لم يمر تحليل الموقع الإخباري الأميركي «بلوين نيوز»، التابع للمؤسسة الإعلامية النيويوركية المرموقة التي تحمل الاسم ذاته، عن التأثيرات العكسية لتقليص أعداد الوافدين في الكويت، الذي نشرته «الراي» أمس مرور الكرام، ويبدو أن «الفيل في الغرفة» الذي تحدث عنه التحليل، قاصدا به «الحقيقة الساطعة التي تم تجاهلها» لدى إعداد دراسة تعديل التركيبة السكانية، لم يبق في الغرفة، حيث أخرجه عدد من النواب منها، على وقع تأكيد «تأخرنا كثيرا في ترحيل الوافدين»، مع طمأنة في الوقت نفسه، الى أن الترحيل الذي يتم الحديث عنه راهنا لن يكون فوريا، وتأكيد الحرص على الكفاءات وأصحاب التخصصات النادرة.
وطالب النائب خليل الصالح وزيرة الشؤون بالمضي قدما في التوصيات التي أعلنت عنها، والرامية إلى تعديل التركيبة السكانية، مؤكدا لـ«الراي» ان الأوان آن لوضع استراتيجية لتقليص أعداد الوافدين «فمن غير المنطقي أن تكون أعدادهم ثلاثة أضعاف المواطنين. إنه أمر خاطئ يجب اصلاحه».
وقال الصالح «عندما نضع توصيات وفق استراتيجية ودراسة علمية، يجب علينا عدم الالتفات إلى من يحاول التشكيك في قدرة ومهارة الكويتيين»، لافتا إلى أنه «في عام 2030 سيكون لدينا 60 ألف خريج، وهؤلاء يجب استيعابهم في سوق العمل».
واستغرب الصالح ممن يشكك في إمكانات الكويتيين ومهاراتهم في تخصصاتهم، متداركا «أما أصحاب التخصصات والطاقات التي تخدم البلد من الوافدين فهؤلاء لن يرحلوا مباشرة لأن هناك مراحل، والمرحلة الأولى تتعلق بالعمالة الهامشية والموظفين الذين يعملون في وظائف لا تحتاج إلى تعاقدات خارجية، وعموما نحن لدينا كويتيون ينتظرون في ديوان الخدمة، ناهيك عن أبناء الكويتيات والبدون، فهؤلاء أحق من غيرهم، ولا ضير إن خصصت دورات تأهيلية لبعض الوظائف الحرفية».
وأكد الصالح أن «الكويتيين سينخرطون في القطاع الخاص إذا توافر الأمان الوظيفي واستطاعت الحكومة أن توجد فرص عمل تتوافق مع تخصصاتهم ومخرجات سوق العمل»، مشيرا إلى أن تقليص العمالة والاعتماد على أبناء البلد نظام معمول به في كل الدول الأوروبية، مطالبا وزيرة الشؤون بالتركيز على نقطتين، أولاهما أن من يدخل الكويت بعقد عمل يعود إلى بلده فور انتهاء العقد ولا تحول إقامته إلى جهة أخرى، وثانيهما فرض ضمانات ورسوم مالية على الوافد، لقطع الطريق على تجار الإقامات، مؤكدا أن الإحلال سيكون حقيقة إذا تضافرت جهود الجهات المعنية مثل وزارتي الشؤون والتربية وديوان الخدمة المدنية.
ورأى النائب فيصل الشايع أن ملف معالجة التركيبة السكانية مرتبط بملف معالجة اختلالات وعجز الموازنة، مطالبا بتخفيض العمالة الوافدة «بما يتسق مع الظروف المالية لا سيما العمالة الهامشية»، لافتا الى أن اللجنة المالية ناقشت التركيبة السكانية لدى بحث سد عجز الموازنة ومعالجة الاختلالات الاقتصادية، وأكدنا ضرورة تعديل التركيبة السكانية حتى يشكل المواطنون الكويتيون فيها ما يزيد عن نصف تعداد السكان.
