أكدت تقارير ودراسات عربية ودولية كثيرة أن المنطقة العربية تقع في دائرة الخطر جراء التغيرات المناخية، وقال المنتدى العربي للبيئة والتنمية إن دولا بينها مصر وتونس والمغرب والجزائر والكويت وقطر والبحرين والإمارات، مهددة بارتفاع منسوب البحار فيها جراء هذه التغيرات.
ويؤكد الخبراء البيئيون أن المجموعة العربية جزء أساسي في النقاش الدائر عالميا حول التغيرات المناخية، باعتبارها تعاني من الظاهرة ومن تأثيراتها المباشرة على المنطقة العربية التي تشهد نموا حضريا كبير، حيث يعيش حاليا 56% من سكان الوطن العربي في المدن والمراكز الحضرية.
ومن المتوقع أن يزداد عدد السكان في المدن والمناطق الحضرية بنسبة 75% بحلول عام 2050. ورغم ذلك فإن مدنا عربية كثيرة لم تتكيف بعدُ مع الظروف الراهنة وليست مستعدة لمواجهة هذه التغيرات.
وقد توقعت دراسة أميركية نشرتها دورية "نيتشر كلايميت تشينج" يوم 31 أغسطس/آب 2015 تشكل أعاصير استوائية للمرة الأولى في الخليج العربي جراء التغير المناخي وكآثار جانبية لظاهرة الانحباس الحراري، مضيفة أن المياه الضحلة والدافئة للخليج العربي -الذي لم تسجل به أي أعاصير من قبل- قد توّلد عواصف في المستقبل.
وقالت الدراسة إن إعصار جونو في بحر العرب كان أقرب إعصار من منطقة الخليج، حيث ضرب سلطنة عمان وإيران عام 2007 وتسبب في مصرع 78 شخصا إضافة إلى أضرار قدرت بـ4.4 مليارات دولار. ووصف علماء مثل هذه الأعاصير الاستوائية الشديدة المتوقعة بالأعاصير الرمادية، قائلين إنه لا يمكن التكهن بها من خلال التاريخ فقط.
وكان خبراء دوليون في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأستوكهولم أصدروا تقريرا خطيرا في سبتمبر/أيلول 2014 يتوقع أن ينجم عن الانحباس الحراري -الذي تسببه نشاطات الإنسان المختلفة- زيادة في درجة حرارة الأرض قد تصل إلى 4.8 درجات مئوية بحلول عام 2100، علما بأن حرارة الأرض قد ارتفعت 0.8 درجة مئوية منذ بداية الثورة الصناعية.وتنبأ التقرير بأن مستوى الماء في بحار العالم سيرتفع بنحو 82 سنتيمترا جراء ذوبان الثلوج في القطبين بحلول عام 2100، وأن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على التجمعات السكانية المحاذية لتلك البحار بما فيها بعض المدن العربية الشاطئية.
ورغم أن الدول العربية لا تساهم في الانبعاثات الغازية الضارة بأكثر من 5%، فإن تأثيرات التغير المناخي ستكون قاسية عليها، نظرا لوقوع كثير من الدول العربية قرب سواحل البحار التي تتركز فيها أغلبية النشاطات الاقتصادية والصناعية والزراعية والسكانية المختلفة، التي ستتأثر مباشرة بارتفاع مستويات البحار الناجمة عن التغير المناخي العالمي، مما سيؤدي إلى غرق تلك المناطق الساحلية وزيادة ملوحة التربة والمياه العذبة الشحيحة الموجودة في الآبار الجوفية.
وتقدر الدراسات أن ارتفاع مستوى المياه مترا واحدا سيؤثر على نحو 41500 كيلومتر مربع من الأراضي الساحلية العربية مما سيضر بـ3.2% من عدد السكان، إذ ستغمر المياه ما بين 12% و15% من دلتا النيل، وستخسر البحرين نحو 20% من أراضيها، كما ستتأثر كل من تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا وقطر والكويت والإمارات.
وكان تقرير للبنك الدولي صدر يوم 5 ديسمبر/كانون الأول 2012 كشف أن الكوارث الناجمة عن التغير المناخي كبدت المنطقة العربية خسائر مباشرة بقيمة 12 مليار دولار، وأثرت على حياة خمسين مليون عربي خلال الثلاثين عاماً الماضية.
وأوضح التقرير أن الخسائر غير المباشرة للكوارث تفوق المبلغ المذكور مرات عديدة. محذرا من غرق بعض المدن العربية الساحلية بسبب ارتفاع مستوى مياه البحار مثل الإسكندرية وعدن وجدة.وأشار تقرير مماثل نشرته مؤسسة ناشونال جيوغرافيك إلى ارتفاع منسوب المياه بالبحر الأبيض المتوسط، مما سيؤدي إلى غرق المناطق الساحلية لمعظم الدول العربية بدءا من المغرب غربا، وقد يمتد إلى الخليج شرقا إذا تواصل ارتفاع درجات الحرارة.