علي عكس برودة الجو في واشنطن, اتسمت جلسات أعمال المنتدي العربي العالمي ـ الذي استمرت أعماله علي مدي يومين كاملين ـ بالسخونة والعمق والذي استمدتهما من مستوي القضايا والموضوعات والمبادرات المهمة التي تناولتها المناقشات, والتي تشابك فيها الاقتصادي بالسياسي, والتجارة بالاستثمار, والتنمية المستدامة التي ترتكز علي استقطاب التكنولوجيا الحديثة والتعاون في مجال البحث العلمي, وتطوير التعليم,
وكذلك استمدت أعمال المنتدي أهميتها علي مستوي المشاركين علي كافة المستويات الرسمية وممثلي دوائر المال والأعمال والاستثمار, والخبراء والباحثين, وممثلي المجتمع المدني والكونجرس, الي جانب المؤسسات الاقتصادية الدولية من صندوق النقد والبنك الدوليين, وقد شارك في أعمال المنتدي ممثلون من مصر والولايات المتحدة, والعديد من الدول العربية في مقدمتها السعودية والأردن والكويت ولبنان والمغرب والإمارات واليمن.
والواقع يمكن رصد عدد من القضايا المهمة التي نجح المشاركون في المنتدي في بلورة مبادرات وآليات عملية لدفع التعاون علي المستوي العربي ـ الأمريكي بشأنها, ولاقت استجابة من الذين شاركوا في أعمال المنتدي, إلي جانب عدد من التوصيات البارزة بشأن مستقبل أفضل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وجذب الاستثمار لدول منطقة الشرق الأوسط في مقدمتها مصر.
وفي هذا الإطار فقد أكد خوان خوسيه دبوب نائب رئيس البنك الدولي ان علي الدولة العربية ان تواصل الاصلاحات الهيكلية الاقتصادية, والاهتمام بالتخطيط طويل الأجل, وتعزيز الشفافية, مشيرا الي انه ليس أمام دول المنطقة إلي تحقيق معدل نمو مرتفع من خلال استمرار مسيرة الاصلاح حتي يمكنها مواجهة التحدي الأساسي وهو توليد مزيد من الوظائف وفرص العمل في ظل زيادة أعداد الداخلين الجدد سنويا لسوق العمل بسبب التركيب الديموغرافي, وقدر حجم الوظائف المطلوب توفيرها بنحو100 مليون فرصة عمل حتي عام2050.
واتفق بوب هورمتس مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الاقتصادية مع ما طرحه خوان خوسيه الي حد كبير, حيث اكد أهمية مواصلة الحكومات في البلدان العربية دورها في تحسين مناخ الاستثمار, وأشار الي أن الولايات المتحدة بدورها ستبذل كل جهدها لمساعدة ودعم مسيرة الاصلاح الاقتصادي واندماج العالم العربي مع العالم مشيرا الي ان الاتفاقيات التي وقعتها الولايات المتحدة مع الدول العربية في مجال التجارة وغيرها من القطاعات الاقتصادية ساهمت في زيادة قدرات وكفاءة الاداء الاقتصادي في هذه الدول, كما ساهمت في اندماجها مع العالم.
وحدد مجالات التعاون الاساسية بين الجانبين خلال الفترة المقبلة وخاصة في مجال تأهيل الموارد البشرية من خلال التعليم والبحث العلمي والتعاون في المجال التكنولوجي الي جانب المساعدة في تحسين مناخ الاستثمار.
وقال بوب إن الولايات المتحدة لا تخشي منافسة الصين لها لانها تمتلك أهم الأدوات وهي القدرة علي الابتكار.
الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس ادارة مؤسسة الأهرام والخبير في الشئون الأمريكية والعلاقات الدولية, طرح من جانبه ثلاثة عناصر اعتبرها اساسية لتحقيق التقدم وشروطا ضرورية للوصول الي التطور الديمقراطي وفي مقدمتها تطوير التعليم, وثانيا التحديث المؤسسي, وثالثا النهوض بالصناعة, وقال إن توافر هذه العناصر كفيل ببناء دولة حديثة. وعلي صعيد العلاقات الأمريكية بالعالم العربي,
أكد جيفري فلتمان مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط إن بلاده ملتزمة بإقامة شراكة حقيقية مع الدول العربية وفق ما تضمنه خطاب الرئيس أوباما بالقاهرة, وحدد خمسة مبادئ أساسية في توجيه السياسة الأمريكية تجاه المنطقة وهي تحقيق تسوية شاملة للصراع العربي ـ الاسرائيلي من خلال حل الدولتين, وضمان تحقيق الأمن والاستقرار بالعراق, ومواجهة التطرف والعنف, وضمان الا تكون ايران مصدرا لزعزعة الاستقرار بالمنطقة, وتشجيع الديمقراطية وحقوق الانسان.
وشدد في الوقت نفسه علي الدور المصري في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط, وقال إن مصر والدول العربية لديهما فرصة حقيقية حاليا لتحقيق نهضة اقتصادية وتنمية حقيقية تتغلب علي مشكلة البطالة كأبرز التحديات.
وفي السياق ذاته رأي الدكتور علي الدين هلال الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأمين الاعلام بالحزب الوطني وعضو مجلس الشوري, ان أهم ما يشغلنا الان هو كيفية تحويل الأفكار والمبادئ التي طرحها الرئيس الأمريكي في خطابه بالقاهرة الي واقع, ولكنه شدد علي أن الأساس هو أن العرب يجب ان يساعدوا انفسهم قبل ان نتظروا المساعدة من الآخرين.
واعتبر ان انعقاد المنتدي العربي العالمي وتناوله للقضايا والموضوعات المختلفة في ضوء خطاب الرئيس أوباما بالقاهرة, ولمستوي كثافة المشاركين من أساتذة الجامعات ورؤساء المؤسسات المالية والاقتصادية والمجتمع المدني والحكوميين والبرلمانيين يوفر توليفة قوية لمناقشة القضايا بشكل فيه مصارحة أكبر. وأضاف أن المحاور التي تمت مناقشتها خاصة التطور والتعاون الاقتصادي وأهمية تطور التعليم وسبل التعاون في تجاوز التحديات الأساسية.
واعتبر محمد شفيق جبر رئيس منتدي مصر الاقتصادي الدولي وصاحب مبادرة انعقاد المنتدي العربي العالمي بالتعاون مع مؤسسة سمادجا, اعتبر ان أهم النتائج التي أسفر عنها المنتدي تتمثل في بلورة خمس مبادرات اساسية في مقدمتها الحصول علي وعود من جانب المسئولين الأمريكيين في الخارجية والكونجرس الذين شاركوا في أعمال المنتدي, بضرورة حل مشكلة التأشيرة للطلاب العرب ورجال الأعمال والبزنس لدفع التعاون في مجال البحث العلمي والاستثمار.
وثانيا: بدء خطوات العملية من خلال دراسات الجدوي لإقامة مناطق تكنولوجية في مصر والدول العربية مثل منطقة سيلكون فالي في كاليفورنيا, وتكثيف الزيارات المتبادلة علي مستوي دوائر الأعمال والمجتمع المدني والطلاب بهدف تحقيق التقارب واستكشاف فرص الاستثمار والتعاون وتصحيح الصورة المتبادلة بين العرب وأمريكا, وكذلك اطلاق مبادرات ريادة الأعمال والعمل الحر.
وأكد المهندس عقيل بشير رئيس المصرية للاتصالات أهمية تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في الطاقة المتجددة والنانوتكنولوجي والتعليم والبحث العلمي, مشيرا الي ان هذه القطاعات ذات الأولوية لمصر والدول العربية. وأكدت سحر السلاب مساعد وزير التجارة والصناعة أهمية استمرار التواصل علي كل المستويات, ودعت الشركات الأمريكية الي الاستفادة من فرص الاستثمار الواعدة في قطاع التجارة بمصر حاليا حيث تجري اعادة هيكلته وتطويره بشكل شامل. واستعرضت لولا زقلمة نتائج استطلاع الرأي العربية والأمريكية عن الصورة المتبادلة لكل منهما وضرورة العمل علي تصحيح هذه الصورة من الالتباس والخلط.