في مخالفة للسطوة الذكورية على المجتمعات العربية، يتجه البعض إلى إسناد العصمة للزوجة لتكون "المتحكم الوحيد" في الطلاق، وهو ما قابله بعض الفقهاء بالانتقاد في حين أيده البعض الآخر، وسط حالة من التأييد والمعارضة تطرح على الساحة حين تثار فكرة "العصمة في يد الزوجة"، وتضمنت قائمة المؤيدين للفكرة بعض المشاهير، ورحبوا بأن تكون العصمة في يد أزواجهم، وفي هذا التقرير ترصد "فيتو" بعضهم.
البرلماني عجينة
كان أبرزهم النائب البرلماني إلهامي عجينة الذي صرح بأنه من المفضلين لأن تكون العصمة في يد زوجته، وأنه عرض عليها الأمر أثناء كتب الكتاب، وقال البرلماني خلال حواره في برنامج "العاشرة مساء"، مع الإعلامي وائل الإبراشي، على قناة "دريم"، أمس: "وأنا بكتب كتابي طلبت من مراتي إن العصمة تبقى في إيدها ولكن هي من رفضت ذلك"، مشيرًا إلى إنه من حق المرأة أن تُطلق زوجها في أي وقت يحلو لها، وتكون العصمة في يدها هي وزوجها في آن واحد، مضيفًا: "واللي عاوز يخلع يخلع".


بثينة كامل
كما فضل زوج الإعلامية بثينة كامل أن تكون العصمة في يد زوجته، وقالت الإعلامية في مداخلة هاتفية ببرنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا " الذي تقدمه الإعلامية مفيدة شيحة، ومنى عبد الغني، على فضائية “سي بي سي”: "عصمة زوجي في يدي إن الله حلل هذا، فلا يجوز تحريمه"، وأن زوجها الثاني قاضي ويعرف القانون وهو المستشار "أشرف البارودي" متابعة: "عايزين تنتقصوا من حق المرأة وتعاملوها على أنها جارية أو سلعة فلا يجوز هذا، ولا يجوز شيء يكبح المرأة المندفعة إلا المسئولية، فالسيدة التي تطلب الطلاق كل فترة ستحس بالمسئولية بعد أن تكون العصمة في يدها”.

سهير رمزي
كما كان نهج "العصمة في يدي" مبدأ سارت عليه الفنانة سهير رمزي عندما أكدت خلال حوارها في برنامج "100 سؤال" على فضائية "الحياة" يناير الماضي، أن العصمة في يدها كان شرطا أساسيا في كل زيجاتها فيما عدا زواجها من الموسيقار حلمي بكر.
وأكدت الفنانة أن فيلم "المذنبون"، كان السبب في طلاقها، وأن العصمة كانت في يدها خلال هذا الزواج، مؤكدة أنها هي من طلقته وقتها بعد المشكلات التي نشبت بينهما بسبب المشاهد الساخنة في الفيلم.

الزوج المسئول
ووسط حالة من الخلاف الشديد بين الفقهاء في الأمر، علق "محمود حربي" أستاذ بكلية الدراسات الإسلامية، قائلًا إن الأصل في العلاقة الزوجية أن تكون العصمة بيد الزوج، مستشهدًا بقول الرسول "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق"، مفسرًا الزوج هو المسئول في الغالب عن النفقة الزوجية، فهو أحرص على بقاء العلاقة بينهم وخوفًا على ما أنفق من أموال، كما أن الزوجة تتحكم فيها العاطفة أكثر من العقل، لذلك جعلت الشريعة الزوج هو المتحكم في العصمة.

الزوجة لها الحق
وأضاف: «ولكن بعض الفقهاء استندوا إلى الحديث النبوي: "فإنّ المسلمين عند شروطهم، إلّا شرطًا حرّم حلالًا أو أحلّ حرامًا"، و"العصمة في يد الزوجة" لم يخالف هذه القاعدة لذا يجوز أن تكون العصمة في يدها وتطلق نفسها متي تشاء بشرط أن يتم الاتفاق على ذلك في عقد الزواج، وخاصة إذا طلقت قبل ذلك أو أنها لا تثق في الزوج، رغم أن ذلك على خلاف المعتاد والمتعارف عليه في مصر».

حقوق وواجبات
ومن جانبه، أوضح أحمد ربيع الأزهري، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن شريعة الإسلام وضعت لمنظومة الزواج قواعد وأسسا تثمر بناء بيت مسلم يكون شريكا في تعمير الأرض، وحددت للزوج وزوجته حقوقا وواجبات، بداية من حق المرأة في المهر ومرورا بحقها في النفقة والسكن والعلاج وجعلت القوامة للرجل نتيجة لما يتحمله من تبعات وتكلفات ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34، وهذه القوامة ليس معناها استبداد من الزوج وقهر للمرأة بل هي منظومة ضابطة للحقوق والوجبات، ومن معالم هذه القوامة أن جعل الله الطلاق في يد الرجل.

عوامل الضبط
وتابع ربيع: «هناك عوامل عديدة تضبط إقبال الرجل على الطلاق منها المادية والأدبية وغيرها بخلاف المرأة التي تندفع بعاطفتها في كثير من أمور حياتها مما قد يعرض البيت للانهيار أن تحكمت فيه العواطف والانفعالات اللحظية، ومع ذلك أعطى الإسلام للمرأة حق الخلع في حالة عدم قدرتها على العيش مع الزوج، ولا يجوز للمرأة عند عقد النكاح أن تشترط لنفسها الحق في طلاق نفسها فهذا الأمر باطل لا يصح عند أكثر الفقهاء، لكن يحق بعد العقد أن يفوض الزوج زوجته أن تطلق نفسها فأكثر الفقهاء على جوازه، ونقل الإجماع على ذلك».

التفويض بعد العقد
واختتم بقوله: «لابد أن ندرك الفارق بين الاشتراط عند العقد والتفويض بعد العقد وهذا أمر حاكم في هذا الشأن، موضحًا العصمة في يد الزوج أفضل لاستقرار الحياة الأسرية من تفويض الزوج لزوجته في تطليق نفسها بعد العقد لما أثبتته الشواهد والتجارب من سوء عاقبة ذلك، وفي النهاية العلاقة في الإسلام بين زوجين يحكمها الحب والمودة والسكينة لا النزاع والشجار وتنازع الحق في الطلاق فحظ الأسرة من مقاصد الشريعة وصيانتها من أهدافه العليا فيجب أن نبتعد عن كل سلوك يضيع هذا المقصد الشرعي الحكيم»