يبدو أن مبدأ فرض هيبة الدولة بدأ يطبق وبقوة في الكويت.. وهذا أمر لا جدال فيه ولا مزايدة، وهو مطلوب من قبل المواطن قبل المقيم، فالكل منا يريد أن تكون للدولة ومؤسساتها وقوانينها وقضائها ودستورها هيبة ومنعة واحترام، ولا شك في هذا الأمر، فعندها ستسود روح القانون، وينبري العدل، ويضمحل الفساد، بل وينتهي إلى غير رجعة، وذلك خوفاً من هيبة الدولة وقوانينها إن طبقت بحيادية تامة.. ومن دون تدخل سافر للواسطة أو من دون التوسع في الاستثناءات غير الإنسانية.. أو من غير التراجع عن تنفيذ قانون بعينه إكراماً لنائب أو لشيخ أو لتاجر.. أو لأي متنفِّذٍ كائناً من كان.

لكن المعضلة الوحيدة في نظري تكمن في تلك الحدة الزائدة على المعقول، بل والقسوة غير الأخلاقية في محاولة فرض نظرية هيبة الدولة وبشكل عشوائي، متسرّع وغير مدروس! وذلك عن طريق إهانة بعض الأشخاص أحياناً ، بحجة فرض القانون والتمادي في تطبيقه، والتعدي على كرامات الناس وهدرها، بحجج واهية وغير منطقية، لا تمت الى الأخلاق ولا الى الدين بأي صلة! حجج ما أنزل الله بها من سلطان ولا بيان منه! كأن يقوم موظف حكومي (له شرف الضبطية القضائية) أثناء قيامه بجولاته التفتيشية، بصفع وافد آسيوي وركله، فقط لأنه خالف النظام! أو أن يقوم فرد من أفراد الداخلية خلال نقطة تفتيش بضرب وافد عربي «مخالف»، لأنه أصر على جلب هاتفه من سيارته قبل أن يتم إرغامه على ركوب الدورية قسراً.. ليصفعه ــ وبكل صفاقة ـــ أمام الناس.. بلا خوف أو تردد! فماذا لو قام هذا الوافد ـــ مثلاً ـــ وفي قمة غضب فجائية بالدفاع عن كرامته المهدرة؟! يا تُرى كيف سيكون موقفه؟ وماذا سيكون حسابه؟ وهل تم بذلك حفظ هيبة الدولة وهيبة وزارة الداخلية يا تُرى؟! إنه لأمر محزن بالفعل!

للأسف، القصص كثيرة وفي تزايد، وجريدة القبس ـــ مشكورة ـــ نشرت الأحد الماضي تقريراً مفصلاً يسرد الكثير من هذه الوقائع والفظائع اللاإنسانية.. في «الكويت» بلد الإنسانية، وفي حق كرامة الإنسان! يقوم بها بعض المسؤولين والموظفين وبشكل متسلط ومؤذ للنفس البشرية، ضاربين بعرض الحائط سمعة الكويت «الإنسانية» قبل كل شيء، وبفعلهم هذا ربما أضاعوا هيبة الدولة، وخلقوا الضغينة والبغضاء بين العامة.. وهم لا يشعرون!

فهل تطبيق مبدأ فرض هيبة الدولة عند البعض هو بمنزلة إعلان حرب ضد الإنسان وكرامته؟!

محمد الجدعي

m.aljedei@gmail.com