أوعوا تتصوروا أنه يغيب عني ارتفاع الأسعار.. أنا واحد منكم أعرف كويس الظروف الصعبة للناس، وعارف عايشين إزاي، وإن شاء الله آخر هذا الشهر هتكون الدولة خلّصت تدخلها لخفض الأسعار بشكل مناسب، واللي هيوفر طلبات الناس من السلع الأساسية، الدولة والقوات المسلحة ستفتح منافذ للسلع الأساسية.. واللي عنده حاجة يصرّفها لأننا لن نسمح بزيادة الأسعار.. وهنشوف تحسن ملحوظ إن شاء الله».

بهذه الجمل، وعد الرئيس عبد الفتاح السيسى في الأول من الشهر الجاري خلال الندوة التثقيفية التي عقدت بنادي القوات المسلحة، وها هو الشهر ينقضي، ليكون السؤال الأبرز، هل انخفضت الأسعار أم لا؟...

الرئيس يَعِد.. والأسعار محلك سر

حينما وعد الرئيس عبد الفتاح السيسى بداية نوفمبر بضبط الأسعار لم يذكر السلع المستهدفة، ولكن الإشارة الضمنية ألمحت إلى السلع الغذائية، إذ تعتبر أسعار السلع الغذائية المحرك الأول لميزانية أي بيت مصري، وعقب ثورتي يناير ويونيو أصبح المطلب الأساسي لمعظم فئات الشعب هو القضاء على غول الأسعار الذي توحش بشكل كبير خلال السنوات الماضية في ظل الدخول المتدنية، والانخفاض المستمر لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار، ونقص العملة الأجنبية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية خلال العام الجاري بنحو 30%.

ولكن بعد حديث الرئيس عن خفض الأسعار نهاية الشهر الجاري، هل انخفضت الأسعار بنفس النسبة التي شهدت ارتفاعها خلال العام الجاري؟، الإجابة لا، ورغم المبادرات التي أطلقتها وزارة التموين وجهاز الخدمات الوطنية بالقوات المسلحة لبيع عدد من المنتجات الغذائية بأسعار مخفضة، فإنها فشلت أيضًا في القضاء على ارتفاع الأسعار.

وقامت «التحرير» بجولة داخل بعض الأسواق ومحلات السوبر الماركت والهايبر؛ للتعرف على أسعار السلع الغذائية ومقارنتها بأسعارها بداية شهر نوفمبر، ولكن من خلال الجولة، وجدنا ثباتًا في الأسعار عند معدلاتها المرتفعة منذ بداية الشهر، دون أي تغيير يذكر باستثناءات طفيفية.

واستقرت أسعار الزيت عند نفس السعر المقرر لها منذ بداية الشهر، حيث بلغ سعر عبوة زيت العباد نحو 15 جنيهًا، وسعر عبوة زيت الذرة نحو 15.5 جنيه دون أي تغيير أيضًا، وما زال سعر كيلو السمن مستقرًا عند 14.5 جنيه، بينما تراجع سعر كيلو الدقيق ليبلغ نحو 4.5 جنيه مقارنة بنحو 5 جنيهات بداية الشهر، كما تراجع سعر كيلو الأرز السائب ليبلغ نحو 4 جنيهات، مقارنة بنحو 4.25 جنيه أول الشهر، في حين استقر سعر الأرز المعبأ عند 4.5 جنيه، كما ثبتت أسعار المكرونة عند 4 جنيهات للكيلو، بينما انخفض سعر كيلو السكر مسجلًا 5 جنيهات، مقارنة بـ 5.25 جنيه في بداية الشهر.

أما أسعار الألبان ومنتجاتها، فقد استقرت عند معدلاتها المرتفعة دون أي تغيير طوال الشهر الجاري، حيث أن سعر كيلو اللبن السائب يبلغ نحو 7 جنيهات، كما أن سعر كيلو الجبن الأبيض يبلغ نحو 29 جنيهًا، و56 جنيهًا للجبن الرومي، والفلمنك بلغ نحو 64 جنيهًا، في حين بلغ سعر الشيدر نحو 48 جنيهًا، وسعر كرتونة البيض 30 جنيهًا.

فى الوقت نفسه، استقرت أسعار اللحوم أيضًا عند معدلاتها دون أي تغيير، حيث إن سعر كيلو اللحم البلدي الكندوز بلغ نحو 85 جنيهًا، كما بلغ سعر كيلو اللحم البتلو نحو 110 جنيهات، في حين يبلغ سعر كيلو اللحم الضان نحو 100 جنيه.

