لم يكن يدرى السودانى الجنسية، يحيى ذكريا، ذو الخمسين عاما، عند مجيئه إلى القاهرة الأسبوع الماضى، بأن ذلك اليوم سيكون كالجحيم ، فى حياته، وأنه لن يكرر تجربة السفر إلى «أم الدنيا» مرة أخرى، بعدما انتهت رحلته بين المستشفيات لعلاج إبنه إلي حجز قسم شرطة عابدين، ليذوق داخله أشكال التعذيب والإهانة.
بدأت قصة تعذيب مع زكريا، علي لسانه، عند توجهه للقاهرة، لعلاج إبنه من مرض البواسير، فقام بتركه فى الفندق ليلة وصوله، والذهاب إلى ، مقر شركة صرافة لتغيير النقود التى بحوزته، إلا أن المباحث قامت بإلقاء القبض عليه، بشارع طلعت حرب.
ويضيف: « فوجئت بأثنين بملابس مدنية يقومان بتفتيشي وصديقي، دون السؤال عن هويتنا، وقاما بأخذ نقودي، وإقتيادي إلى قسم عابدين.
توسلات ذكريا للشرطة بتركه، للذهاب إلى أبنه المريض، لم تفلح معهم، فيقول «طوال الطريق وبعد ذهابنا كنت أسألهم عن التهم، وأرجوهم بتركي، لكن لم أجد إجابة غير السب والضرب».
يستكمل زكريا ما حدث معه قائلا «لم يأخذ أى ضابط أقوالنا، عند مجيئنا، فقط قاموا بالسخرية من، إلا أن قرروا حبسنا دون تهمة موجهة، حتى بدأت رحلة التعذيب على يد رجال المباحث، خلال ثلاثة أيام».
ويستكمل السوداني :«منعونا من استخدام دورات المياه، وقاموا بالتفنن فى أساليب ضربنا وتعذيبنا بأحذيتهم، وحرقنا بأعقاب السجائر، وكلما طالبت برؤية أبني زاد تعذيبهم لي».
ونتيجة التوسلات والمحاولات العديدة تمكن زكريا من الاتصال بأحد معارفه، فى القاهرة ليقوم برعاية أبنه، والاتصال بأسرته فى الخرطوم، إلا أن قررت النيابة إخلاء سبيلهما،، بعد سؤالهما عن مصدر الأموال التى معهما، وأسباب المجئ إلى مصر، وتاريخ الدخول، ليتم عرضهما بعد ذلك على جهاز الأمن القومى المصرى، حتى تم إطلاق سراحهما.
بعد 4 ليالى لن ينساها طوال حياته، رجع زكريا إلى الخرطوم مع أخيه نصر الدين، الذى جاء إلى مصر بعد علمه بالواقعة، وتثبيتها فى إدارة القنصليات بوزارة الخارجية، ووفقا لتقرير الطبيب المعالج لزكريا، فقد تم تأكيد وجود نزيف فى مقلة العين، ورضوض وحروق باليدين من أثر التعذيب الجسدى، إضافة إلى التعذيب النفسي، الذى تعرض له.