مثل شعبي في الجون "إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه".. هذا المثل يعد نموذجا صارخا وتطبيقا في نفس الوقت علي الممثل النجم في مسرح الدولة. ويتفرع من هذا المثل ومن الممثل الموظف فكرة أو ماهية إدارة المال العام فالقضية برمتها قضية إدارة حيث كيف يدار المال العام في الفنون والثقافة وشتان بين التنمية البشرية والإنسانية والتنمية السياسية أو الاقتصادية فإدارة الفنون والثقافة بطبيعة الحال تختلف عن إدارة مصانع الصابون أو السكر أو مصانع الحديد التي تدر دخلا بالملايين علي عكس الثقافة والمسرح وتحقيق الموارد الأخلاقية والثقافية والوجدانية ولا شك أن الدولة تنفق ببذخ علي الفنون والثقافة والإعلام ولكن الإخفاق يأتي من سوء الإدارة سواء لعدم الفهم والطبيعة البشرية والنفس الأمارة بالسوء أو لانعدام التخصص أو لماهية الشخصية الإدارية والضعف في فهم ماهية الإدارة وماهية إدارة المال العام في مجال الفنون والثقافة والمسرح"!!".

القضية التي نطرحها في هذا السياق قضية النجم الموظف سواء كان ممثلا أو ممثلة ولكن قبل هذا نرسم صورة لهؤلاء في زمن الستينيات والسبعينيات.

وحتي قبل صدور لائحة الأجور ولائحة التميز كان الممثل أو الممثلة يقبل علي العمل وكانت غايته تقديم عمل مسرحي ذي قيمة وكان في هذا الوقت لا يحصل سوي علي مرتبه الضعيف جدا حيث كان الفنان الموظف صاحب الراتب الكبير يحصل علي ما لايزيد علي ثلاثمائة جنيه في الشهر وكانت الروافد الإنتاجية موجودة ومتوفرة ولكن بصورة قد تكون أقل من هذا الزمن الغابر الذي نعيشه كانت هذه الروافد تتمثل في الإذاعة والفيديو والسينما وإن كانت محدودة كما قلنا وكان المسرح يمثل الرافد الأول والأساسي بجانب مسرح القطاع الخاص وكان الأهم من هذا كله يقظة الضمير فكان الممثل الذي يذهب للعمل في أي من هذه الروافد يحصل علي إجازة بدون مرتب علي عكس الحاصل الآن في هذا الوقت لم تكن هناك لوائح للمكافآت وكان الممثل محاصرا بما يشبه التخصص فقد كان هناك ممثل المسرح وآخر ممثل الإذاعة بجانب ممثل ونجم السينما وكان الفيديو يتعامل معه كل الممثلين الموظف والحر والدخلاء علي المهنة الدارس وغير الدارس القادم من الجامعة أو من الثقافة الجماهيرية لدرجة أن هذه الروافد صنعت نجوما فيما بعد.

نعود إلي الفنان الموظف الجاد وغير الجاد ومع تزايد شركات الإنتاج واختلاط الحابل بالنابل وزيادة الطلب علي الموظف الممثل أخذ في التقاعس والتمارض والجري وراء القنوات الإنتاجية ما بين بلاتوهات السينما أو الفيديو وحتي الإذاعة وحتي أيضا عروض مسرح القطاع الخاص لدرجة أنه عندما يطلب نجم ممثل موظف للعمل في مسرحية كان يدخل المستشفي للهرب من التمثيل في مسرح الدولة وحتي لا يحال للتحقيق وهذا لم يكن يحدث فالكل أصحاب والمركب تمشي: حتي لو تعرضت للغرق"!!".. في زخم الفوضي بدأ المسرح ينهار وكان النجم الموظف أحد الأسباب الهامة مما جعل الإدارة تفكر في الاستعانة بنجوم السينما والغناء في عروض مسرح الدولة وهذا الأمر جعل ميزانيات العروض في حالة زيادة مصطردة حتي أصبحت الزيادة فاحشة وقد تصل ميزانية مسرحية في الدولة لمليون جنيه وتزيد ويلتهم نجم السينما كل الميزانية بالمقارنة مع المفردات الأخري وتتجاوز هذه الأجور الآن للممثل والمطرب التسعين ألف جنيه في ثلاثين ليلة عرضا كل هذا يحدث وهناك نجوم وأسماء كبيرة من جيش الموظفين لا يعملون بل يتهربون من العمل باستثناء القلة التي تقبل علي العمل.

حلا لأزمة الأجور واعتماد الممثل علي مرتبه فقط وحتي يستطيع مواجهة الحياة والمعيشة وغلاء الأسعار فكر الراحل النبيل المخرج القدير عبدالغفار عودة وقاهر العمل الإداري والواعي بماهية قوانين العمل والإدارة فكر في عمل لائحة مالية للفنانين وبمراحل تصاعدية تبدأ من الفنان المبتديء ثم الفنان الأول ثم الفنان المتميز ثم الفنان القدير والبداية من 1500 جنيه وحتي 4250 جنيها وهذا الأمر كان حافزا كبيرا لكل الفنانين لدرجة أن الممثل في البيت الفني للمسرح كان حريصا علي المشاركة في عروض البيت الفني للفنون الشعبية وكانت "النكتة" آنذاك أن العمل في الفنون الشعبية كان يشبه بالعمل في الخليج "!!".