أما عن أسعار الدواجن، فما زالت مرتفعة أيضًا، حيث إن سعر كيلو الدواجن البلدي بلغ نحو 25 جنيهًا في بعض المناطق، كما يبلغ سعر كيلو الدواجن البيضاء نحو 19 جنيهًا، بينما يبلغ سعر كيلو الدواجن في المزرعة نحو 15 جنيهًا.

واستقرت أسعار الخضراوات دون تغيير، ليتراوح سعر كيلو الطماطم ما بين 3 - 4 جنيهات، وبلغ سعر كيلو الكوسة نحو 6.5 جنيه، والملوخية بيعت بنحو 5 جنيهات، بينما سجل سعر كيلو البسلة والبامية نحو 10 جنيهات.

أما عن الأسعار في المجمعات الاستهلاكية، فقد قامت «التحرير» بجولة ميدانية على بعض المجمعات الاستهلاكية في القاهرة، للمقارنة بين الأسعار عقب الإعلان عن ضخ كميات من السلع بأسعار مخفضة، ولكننا لاحظنا ثباتًا في أسعار السلع عند معدلاتها دون تغيير، وإن طرأ بشكل طفيف لا يذكر.

وبلغ سعر البصل الأحمرنحو 3.5 جنيه، وسعر كيلو الكوسة نحو 4.5 جنيه، وأيضًا الباذنجان الرومي نحو 3 جنيهات، وسعر كيلو الخيار 4 جنيهات، في حين بلغ سعر كيلو الملوخية نحو 3 جنيهات، وسعر كيلو البطاطس بلغ نحو 3.5 جنيه.

وبالنسبة لأسعار الفاكهة، نجد أن سعر كيلو التفاح البلدي يباع بنحو 7 جنيهات، وبلغ سعر كيلو العنب الأحمر نحو 5 جنيهات، بينما بلغ سعر كيلو الموز نحو 4.5 جنيه، ويبلغ سعر كيلو الجوافة نحو 2.5 جنيه.

وبالحديث عن أسعار المواد الغذائية للبقالة، سجل كيلو الأرز نحو 3.95 جنيه، وسعر المكرونة نحو 1.65 جنيه، بينما يبلغ سعر كيلو السكر نحو 5 جنيهات.

أما عن عن أسعار اللحوم في المجمعات الاستهلاكية، يصل سعر كيلو اللحم البلدي إلى 60 جنيهًا، والكندوز المجمد يباع بنحو 40 جنيهًا للكيلو، ويباع كيلو اللحم كباب الحلة بنحو 38 جنيهًا، في حين يبلغ سعر كيلو اللحوم السودانية نحو 40 جنيهًا، وبالنسبة إلى أسعار الدواجن فيبلغ سعر كيلو البلدي نحو 17 جنيهًا، والمزارع يُباع بنحو 14جنيهًا.

اقتصاديون: خفض الأسعار لن يتحقق في ظل تذبذب سعر الصرف 

يقول الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، والمساعد السابق للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، إن خفض الأسعار لن يتم في ظل تراجع الجنيه المصري أمام الدولار، لافتًا إلى أن نقص موارد العملة الأجنبية خصوصًا عقب تراجع إيرادات السياحة بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة عقب حادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء، بالإضافة إلى تراجع حصيلة الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وغيرها من موارد العملة الأجنبية، يتسبب دائمًا في ارتفاع الأسعار المحلية نتيجة الاعتماد على الاستيراد.

ويضيف "الفقي"، أن ذلك سيحدث صعوبة أمام الموردين في شراء السلع الخام اللازمة للانتاج المحلي والسلع الغذائية، وهو ما يضاعف التخوف من ارتفاع الأسعار المحلية، وليس اللجوء إلى تخفيضها، مشيرًا إلى أن إحجام البنوك عن تمويل استيراد بعض السلع، يرجع إلى عدم امتلاكها القدرة على تمويل إجمالي فاتورة السلع المستوردة.

من جانبه، يُشير الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل الاستثماري بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى النشرتي، إلى أنه رغم انخفاض الأسعار العالمية للغذاء، فإنها لا تزال مرتفعة في مصر، مرجعًا ذلك إلى وجود وسطاء بين الحكومة والتجار، وهي شركات الأغذية التي تتحكم في الأسعار، مطالبًا بضرورة قضاء الحكومة على ظاهرة الوسطاء، التي تسهم في تعدد العمولات، وبالتالي ترتفع الأسعار.

