لم يهدأ زلزال مصر والجزائر بعد, ومن توابعه التي ظهرت نتيجة له, فمقاطعة وردة الجزائرية نهائيا ورفض التعامل معها من جديد في مصر.. ولكن هل نسي المصريون قيمة وردة في القاهرة؟ وهل باتت قيمتها الفنية مرتبطة بمباراة كرة قدم؟.. وردة صاحبة أول أغنية وطنية بعد حرب أكتوبر, تلك الأغنية التي أنشدت فيها علي الربابة مع بليغ حمدي( مصر بلادي... الحلوة بلادي... السمرا بلادي). إضافة إلي أغان أخري تعتبر جزءا أصيلا من التراث الفني المصري. فعندما تكون وردة صاحبة كل هذا التاريخ, لا يمكن تحميلها تبعات الغضب المصري تجاه الجزائر.. وكان علينا التوجه لبعض ملحنين مصر وشعرائها, نسألهم عن موقفهم تجاه ذلك الرفض المفاجئ لوردة التي قدمت اجمل ما غنت علي أرض مصر..
حينما بادر احد الشعراء الشباب بتنفيذ قرار نقيب الموسيقيين' منير الوسيمي' الذي قرر فيه باسم النقابة عدم دخول أي فنان او موسيقي جزائري إلي مصر بعد الآن, قامت الدنيا ولم تقعد معلنة متسائلة هل تظلم وردة الجزائرية في بلدها الثاني؟, فقد أكد الشاعر' خالد تاج الدين' انه انسحب من ألبوم وردة الجديد نهائيا ولن يتعامل معها مطلقا, مستبعدا نظرية ان السيئة تعم, لكنه يري عدم اعتذراها إلي الان عما بدر منها من عدم تمنيها في فوز مصر مفضلة منتخبها الجزائري, يكفي لعدم التعامل معها, كما انه نادم أيضا علي اغنتيه الشهيرة( يوم ورا يوم) لسميرة سعيد والشاب مامي, لم يتكلم خالد عن نفسه فقط, بل ربط انسحابه بأسماءا اخري في المجال كانت وردة قد قررت التعاون معهم منهم الملحن' وليد سعد', فيما لم يبدو منهم أي اراء تؤكد صدق كلامه.
وفيما كان كل ذلك الرفض من المجال الفني, قام عدد من الشباب المصري باختراق الموقع الرسمي للمطربة الجزائرية وردة وقاموا بوضع صورة لوردة وعليها علامةX باللون الأسود, كما قاموا بكتابة بعض الجمل باللون الأسود تحتوي علي تحذير موجه لوردة حيث تقول إحدي هذه الجمل:' تم اختراق الموقع وهذا تحذير بسيط لوردة خلي الجزائر تنفعك عشان انتوا شعب أصلا قليل الأصل وهتشوفي هنعمل إيه لو جيتي لمصر مش هتشوفي طعم النوم' كما تم إضافة صورة كتب عليها باللغتين العربية والإنجليزية من النهارده الجزائريين أعداءنا مخترقو الموقع قاموا أيضا بوضع علم مصر وإيميل من قام باختراق الموقع, جدير بالذكر أن اختراق الموقع استمر لمدة عشر ساعات قبل أن يعود الموقع للعمل مرة أخري بشكل طبيعي. وكانت المطربة الجزائرية وردة قد قامت بالإعلان عن تشجيعها للمنتخب الجزائري وتمنيها أن يفوز منتخب بلادها علي المنتخب المصري في أحد حواراتها قبل مباراة المنتخبين المصري والجزائري بالقاهرة وهي التصريحات التي أثارت استياء الكثيرين.
بداية رفض الملحن' حلمي بكر' ما حدث مستنكرا اياه وغاضبا كل الغضب لما سمعه من تلك الاخبار, مؤكدا انه لابد وان تكون العقوبة التي يقررها الشعب المصري' الثائر حاليا' علي قدر الخطأ وألا نعمم السيئة علي كل جزائري, بل وان استطاعنا ان نكون احسن من غيرنا فلنفعل, فلم نختر يوما ان نصبح الاخت الكبري للدول العربية الاخري, بل شاءت الاقدار منذ زمن ذلك, فعلينا ان نصبح علي تلك الصورة مهما كان الاستفزاز, موضحا انه ضد التطرف بكل انواعه من اجل التعبير عن الرأي, وما حدث مع فنانة في قيمة وردة, هو التطرف بعينه, لان العقاب يقق فقط علي من اخطأ وليس علي الكل, ورغم اني لم اتصل بوردة منذ ان اخذها ابنها إلي الجزائر بعد الاحداث الاخيرة, إلا انها كانت خائفة بل مرعوبة مما جاء إليها من تهديدات لا تليق بها ابدا..
ووردة لن تشتك ولن تتكلم ولن تفعل شئيا, وردة لا تستحق منا ذلك, يجب ألا نكون همج حقا في قراراتنا وتصرفاتنا في ظلم ناس تربوا في خير مصر وكل ذنبهم انهم جزائريون, وخوف وردة في بلد الامان, عيب علينا لابد ان نخجل منه.. وبمزيد من الثقة اكمل ان مصر اكبر مما يحدث الان علي يد ابنائها, وتساءل مستعجبا هل نسي المصريون فجأة اغانيها علي الجبهة, هل نسوا' حلوة بلادي السمرة', هل نسوا تاريخا غنائيا صنعته في بدلنا.. فكان حلمي بكر اول الرافضين لتلك المقاطعة وبشدة, وأوضح انه سيقدم اغنية جديدة بعنوان( اين الضمير العربي) يغنيها مدحت صالح يرد بها علي ما حدث.
أما الشاعر جمال بخيت فلم يختلف رأيه كثيرا, ولم يقل حماسة, موضحا أنه يعتبر ما سمعه من اخبار تخصها, ما هي إلا مواقف انفعالية ليس لها مردود حقيقي, ولا تعبر عن رسالة الفن الحقيقة, الفن الذي تجاوز الحدود التي لم تستطع السياسة تجاوزه مع البلاد الاخري, فلم يعي هؤلاء المتعصبون ان الفن الذي انتسبوا إليه ينبذ التعصب ويدعوا إلي التسامح, ماذا فعلت وردة لتلقي تلك القطيعة غير المبررة علي الاطلاق, هل مجرد امنيتها في صعود منتخبها الجزائري لكأس العالم جريمة تعاقب عليها, بصرف النظر عن احداث مرفوضة من بعض المتعصبين الاغبياء ؟ ليس معقولا ابدا ان يتحول الفن لأداة في ايدي هؤلاء ليفعلوا ما يحلوا لهم في ظلم اخرين, وستبقي وردة صوتا اكبر من كل هؤلاء الذين رفضوا التعامل معها رغما عنهم, و80% من تاريخها الفني وصل للعالم العربي بأنغام وكلمات مصرية خالصة,
اكد' بخيت' ايضا اننا بذلك التصرف الذي وصفه بـ' التافه' والمخجل, اصبحنا تابعين لـ' شوية' متعصبين درجة ثالثة, وقال بنبرة عصبية:' شوفوا اسرائيل بتعمل ايه واحنا بنعمل ايه مع نفسنا, كفاية نشمتهم فينا اكتر من كده.. احنا شعب عظيم رغما عن الجميع ولا يجب ان نستسلم للأفعال السفيهة التي تقلل منا ومن عروبتنا', خاتما كلامه' وردة امتعتنا سنوات طويلة, ولو هقاطعها يبقي بقاطع نفسي, وألومها للأسف لانها فكرت ان تعمل مع هؤلاء الصغار'.