نجح عودة -رحمه الله- في حل اللغز وعلي شاكلة هذا تم عمل لائحة مكافآت بالبيت الفني للمسرح بل وبزيادة في المبالغ المالية حيث وصل الفنان القدير إلي ستة آلاف جنيه بالإضافة إلي لائحة تميز يحدد مقدارها مخرج العمل وتصل لمضاعفة هذا المبلغ.. هذا جيد وهذا بخلاف المرتب ولكن الوباء مازال مستمرا لأن أموال السينما والفيديو أعلي وأكثر ومازالا الاستعانة بنجوم السينما والفيديو والغناء مستمرة والنجم أيضا لم يترك الفرصة لعمل الآخرين ولم يكفه ملايين الفيديو والسينما حتي يصارع الفنان الموظف في "رزقه" وبقايا الأموال القليلة "!!".

مع تطبيق لوائح أجور ومكافآت كبيرة ومتميزة إلا أن المشكلة مازالت قائمة والسؤال أين نجوم مسرح الدولة وهم كثيرون ولماذا لا يعملون ولماذا إذا امتنعوا عن العمل لا يحولون للتحقيق؟!! لماذا لا يجبر هؤلاء علي العمل؟!! ولماذا هذا النجم الذي لا يريد العمل أو يمتنع عن العمل أن يقال ليترك الفرصة لغيره من الخريجين"!!" قائمة الفرق المسرحية بالبيت الفني للمسرح تحتشد بالأعداد الكبيرة ما بين نجم وممثل معروف وممثل في بداية الطريق وربما يصل العدد إلي ستمائة ممثل وممثلة يقل أو يزيد بعض الشيء بالإضافة إلي عمل عقود لمائتي ممثل وممثلة وآخرين في الفترة الأخيرة بتوقيع أشرف زكي الرئيس السابق للبيت ورئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي الآن والمعني بقضية تشغيل الفنانين كرئيس للقطاع المهيمن علي البيتين الفني للمسرح والفنون الشعبية ونقيب الممثلين أين زخم الموظفين من الممثلين والممثلات وماهي معدلات إنتاجهم وماذا يقدمون مقابل مرتباتهم ولكم أن تتخيلوا فنان 3 لا يقدم أي أعمال حتي بلوغه سن المعاش والأسماء كثيرة وأين الأسماء المعروفة وأين الكبار والشباب وأين النجوم؟!!

عدم تشغيل هؤلاء يرجع لضعف الإدارة ويعد في نفس الوقت نموذجا صارخا لإهدار المال العام فمثلا لو تم الاستعانة بنجم موظف سيحصل علي راتبه في العام ولن يتجاوز العشرة آلاف جنيه وإذا كان فنانا قديرا سيحصل علي ستة آلاف جنيه وإذا حصل علي لائحة تميز سيحصل علي مثلهما أي اثني عشر ألف جنيه ويجمل ما سيحصل عليه من راتب سنوي ومكافآت لاتزيد علي الأربعة والعشرين ألف جنيه في حين النجم من الخارج يبدأ أجره من الخمسة وسبعين ألفا وحتي الخمسة والتسعين ألفا وانظروا الفارق ومع نجم واحد أما إذا كان العمل يضم أكثر من ثلاثة نجوم فقل علي الميزانية يارحمن يا رحيم!!

القضية "قضية إدارة" وقضية "ضمير" سواء ضمير الإدارة أو ضمير الفنان!!.. وفي رحلة البحث عن الضمير يا قلبي لا تحزن!!.. وفي قضية البحث عن إدارة واعية فهذا أمر يرجع للوزير وقدر معرفته وضميره وحاله أو "مرحلة الانفلات" إداريا وفنيا وتقنيا واستطيع كتابة أكثر من مائة نجم من موظفي الدولة ولا داعي للحرجة فالإدارة تعرفهم وهم يعرفون أنفسهم "يستر علينا ربنا".. القضية في يد المثلث "الوزير ورئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي ورئيس البيت الفني للمسرح" وعملا بالمثل "آدي دقني لو اتحلت المشكلة" و"العاقبة عندكم في المسرات".. القضية أزلية والهم متورث؟!!

زوايا المنظور

** من أين كان أشرف زكي يأتي بالميزانيات لزخم العروض المسرحية في عهده؟!!

** أنت مطالب "حتميا" بأنقاذ المسرح المصري كما ونوعا!!

** عودة الجمهور للمسرح مسئوليتك يا دكتور أشرف!!

** إدارة عامة للتسويق وممدوح الأفضل بدلا من النصاب!!

** أنت مسئول عن اختيارك يا دكتور وأنت عارف قصدي!!

** أمين سر الحركة المسرحية ليس في اسمه "بكاره" وأدعو له أولا أن يتثقف نقديا. قولوا معي آمين!!

** أشرف زكي علامة مميزة ومضيئة في العمل الخدمي والثقافي معا!!