ويؤكد الخبير الاقتصادي، أن خفض الأسعار لن يتم بدون تفعيل دور الأجهزة الرقابية، وعلى رأسها جهازي حماية المستهلك، والمنافسة، وتفعيل دورهما في مواجهة الممارسات الاحتكارية بالأسواق.

وتقول رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك الدكتورة سعاد الديب، إن الاتحاد قدم حلولاً كثيرة للحكومة لخفض الأسعار، ولكن لم يتم الأخذ بها، ومنها على سبيل المثال، زيادة المعروض من السلع الغذائية في الأسواق، بالإضافة إلى شراء الشركات للسلع مباشرة من المنتج، ثم قيامها بعمل خطوط إنتاج لبعض السلع، بحيث تكون لصالح المجمعات الاستهلاكية.

وتضيف "الديب"، أن وزارة التموين لديها المجمعات الاستهلاكية، وشركات الجملة، وبعض أنواع المصانع التي تمدها بالمنتجات المختلفة، كما أن دورها يتمثل في عرض هذه المنتجات المختلفة، وهذا في حد ذاته يقوم بعمل توازن للأسعار في السوق المصري، وتستطيع أن تقوم بشراء كميات كبيرة من السلع بالأمر المباشر، والتفاوض على الأسعار، ويكون لها ميزة نسبية في الأسعار المخفضة، خاصة بعد عمل منظومة التموين الجديدة.

وجبة الـ30 جنيهًا.. الغلابة "ميعرفوهاش"

وأعلن الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية، عن طرح وجبات بالمجمعات الاستهلاكية بـ 30 جنيهًا للوجبة الواحدة، وتكفي 4 أفراد، ضمن الحملة التي تشنها الحكومة بناءً على تعليمات السيسي لضبط الأسعار، وهو نفسه الذي أكد توافرها بنسبة كبيرة في المجمعات الاستهلاكية بكافة المحافظات.

جولة «التحرير» في عدد من المجمعات الاستهلاكية بعدة مناطق؛ لمتابعة توافر هذه الوجبات، وجدنا توافرها في بعض المجمعات بكميات قليلة، وفي البعض الآخر بكميات كبيرة، واللافت أن الوجبة لم تلقَ قبولاً بين المواطنين. 

وبسؤال "ص.ز"، ربة منزل، داخل أحد المجمعات الاستهلاكية، قالت إنها لا تعلم شيئًا عنها، لافتة إلى أن سعر 30 جنيهًا في اليوم الواحد يعتبر كثيرًا عليها، خاصة أنها ربة منزل، ولا تستطيع دفع هذا المبلغ.

في الوقت نفسه، يرى خالد محسن، حار عقار، أن 30 جنيهًا في اليوم، يساوي 900 جنيه في الشهر، وهو كل ما يتحصل عليه، الأمر الذي يمنعه من شرائها بشكل دائم، لافتًا بأنه يمكن أن يحصل عليها مرة أو مرتين في الشهر. 

أما أم محسن، عاملة نظافة، قالت إنها لم تسمع عن الوجبة، موضحة أنها تلجأ إلى «السقط» و«العفشة» و«هياكل العظام» لتلبية احتياجات أسرتها المكونة من 7 أفراد، تعولهم بعد وفاة زوجها. 

من جانبه، قال مدير فرع "نيو ماركت"، مصطفى أونسي لـ«التحرير»، إن وجبة الـ30 جنيهًا عبارة عن شنطة بلاستيكية، بداخلها دجاجة 1200 جرام، أو نصف كيلو لحم مجمد برازيلي، إلى جانب نصف كيلو بطاطس أو أي نوع خضار، سواء كان كوسة أو فاصوليا خضراء، ونصف كيلو طماطم، ونصف كيلو خيار، ونصف كيلو بصل، بالإضافة إلى كيلو أرز ، ونصف كيلو فواكه.

وأضاف "أونسي"، أن هناك وجبات أخرى تحتوي على نصف كيلو لحم مفروم، وكيلو مكرونة، بالإضافة إلى نصف كيلو بصل ونصف كيلو طماطم ونصف كيلو خيار، وعلبة صلصلة، إلى جانب نوع فاكهة.

وأوضح مدير فرع "نيو ماركت"، أن هناك وجبة أخرى تحتوى على كيلو سمك بلطي، إلى جانب كيلو أرز، ونصف كيلو بطاطس ونصف كيلو خيار ونصف كيلو طماطم ونصف كيلو بصل، وكيلو فاكهة.

