دخل إضراب عمال النفط منعطفاً جديداً على وقع استدعاء الهيئة العامة للقوى العاملة، طرفي النزاع، أي مؤسسة البترول والاتحاد ونقاباته، تمهيداً للوصول إلى تسوية ودية خلال شهر تفعيلاً لمواد قانون العمل في القطاع الأهلي.
وفيما رفضت النقابات تسلم استدعاء «الهيئة»، لجأت الهيئة الى مخفر الاحمدي لتسجيل اثبات حالة برفض الاستلام، وأكدت مصادر قانونية أن هذا الأمر «لا يعفي الاتحاد ونقاباته من المسؤولية القانونية»، لافتة إلى أن مجرد صدور قرار «القوى العاملة» بالاستدعاء، يعرّض كل من يشارك في الإضراب المقرر يوم الأحد المقبل للمساءلة القانونية.ورأت المصادر أن إضراب النفطيين في هذه الحالة قد يتحوّل من إضراب للبحث عن حقوق العاملين والحفاظ على مكتسباتهم إلى جدل حول قانونيته.ووفقا للقانون، فإن طرفي النزاع ملزمان بالتوصل إلى تسوية جزئية أو كلية بإشراف لجنة التوفيق، أو أن تتم إحالة القضية إلى هيئة التحكيم.وأعلنت مؤسسة البترول وشركاتها التابعة موافقتها على طلب الاستدعاء، حيث أكد الرئيس التنفيذي لـ «المؤسسة» نزار العدساني «نعلم جميعاً الظروف والأوضاع الراهنة والمصيرية التي يمر فيها القطاع، وإنني على ثقة ويقين بقدرتنا متلاحمين على تجاوز هذه الأوضاع والوصول إلى حلول ومعالجات تصب في مصلحة القطاع».وأكد العدساني التزام المؤسسة وشركاتها بتطبيق القانون والامتثال لأحكامه والالتزام بحضور جلسات التفاوض مع اتحاد البترول وصناعة البتروكيماويات ونقابات العاملين تحت إشراف «الهيئة».وعلى الصعيد نفسه، أكد الناطق الرسمي باسم القطاع النفطي، الشيخ طلال الخالد، التزام مؤسسة البترول وشركاتها، بحضور الاجتماع الودي الذي دعت إليه «القوى العاملة» تقديراً منها للأوضاع الراهنة التي يمر بها القطاع، وامتثالاً لأحكام القانون.وناشد الخالد موظفي «البترول» وشركاتها، بإعلاء المصلحة العامة للبلاد، والالتزام بلوائح وقوانين «المؤسسة»، وعدم الاستجابة إلى الأصوات الداعية لتعطيل العمل ووقف عجلة الإنتاج، منوهاً بأنه ووفقا للمادة رقم ( 132) من قانون العمل في القطاع الأهلي رقم (6) لسنة (2010)، فإنه يحظر على طرفي النزاع وقف العمل كلياً أو جزئياً أثناء عقد جلسات المفاوضات، سواء المباشرة أو أمام الجهات ذات الصلة.وأكد الخالد أنه «تم تعميم الموافقة على طلب الهيئة لحضور تلك الجلسات الودية على الشركات النفطية التابعة، على أن يتم تعميمه على موظفي القطاع النفطي كافة، متضمناً الالتزام بأحكام المادة رقم ( 132) من قانون العمل في القطاع الأهلي».وقالت الهيئة العامة للقوى العاملة في خطاب وجهته لرئيس اتحاد عمال البترول والبتروكيماويات «بما ان الأمور تطورت الى هذا الحد في تحديد الإضراب، فإن (القوى العاملة) ملزمة بالقيام بواجبها لحل هذا النزاع بالتسوية الودية وفقاً لنص المادة (131) من قانون العمل في القطاع الأهلي رقم (6) لسنة 2010، وذلك بما ينأى بقطاعنا النفطي عن غياهب التلويح بالإضراب».وأوضح الخطاب ان القانون يجيز للوزارة المختصة في حالة قيام منازعة جماعية إذا دعت الضرورة ان تتدخل (دون طلب من أحد المتنازعين لتسوية النزاع ودياً) كما يجوز لها إحالة النزاع الى لجنة التوفيق أو هيئة التحكيم حسبما تراه، ويجب على المتنازعين في هذه الحالة تقديم كافة المستندات ومحاضر المفاوضات، التي تطلبها الوزارة المختصة (كما يلزم حضورهم عند دعوتهم).وحذرت الهيئة أنه «في حال عدم الحضور وفق الموعد المذكور، فإن طرفي النزاع سيدخلان في دائرة الحظر المنصوص عليه في المادة (132) من قانون العمل، والتي تنص على أنه (يحظر على طرفي المنازعة وقف العمل كلياً أو جزئياً اثناء إجراءات المفاوضة المباشرة أو امام هيئة التحكيم، أو بسبب تدخل الوزارة المختصة في المنازعات عملاً بأحكام هذا الباب)».