القضايا لكن أصحاب المصالح وراء أعمال التخريب واشعال النيران في القضايا.
اليمين الحاسمة والمتممة
اما المستشار زكي عبد العزيز رئيس محكمة استئناف القاهرة دائرة تجارية فيقول: انه في حالة ضياع أو احتراق أو اتلاف المستندات الأصلية للديون المطالب بها فإن المحكمة عليها أن تحاول بشتي وسائل الاثبات ثبوت هذا الدين من عدمه فصاحب الحق عليه أن يثبت مديونية في مواجهة خصومه وهذه المديونية غير مدونة بالكتابة ففي هذه الحالة قد تلجأ المحكمة إلي اليمين الحاسمة وهي التي توجهها المحكمة إلي طرفي النزاع بناء علي رغبتهما بأن يوجه قسم اليمين إلي المشكو في حقه لينكر هذه الديون المستحقة عليه وفي ذات الوقت يحلف صاحب المديونية بأن مستحقاته التي يطالب بها هي مستحقة ومحددة المقدار لدي الخصم وفي هذه الحالة فإن المحكمة تحسمها سواء بالإيجاب أو الرفض.
يضيف.. هناك اليمين المتممة وهي التي توجهها المحكمة إلي أحد طرفي الخصومة عندما لاتكون المستندات المقدمة في الدعوي غير كافية لإثبات صحتها.
يؤكد أن المحكمة لاتستطيع أن تدحض طلب الخصم عندما يطعن علي الصور الضوئية للمستندات والمقدمة في الدعوي كبديل عن المستندات الفاقدة أو التالفة أو المحترقة فلها ان تستجيب لطلبات الخصوم بضرورة إحضار المستندات الأصلية.
أما عن الشيكات المحررة ولايقابلها رصيد فيمكن لصاحب الحق المحرر له هذه الشيكات أن يحصل علي صورة طبق الأصل من قرار الإفادة الصادر من البنك بأن الشيك المسحوب عليه لايقابله رصيد وهذه تعد إحدي طرق الاثبات.
تسجيل حوافظ المستندات وتصويرها
يؤكد المستشار دكتور ميخائيل فرج ميخائيل رئيس محكمة استئناف القاهرة دائرة مدنية: ان المحكمة في معظم الأحوال لاتقبل حوافظ المستندات التي يقدمها صاحب الدعوي أو الخصوم إلا بعد مراجعتها وسداد الرسوم المستحقة عليها في قلم المراجعة, بل ان رئيس المحكمة يوقع بكلمة نظر ويعتمد بعد التأكد من مراجعتها وتسجيل البيانات الخاصة بها لذا فإنه يري أن هذه المستندات تكون جميع البيانات الأساسية عنها مسجلة علي الكمبيوتر الذي يمكن العودة إليه كمصدر أساسي لتأكيد صحة المستندات التي أحترقت أو تعرضت للتلف فإذا أحترقت أو أتلفت أجهزة الكمبيوتر أو الميكروفيلم التي تصور ويسجل عليها بيانات القضية فإن مثل هذه الحالات تعد استثنائية ويجب علي المحكمة أن تتخذ من الأساليب القانونية التي تثبت صحة الصور الضوئية لهذه المستندات التي احترقت.
شهود الاثبات أو النفي
يطمئن المستشار نادر خلف نائب رئيس محكمة النقض أصحاب القضايا الجنائية بأن المحكمة يمكنها أن تطلع علي أصول هذه المحاضر التي تحتفظ بها النيابة وأقسام الشرطة لديها وإذا ماتصادف احتراق الأوراق هذه داخل النيابة أو قسم الشرطة أيضا فإن أصحاب الحقوق يمكنهم أن يثبتوا الواقعة بشهادة الشهود لأن الوقائع الجنائية تعتمد بشكل كبير علي أقوال شهود الاثبات أو النفي والسلطة التقديرية تكون لهيئة المحكمة في الإدانة من عدمه.
يقول ان التحقيقات التي تجريها جهات التحقيق إذا استطاعت أن تثبت أن المحكمة أو قسم الشرطة أو مجمع النيابات الذي تعرض للاتلاف أو الأحتراق قد وجد به أوجه قصور في حفظ القضايا وتوفير وسائل الأمن الصناعي لحمايتها فإن وزارة العدل تعد مقصرة ويمكن لأصحاب الحقوق أن يلجأوا إلي القضاء لتعويضهم عما أصابهم من أضرار مادية اما إذا ثبت العكس فإن وزارة العدل تعد مجنيا عليها لايصح اختصامها في دعاوي بالتعويض ضدها.
كشوف الحساب للبنوك
يري مصطفي تامر مدير عام الشئون القانونية بالبنك الأهلي المتحد أن قوانين الاثبات والتجارة والمعاملات التجارية علي وجه الخصوص تعطي الأحقية للقاضي ان يثبت المديونية بشتي وسائل الاثبات المختلفة في حال ضياع المستندات أو تلفها أو أحتراقها فيجوز للمحكمة أن تستمع إلي أقوال الشهود الذين يحضرهم صاحب الحق بل وله أن يدلل علي هذه القرائن بمستندات رسمية وعرفية تكون متعلقة أو مرتبطة بالمستندات المفقودة بل ويمكن للمحكمة أن تناقش طرفي الخصومة في جلسة استجوابات منفصلة ثم مواجهة كل طرف بأقوال الآخر وللمحكمة السلطة التقديرية بناء علي هذه الجلسات.
يشير إلي أن قانون التجارة اعترف في نصوصه بحجية الدفاتر وكشوف الحساب التي يقدمها البنك إلي المحكمة كدليل قوي علي حجم هذه المديونية لأن البنك المركزي المصري والجهاز المركزي للمحاسبات يقوم أيضا بفحصها ونظرا لأن المديونية المستحقة علي العميل يقابلها شيكات أو أوراق تجارية يحررها العملاء للبنوك التي يتعاملون معها فإن هذه الدفاتر يمكن أن تكون بديلا قانونيا عن الشيكات أو الأوراق التجارية الأصلية المحترقة.