ولفت "أونسي" إلى أن أي نوع من هذه الوجبات الثلاث، يبلغ سعره 30 جنيهًا، موضحًا أن هذه الوجبة تتوافر فيها كل العناصر الغذائية، إلى جانب الحرص على وجود طبق السلطة يوميًّا على الغداء من خلال هذه الوجبة، موضحًا أن هذه الوجبات متنوعة يختار منها المواطن ما يناسب رغباته، وتكفي احتياجات الأسرة ذات الأربعة أفراد، بمبلغ 900 جنيه شهريًّا.

الغرف التجارية: خفض الأسعار خلال شهر "مستحيل"

لم تكن الغرف التجارية بمنأى عن ملف الأسعار، بل كانت دائمًا اللاعب الرئيسي في قضية الأسعار ليس لشىء سوى أن التاجر هو حلقة البيع بين المنتج والمستهلك، وهو ما جعله المتهم الرئيسي في ارتفاع الأسعار، ولكن دائما وأبدا يرفض التجار هذه الاتهامات، ولهم مبرراتهم في ذلك.

«التحرير» تقدم وجهة نظر التجار في ملف الأسعار، وإمكانية حل المشكلة خلال شهر.

يوضح يحيى السني، رئيس شعبة الخضار والفاكهة بغرفة تجارة القاهرة، أن سبب زيادة الأسعار يرجع إلى ارتفاع إيجارات الأراضي الزراعية، وارتفاع تكاليف النقل من سوق الجملة إلى التجزئة، بالإضافة إلى زيادة تكلفة نقل الخضراوات والمواد الغذائية بوجه عام، لافتًا إلى أن رفع الدعم الجزئي عن السولار والبنزين أدى إلى قيام أصحاب الشاحنات برفع سعر النقلة الواحدة بمعدلات تصل إلى نحو40% زيادة عن القيمة الحقيقية، وبالتالي فمن الصعب حدوث انخفاض في الأسعار دون أي تخفيض في هذه العوامل.

ويضيف رئيس الشعبة، أن رفع الحكومة لسعر قيمة الجنيه المصري أمام الدولار لن يؤثر على انخفاض الأسعار، وأن الحديث عن التخفيض خلال شهر واحد فقط غير منطقي؛ لأن الملف معقد وبه أطراف متعددة، ويحتاج إلى وقت أكثر، لضمان توافر السلع، وزيادة المعروض، إلى جانب تفعيل قانون الرقابة على الأسواق.

ويُشير عضو شعبة اللحوم بغرفة تجارة القاهرة سيد نواوي، إلى أن تدخل الحكومة لخفض الأسعار يحتاج إلى فترات زمنية طويلة حتى يظهر أثره بشكل ملحوظ، منوهًا بأن المبادرات التي أعلنت عنها الحكومة لخفض أسعار اللحوم ومنها اتجهاها إلى عملية الاستيراد، تعتبر خطوة جيدة، ولكن تأثيرها سيكون واضحًا على أسعار اللحوم المستوردة فقط، والتي تباع بسعر أقل بكثير من اللحوم البلدية، وبالتالي فإن تأثيرها محدود.

أما رئيس شعبة الثروة الداجنة في الغرفة التجارية بالقاهرة الدكتور عبد العزيز السيد، فيؤكد أن الأسعار لن تنخفض في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، وأنه بالنسبة لأسعار الدواجن، فنجد أن سعر طن العلف يبلغ نحو 4200 جنيه، فيصعب لجوء الحكومة إلى خفض أسعار الدواجن دون تخفيض سعر مدخلات الإنتاج.

من جانبه، أوضح ممدوح ذكي، رئيس شعبة المستوردين في غرفة تجارة الجيزة، أن ارتفاع أسعار الصرف في السوق السوداء، خاصة الدولار أمام الجنيه المصري إلى جانب زيادة الجمارك، أسهما في زيادة أسعار بعض السلع الغذائية، وعلى رأسهم الزيت والسكر والسمن، مطالبًا البنك المركزي بضرورة طرح العطاءات خلال الفترة المقبلة؛ لتغطية احتياجات المستوردين، والمساهمة في خفض الأسعار، مشيرًا إلى أن تراجع الأسعار لن يتم في "يوم وليلة" أو حتى خلال شهر، في ظل سياسات الحكومة الحالية والتي أصبحت تتحكم فى رفع أو خفض قيمة الجنيه.