لأول مرة في فرنسا فجرت المرأة التي كانت ضمن المجموعة المتحصنة بمنزل في سان دوني شمال باريس نفسها صباح الأربعاء 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، حتى لا تقع في قبضة عناصر الشرطة الفرنسية
تقول فاطمة لحنيات الباحثة وصاحبة كتاب "نساء انتحاريات، الجهاد النسائي" إن "الشحن والتعبئة بلغ حداً جعلها تفضل الموت على الاعتقال".
وأضافت "إنها بذلك (تعتبر) أنها تشارك في الكفاح وهنا لا أهمية لكونها امرأة رغم أن ذلك يضاعف إثر فعلتها على المجتمع".
ومع أن الكثير من النساء انضممن في العامين الأخيرين إلى "أرض الجهاد" في سوريا والعراق فإن عدد من اخترن الانتحار قليل جداً. وبينهن ميريال ديغوك الإسلامية البلجيكية التي فجرت نفسها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2005 في العراق لدى مرور قافلة أميركية.
-رغبة في الموت-
وأضافت الباحثة "إن مشاركة نساء في مجازر والتسبب في آلام مدمرة، كان يثير دائماً ذهولاً واشمئزازاً واهتمام الرأي العام" مضيفة "كيف يمكن فهم رغبة الموت لدى هؤلاء النسوة اللواتي يطمحن للموت ولكن أيضاً للقتل؟"
وتابعت "الدين الإسلامي يدين الانتحار ولدى المسلمين الأمر موضع إدانة أيضاً لكونه مخالفاً لدورهن المتوقع (..) لكن ذلك (التحريم) تم تجاهله خصوصاً من قبل لبنانيين وفلسطينيين والقاعدة ومجموعات شيشانية".
ولكن أوائل النساء الانتحاريات استهدفن قوات الاحتلال كما حصل في 1985 عندما قادت اللبنانية سناء المحيدلي (16 عاماً) سيارتها المفخخة باتجاه قافلة إسرائيلية وقتلت جنديين.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى 2006 "أقدمت أكثر من 220 امرأة على الانتحار ليشكلن 15% من إجمالي الانتحاريين" بحسب الباحثة.
نمور التاميل وحزب العمال الكردستاني
وبين الانتحاريات العراقية ساجدة الريشاوي التي حاولت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 تفجير نفسها في عرس فلسطيني في فندق بعمان. وطالب قادة القاعدة بالإفراج عنها قبل أن يتم إعدامها إثر اغتيال طيار أردني بأيدي مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"
وحالياً فإن تنظيم بوكو حرام هو الأكثر استخداماً للانتحاريات حيث إنه يرسل إلى أسواق مزدحمة فتيات بلغ عمر إحداهن سبع سنوات وبعضهن معاقات ذهنياً أو مخدرات. وفي هذه الحالات يبقي القادة جهاز التحكم بأيديهم وهم الذين يفجرون الشحنة التي تحملها الانتحاريات عن بعد.
من جهته قال مارك أنطون بيروس دو مونكلو الباحث في معهد بحوث التنمية إنه في مادغويري بشمال نيجيريا "الاعتداءات الانتحارية يومية (..) وينفذها خصوصاً نساء أو فتيان أو فتيات انتقاما لمقتل أزواجهن أو آبائهن في معارك مع الجيش النيجيري".
وعادة ما يكون الانتقام لفقدان قريب دافع الانتحاريات الشيشانيات وضمنهن "الأرامل السود" اللواتي أوقعن عشرات الضحايا.
لكن لسن كلهن جهاديات فهناك نمور التاميل في سريلانكا أو حزب العمال الكردستاني الذي يقدم كنموذج لتحرر المرأة وحصناً أمام تنظيم الدولة الإسلامية، وقد لجأ التنظيمان إلى انتحاريات.
ولئن يعد أئمة التنظيمات الجهادية التكفيرية الانتحاريين بنعيم الجنة وخصوصاً الحوريات، فإن ذلك لا يصح بالنسبة للانتحاريات. وتقول الباحثة فاطمة لحنيات "ما يمكن أن توعدن به هو الالتقاء مجدداً بشخص غال كزوج مفقود مثلاً".