من جهته، اعتبر اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات دعوة الهيئة العامة للقوى العاملة للتسوية الودية «محاولةيائسة لإجهاض الإضراب، ومحاولة للوقيعة والفرقة بين العمال من ناحية»، معتبراً انه «لا مجال لتطبيق نص المادة 131 من القانون 6 لسنة 2010 في هذا التوقيت كون قرار الإضراب (التوقف عن العمل) المباح في نص المادة 132 قد تم اتخاذه قبل تدخل الوزارة من تلقاء نفسها أو حتى بناء على طلب المؤسسة الدخول في التسوية أمام لجنة التوفيق».وقال الاتحاد في بيان صحافي إن «قرار الإضراب تم اتخاذه وفق صحيح أحكام القانون، ووقفه مرهون بأمر واحد نعيد تبيانه ولن نمل من تكراره وهو ضرورة التزام المؤسسة وشركاتها بأحكام القانون فقط، أما التسوية الودية المزمع عقدها أمام لجنة التوفيق والتي تم اختلاق وقائعها لا مبرر أو حاجة لها طالما تم الالتزام بتطبيق القانون من قبل المؤسسة وشركاتها».واتهم المؤسسة بعقد «اتفاق مشبوه مع الهيئة العامة للقوى العاملة باختلاق واقعة الدخول في التسوية الودية أمام لجنة التوفيق استناداً لنص المادة 131 من قانون العمل»، متسائلاً «أين كانت الهيئة طوال الفترة الماضية وهي ترى وتسمع الممارسات والمماطلة التي تقوم بها المؤسسة وشركاتها ضد العمال بالمخالفة لأحكام القانون الذي يطلبومنا الآن الالتزام بنصوصه'وأكد ان النقابات كافة «تقف صفاً واحداً وفي خندق الدفاع عن حقوق العمال إعمالاً لأحكام القوانين واجبة التطبيق»، مشيراً إلى أن «المطلب الوحيد هو احترام وتطبيق أحكام القوانين المشار إليها، ومن ثم يتعين على الهيئة والمؤسسة الانصياع لأحكام القوانين الواجبة التطبيق وتنتهي الأزمة».ودعا الاتحاد مؤسسة البترول وجميع شركاتها إلى «التوقف فوراً عن إصدار التهديد للعمال حال دفاعهم عن حقوقهم المشروعة».ونبهت مصادر قانونية إلى ان «تجريم الإضراب ينطلق من زاوية الإضرار بالمال العام، حيث تنص المادة (1) من قانون حماية الأموال العامة رقم (1 لسنة 1993) على أنه: للأموال العامة حرمة، وحمايتها ودعمها والذود عنها واجب على كل مواطن».وقالت المصادر: «كما تنص المادة (14) من القانون ذاته على ان كل موظف عام أو مستخدم أو عامل تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحه المعهود بها إلى تلك الجهة، بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمال أو تفريط في أداء وظيفته أو عن إخلال بواجباتها أو عن إساءة في استعمال السلطة داخل البلاد أو في خارجها، يعاقب بالحبس الموقت مدة لا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف دينار، ولا تزيد على 20 ألفاً أو بإحدى هاتين العقوبتين».من ناحية ثانية، أشارت المصادر إلى نص المادة (127) من قانون العمل في القطاع الأهلي أن (على لجنة التوفيق أن تنتهي من نظر المنازعة خلال شهر واحد من تاريخ ورود الطلب اليها، فاذا تمكنت من تسويتها كلياً أو جزئياً وجب اثبات ما تم الاتفاق بشأنه من محضر من 3 نسخ ويوقع عليه الحاضرون، ويعتبر اتفاقاً نهائياً وملزماً للطرفين، واذا لم تتمكن لجنة التوفيق من فض المنازعة خلال المدة المحددة وجب عليها احالتها أو احالة ما لم يتم الاتفاق بشأنه منها خلال اسبوع من تاريخ آخر اجتماع لها إلى هيئة التحكيم مشفوعا بكافة المستندات).من جهة أخرى، قالت شركة البترول الوطنية الكويتية أن ما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي من «اشاعات بخصوص تأثر محطات الوقود وعدم تمكنها من توفير المنتجات البترولية بسبب الدعوة لاضراب العمال غير صحيح إطلاقا».وأكدت أن المخزون الاستراتيجي للشركة من منتجاتها يسد احتياجات الاستهلاك المحلي اليومي لمدة تفوق الشهر.وذكرت الشركة أنها قادرة على الاستمرار بتشغيل المصافي وتزويد المنتجات البترولية الخاصة بالاستهلاك المحلي والعالمي، مؤكدة أن كل محطات التعبئة في دولة الكويت مستمرة فى تزويد زبائنها بالمنتجات البترولية كافة.