أثار إعلان نشرته سيدة كندية (موقع باسم كارولين) على موقع مبيعات إلكتروني، قلقاً كبيراً في أوساط الرأي العام عموماً والهيئات النسائية والصحية خصوصاً، حيث أعلنت أنها ترغب في بيع حليبها الطبيعي للأمهات غير القادرات على إرضاع أطفال هن، وأوردت في الإعلان: «لدي رغبة واحدة هي السفر (من دون أن تحدد دواعي سفرها أو وجهته أو مدته)». حسب صحيفة «الحياة».
وتتابع مخاطبة الأم المُرضعة: «أشعر بأنك لا ترغبين بحليب لطفلك من غير ثدييك». وتضيف: «أتوقّع مسبقاً هذا الجواب والأمهات أمثالك يتساءلن وهن على حق، لماذا أبيع حليبي على صفحة الإعلانات التجارية؟».
وتبادر إلى التعريف عن نفسها بالقول: «أنا أم في حالة صحية ممتازة وأختزن في ثديي حليباً وافراً، ولدي الكثير منه محفوظ في الثلاجة (نحو 800 أو نصة معروضة للبيع إلى أحد بنوك الحليب في كيبيك)، وكلفة الواحدة منها 1.25 دولار كندي»، محددة طريقة الإتــصال بها عبر الإنترنت.
يبدو أن كارولين لم تنتبه إلى أخطار بيع حليب الأطفال الطبيعي على الإنترنت وعواقبه، تماماً كأي سلعة أخرى. حسب الصحيفة.
ولم يكن يدور في خلدها أن حليبها سيخضع لمعايير صحية صارمة واختبارات علمية وإجراءات دقيقة تقضي بأن تضع المرأة مولودها الجديد (كارولين أو سواها) في أحد المستشفيات التي يحددها بنك الحليب، وأن تخضع لفحص طبي وتحليل للدم.
ومنذ أن نشرت إعلانها عبر الإنترنت، تلقت كارولين مئات الإتصالات الإلكترونية والهاتفية من نساء غاضبات أعربن عن دهشتهن واستيائهن بعبارة: «حليب الثدي للبيع؟ غير معقول وأمر غريب لا يصدّق!».
وتلفت كارولين إلى أنها بعد 6 أسابيع من نشرها الإعلان، تلقت إتصالات من خمسة رجال يطلبون شراء حليب لأطفالهم. وتعلّق: «نشر إعلان لبيع حليب الأم عبر الإنترنت كمن يضع قدمه في عالم غريب لا وجود فيه إلا للأطفال الرُضع».
وأثار الإعلان فضول عدد من النساء، فبادرن إلى نشر إعلانات عبر الإنترنت ليس لبيع حليبهن وإنما للتبرّع به، وتشرف على فحصه وتحليله باحثة الإنــتروبولوجيا فرانسواز روبين في بنـــك حليب كيبــيك الحــكومي.
وهي تؤكّد أنه كلما زادت الإعلانات عن بيع حليب الأمهات على مواقع التواصل الإجتماعي، كلما زاد تلوّثه بالبكتيريا أثناء استخراجه أو بفعل نقله أو من طريق انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل.
وهكذا تأتي نتيجة التحاليل الطبية والمخبرية «كارثية وغير آمنة للاستهلاك البشري».
وتنوّه روبين بمبادرة فاليري لاروش، إحدى الأمهات الكنديات التي وجدت صعوبة في إشباع طفلتها الرضيعة نتيجة لإجرائها عملية تصغير لثدييها في سن المراهقة، فلجأت إلى «طريقة كارولين» ونشرت إعلاناً على «فايسبوك» لمساعدتها في تأمين حليب طبيعي لابنتها، وخلال أيام قليلة تلقت عشرة اتصالات من متطوعات للتبرّع بحليبهن، وبعد إجراء الفحوص الطبية اللازمة، حصلت روبين منهن على أكثر من 4 آلاف أونصة حليب طبيعي وصحي.
وتؤكد أنه بقدر ما تكون الأم قريبة جسدياً من المرأة المانحة للحليب بقدر ما تتضاءل نسبة أخطار العدوى والتلوّث.
حليب الأم أفضل
وتؤكّد الوكالات والمنظمات الصحية العالمية أن رضاعة الطفل من ثدي أمه تكون أفضل من ثدي إمرأة أخرى، علماً أن الأخيرة هي بمثابة أم للطفل بالرضاعة.
من جهتها، تلتزم وزارة الصحة الكندية باستراتيجية منظمة الصحة العالمية التي تسمح بتغذية الرُضع من حليب نساء أخريات يتمتعّن بصحة جيدة أو من قبل بنوك الحليب المعتمدة رسمياً (يستفيد حوالى ألف طفل سنوياً من حليب بنك «هيما كيبيك»).
كما تحذّر الأمهات من الوقوع في فخ الإعلانات التجارية أو ما ينشر في مواقع التواصل الإجتماعي، وقد بادرت إلى إطلاق نقاش عـــام حول الرضاعة الطبيعية والرضاعة البديلة، أو ما يسميه بعضهم «رضاعة الضرورة»، لتوعية الجيل الجديد من الأمهات