تبدع بعض الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي في اختلاق الأساطير، وتلعب على وتر استغلال سذاجة البعض وتدنّي مستواهم الثقافيّ والاجتماعيّ لتحقيق مآرب وغايات ربحيّة بحتة.

حتّى إن العديد منها قرّر في الأسابيع المنصرمة اختلاق أكذوبة ماكرة عنوانها: "بعض أنواع الفاكهة المستوردة الى البلدان العربيّة محقونة بفيروس الايدز"، للوهلة الأولى، الخبر صادم.

وإذا كان المواطنون معتادين على اللهو بحساباتهم الرقميّة، بدل الاستفادة البنّاءة منها، سيلجأون الى إعادة النشر والتصديق والتهويل، دون تفكيرٍ أو علمٍ مسبق بأنهم بذلك يشاركون في التحريض على ارتكاب جريمةٍ الكترونيّة.

وإذا كان الهدف من تناقل الصور، الإستفسار عن حقيقة الموضوع، فإن الأجدر بـ"روّاد العصور المظلمة الإفتراضيين" أن يكلّفوا أنفسهم عناء الإتصال بالطبيب المختصّ والسؤال عن حقيقة الوضع.

لكن المؤسف، أنهم ينسون ما اقترفوه بعد دقائق.

فيروس الإيدز لا يعيش خارج جسم الإنسان

جاء في الخبر المتناقل في مواقع التواصل الإجتماعي، والذي أرفق بصورة فاكهة الموز وهي تحقن بالدماء، التعليق التالي: "إذا تبيّن لكم عند تقشير فاكهة الموز أنها تحتوي على لونٍ أحمر فلا تأكلوها لأنها حاملة لفيروس الايدز، فهناك شركات تعتمد على تلقيح هذه الفاكهة بدماء تحمل الفيروس السابق الذكر وبعد حقنها، يدخلونها في حاويات للتبريد حتى يظهر لآكلها أنها نقطة حمراء صغيرة ولا يعيرها اهتماماً.

المرجو أن يعمّم هذا الإعلان الذي يحمل التحذير".

ولمعرفة مدى صحّة المعلومات الطبيّة الواردة في الصورة، اتّصلت جريدة "النهار" اللبنانية التي نشرت التحقيق بالإختصاصي في الطب الداخلي في مستشفى القدّيس جاورجيوس الدكتور فريد معلوف الذي أكّد أن "مرض الايدز لا ينتقل عبر الطعام، وهو لا يعيش سوى في جسم الإنسان، ويموت بعد ثوانٍ أو دقائق من خروج الدمّ من الجسم، وبالتالي فإن هذه الأخبار عارية من الصحّة.

ويشير الى أن "انتقال العدوى يحصل من خلال العلاقات الجنسيّة بشكلٍ خاص، في حين أن إمكانيّة انتقاله بالدم باتت ضئيلة لأن المستشفيات تتنبّه الى هذا الموضوع".

وفي إطارٍ متّصل، ينفي الاختصاصي في الطب الداخلي في مستشفى جبل لبنان الدكتور جهاد شقير لـ"الايدز"، "إمكان تصديق هذا الخبر المغلوط والعارٍ من الصحّة"، ويشير الى أنه "حتّى وان تمّ حقن الفاكهة بالفيروس، فإنه سيموت بعد ساعة في الأكثر بعد خروجه من جسم الإنسان.
 

كما أن الايدز هو أسرع أنواع الفيروسات التي تموت خارج جسم الإنسان.

وبالتالي، وإن سلّمنا جدلاً بأن هذا الخبر صحيح، فإنه بالتالي لن يؤدّي الى إصابة الإنسان بالإيدز في حال تناول هذه الفاكهة، بل سيؤدّي الى تلف الثمرة وعفنها".

ويعتبر أنه "وفي حال حقنت الفاكهة بالسائل المنوي لشخصٍ مصابٍ بالفيروس، فإن ذلك سيؤدّي الى تغذية الفاكهة وربّما زيادة حجمها، ولن يؤدّي أبداً الى إصابة متناولها بالإيدز، لأن ما يصحّ على الدم في هذا الخصوص، يصحّ أيضاً على السائل المنوي، والفيروس في كلتا الحالتين يموت بعد دقائق من خروجه من جسم الإنسان.

وأنا أعتقد أصلاً أن هذا الخبر ملفّق ومفبرك ".

ويلفت الى أن "على المواطنين تدارك الإرتدادات الصحيّة التي تؤثّر على صحّتهم في حال تناولوا ثمار مرويّة بالصرف الصحيّ التي يستخدمها المزارعون عوضاً من شراء السماد ما يساهم في إنضاج الفاكهة، أو في حال تأذّت من #التلوّث الناجم من أزمة النفايات الحاليّة".

ويلخّص العوارض الصحيّة التي تنتج من تناولها "بالحمّى التيفوئيديّة، والتي على عكس الإيدز، تعيش في الفاكهة والخضار، وهي قويّة وتأتي من الفريز والبندورة والخيار على وجه الخصوص".

ويشير الى أن "على المواطن هنا اتخاذ العديد من الإحتياطات لتفادي المرض، ومنها غسل الفاكهة جيّداً بالمياه وتقشيرها بدلاً من تناولها مع القشرة رغم الألياف التي تحتويها، لكن الواقع البيئي في لبنان بات حرجاً".

ويؤكّد على ضرورة استشارة الطبيب المختصّ قبل المبادرة في تصديق أي خبر يصدر عشوائيّاً.