وذكر الشايع ان معالجة اختلالات التركيبة السكانية يجب ان تتم بطريقة مدروسة وألا تحدث أي فجوة في سوق العمل «ولا مانع من إيجاد نظام (كوتا) وظيفية وتقليص العمالة الوافدة بعد تدريب الكوادر الوطنية، وإن كان ما نقوم به مدروسا ومخططا له فليس هناك داعٍ للنظر إلى تحليلات من هنا وهناك».
ودعا النائب سلطان اللغيصم إلى ضرورة البدء في تنفيذ التوصيات التي أعلنت عنها وزيرة الشؤون بتعديل التركيبة السكانية، مؤكدا أن «تقليص الوافدين بات ضرورة» على أن لا يستغنى راهنا عن الذين يقدمون للبلد خدمة وتخصصاتهم نادرة، ولكن هناك عمالة لا داعي لها وأخرى تقوم بأعمال مكتبية لا تحتاج إلى التعاقد من الخارج، لافتا إلى أهمية الاستعانة بأبناء الكويتيات وأبناء البدون في بعض الوظائف «فهم أولى من سواهم ولدى بعضهم شهادات ومهارات».
واستغرب اللغيصم «التقليل من امكانات الكويتيين والتشكيك بمهاراتهم، فالشواهد كثيرة على تفوق أبناء البلد»، مؤكدا أن «الكويتي بحاجة إلى توافر الفرص ومنحه الثقة، أما التحليلات التي تحاول تخويفنا من تطبيق التوصيات فمردود عليها من خلال الإسراع في التنفيذ، خصوصا وأن التوصيات جاءت بعد دراسة مستفيضة».
واعتبر النائب حمد الهرشاني تعديل التركيبة السكانية احد المداخل الاساسية للتنمية، لارتباطه الوثيق بكل القطاعات الامنية والاقتصادية والاجتماعية، مشددا لـ«الراي» على أهمية تنفيذ ما جاء في توصيات وزيرة الشؤون.
وأكد الهرشاني «نحن لا نطالب بترحيل الكفاءات من الوافدين فورا، ولكن في الوقت نفسه نطالب بتقليص عددهم الذي تضاعف بشكل مخيف ينذر بمشكلات اجتماعية وأمنية، إذا لم يكن هناك تحرك فوري»، لافتا الى أن الكويتيين اثبتوا جدارتهم في الكثير من المهام التي أوكلت إليهم، والتشكيك في قدراتهم معروفة دوافعه، والخطة التي وضعت من قبل وزارة الشؤون أتت بعد دراسة متأنية «ونحن في مجلس الأمة تابعنا خطواتها وعرضت على لجان متخصصة قبل الاعلان عنها».
وقال النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران لـ «الراي» أن استراتيجية تعديل التركيبة السكانية لاتستهدف الكفاءات بل تستقطبها، وللدولة الحق في اتخاذ كافة التدابير الامنية اللازمة لتحقيق الامن الوطني والتنمية المستدامة وتعديل التركيبة يأتي ضمن هذا السياق.
وطالب الجيران الموقع الأميركي «النظر الى حجم الجرائم وطبيعتها وآثارها على المجتمع والتي يرتكبها مخالفو قانون الاقامة، ليعلم تماماً ان ما قامت به الدولة استحقاق امني، وهذه الاحترازات الامنية اذا ما قورنت بما تم اتخاذه من اجراءات بهذا الصدد في اوروبا واميركا واستراليا سندرك أننا متأخرون ومتراخون، والعالم سبقنا بمراحل في الحد من العمالة الوافدة وتقنين استقدامها وتطبيق القانون بحق المخالفين»، داعيا الموقع الى ذكرأي كفاءة مستقيمة تم استبعادها بغير حق «حتى ننظر فيها».