منذ تأسيس حزب "النور" السلفي عام 2012، وهو تجمعه علاقة خاصة وتنسيقية بجماعة الإخوان، فكان التنظيم هو من ساعد النور للدخول في المشهد السياسي عقب ثورة 25 يناير، كذلك كان الحزب أحد الأبواق الداعمة للجماعة، وقتما تصدر رئيسها المعزول محمد مرسي سدة الحكم.
واستمرت العلاقة على هذا المنوال من الدعم والتوافق، حتى خرجت الجماعة من المشهد السياسي وفضل النور البقاء جانب الدولة وتأييد ثورة 30 يونيو، لحين بدء عملية الانتخابات البرلمانية، فكانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر العلاقة الوطيدة بين الحزب والجماعة.
المرحلة الأولى: "احتراق مدرسة الخيانة"
شهدت المرحلة الأولى خسائر كبيرة للحزب السلفي، وتراجع مؤشراته في أكثر من محافظة، وخرجت قيادات جماعة الإخوان لتعلن الشماتة على مرأى ومسمع الجميع، كان أول هذه القيادات التي شننت هجومًا على النور، طارق الزمر عضو الجماعة الإسلامية.
الزمر، هاجم النور، واعتبره انتكاسة للعمل السياسي، وأن الحزب شوه تجربة الإسلاميين السياسية، ولا تزال تمثل مواقفه ثغرة كبيرة، وأن خسارته في الجولة الأولى هي بمثابة عقاب له.
وجاء بعده عاصم عبدالماجد القيادي بالجماعة، الذي قال: "السلفيين منافقين ويكذبون على الله ورسوله، والنور يستند في موقفه على قاعدة تقليل المفاسد وتحقيق المصالح".
وسخر عبدالماجد من خسارة الحزب، قائلًا: "شكرًا للشباب السلفي، حزب النور انهار انهيارًا كاملًا، مدرسة الخيانة قد احترقت.. خيانة وربي يولع فيها".
كما سخر ممدوح إسماعيل، أحد حلفاء الإخوان من نتيجة النور، قائلًا: "حزب الزور يدرس الانسحاب من الانتخابات؛ سترًا للفضيحة، لكنه في انتظار تليفون كي يغير رأيه ولا ينسحب من الانتخابات".
المرحلة الثانية: "صفعة غير متوقعة"
وكان السقوط المدوي الذي مُنى به الحزب في المرحلة الثانية على التوالي، مادة دسمة لقيادات الجماعة للشماتة في النور السلفي، حيث واصل السقوط في المرحلة الثانية، وأظهرت المؤشرات الأولية وفقًا للجنة المركزية للحزب، عدم فوز أي مرشح له في النظام الفردي، كذلك خسارة قائمة الحزب أمام قائمة "في حب مصر".
ولم يهدأ قيادات الجماعة في هذه المرة أيضًا، حيث أظهروا شماتة علانية ضد الحزب، وكان أول القيادات الشامتة كعادته عاصم عبدالماجد، حيث وصف ما حدث للنور بالصفعة التي تلقاها الحزب السلفي ولم يتوقعها، موضحًا أن النور بدأ يهاجم النظام الانتخابي مباشرة بعد خسارته.
وكتب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "موقف التيار الإسلامي المقاطع أوضح للنور أنه ضعيف، ورغم مشاركته في 3 يوليو لكنه خسر الانتخابات بصورة قوية، وخسر التيار الإسلامي أيضًا".
فيما سخر ممدوح إسماعيل، أحد حلفاء الإخوان في تركيا، من الدكتور محمد إسماعيل المقدم، مستشار مجلس إدارة الدعوة السلفية، مطالبًا إياه أن يعلن موقفه من الخسارة ويترك الدعوة السلفية.
وأضاف إسماعيل في بيان له :" لأني أحبه وحزين لموقفه، أهدى هذا البيت من الشعر للشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم أنت إن قلتها مُت وإن لم تقلها مت فقلها ومُت".
خبراء: "الجماعة تعاقب النور على خيانته لها في 3 يوليو"
ومن جانبه، علق هشام النجار، الباحث في الشؤون الإسلامية، على تلك الشماتة، بأنها نابعة من رغبة قيادات الجماعة في التشفي من خصم سياسي، توقعوا يومًا أنه قد يحرز نجاحًا في واقع يغيب عنه الإخوان، مشيرًا إلى أنها في الوقت نفسه تعد محاولة من الجماعة لإيجاد قضية يظهرون من خلالها في وسائل الإعلام.
ورأى أن قيادات الجماعة تحاول الظهور في دور المنتصر بالمعركة التي لم يشتركون فيها، وتحاول إيهام حزب النور بأنه منذ ابتعاده عن أحضان الجماعة بحضوره اجتماع 3 يوليو، وهو يتلقى الهزائم تلو الأخرى، والشماتة عقابًا له على هذا الموقف.
واتفق معه، سامح عيد، عضو الهيئة العليا لحزب المحافظين، أن الجماعة تخوفت من البداية من أن ينجح النور ويحصد مقاعد داخل البرلمان، ويأخذ شرعية، يحتل بها مكان جماعة الإخوان؛ لذلك ظهرت فرحتهم وشماتتهم علانية بحصد النور 8 مقاعد فقط حتى الآن.

وأشار، إلى أن الجماعة لم تنس لحزب النور سابقة، منها اعتراف الأخير بشرعية ثورة 30 يونيو، وشرعية الرئيس عبدالفتاح السيسي، واتهمتهم الجماعة بأنهم باعوا الدين، ورسالة الخلافة الإسلامية الواهية التي يدعون إليها، وغيرها من الاتهامات، مشيرًا إلى أنه في حال حصد النور مقاعد كثيرة في البرلمان كان سيجعل الجماعة خلف السلطة وليس في المشهد.
وأكد، أن العلاقة بين الجماعة الإسلامية وحزب النور، كانت تنسيقية خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ولكن عقب يوم 3 يوليو، وإظهار النور تأييده للدولة، زادت الفجوة بين القطبين، وأصبح الهجوم والتراشق بينهم علني، وباتت الهوة بين الطرفين واسعة.