لا تزال مدارس محافظة الجهراء مرتعا للصوص والخارجين على القانون الذين ينتهكون حرمتها ويسطون على ما تقع أيديهم عليه فيها.
فقد كشف تقرير سري لإدارة التحقيقات والعقود والتفتيش في وزارة التربية عن تعرض 8 مدارس في منطقة الجهراء التعليمية إلى حوادث سرقة وإتلاف وحرق متعمد، بتواريخ متفاوتة «وجميعها قيدت ضد مجهول وحفظت من قبل النيابة العامة لعدم معرفة الفاعل».
وبين التقرير أن المسروقات اختلفت من مدرسة إلى أخرى، إلا أن أبرزها كانت رقائق نحاس تزن 300 كيلو تم الاستيلاء عليها من مركز تدريب التربية الفنية بثانوية محمد المهيني، وتقدر قيمتها بـ8400 دينار، فيما بلغت مسروقات مدرسة أخرى 4 آلاف دينار، إلا أن معظم الحوادث المتبقية تركزت بين التلف المتعمد والحرق وسرقة الأدوات الموسيقية.
وعلى الصعيد التربوي، وبعد التحقيق في الحوادث أصدرت الإدارة القانونية أحكامها على المدارس الثمانية محملة شركة الحراسة المسؤولية الكاملة، حيث «ثبت من التحقيق الإداري الذي أجري بمعرفة قسم الشؤون القانونية بمنطقة الجهراء التعليمية، إهمال حارس الامن في القيام بالواجبات والمهام المكلف بها، إذ إن ما تعرضت له ثانوية المهيني كان في غير أوقات العمل الرسمي، الامر الذي تنعقد معه مسؤولية الحارس عن الحادث ومن ثم مسؤولية شركة الحراسة التابع لها».
وشددت مديرة الإدارة رقية مراد، وفق التقرير على ضرورة «إلزام شركة الحراسة بتعويض الوزارة عن الخسائر الناجمة عن الحادث وتقدر بـ 7 آلاف دينار قيمة المسروقات و1400 دينار مسروقات إدارية على أن يتم خصمها من مستحقاتها لدى الوزارة».
وفي مدرسة النعيم طلبت مراد من مدير الخدمات العامة اتخاذ اللازم نحو خصم 30 دينارا من مستحقات شركة الحراسة، شاملة المصروفات الإدارية، حيث ثبت من التحقيق الإداري إهمال حارس الأمن في القيام بالواجبات والمهام المكلف بها، إذ إن الحادث وقع في غير أوقات العمل الرسمي الأمر الذي انعقد معه مسؤوليته عن الحادث، في ضوء عدم معرفة مرتكب واقعة السرقة بعد صدور قرار النيابة العامة بحفظ التحقيق في القضية لعدم معرفة الفاعل.
ولخصت حيثيات الواقعة في تعرض مدرسة النعيم المتوسطة بنات لحادث إتلاف، نجم عنه كسر درج مكتب رئيس قسم الاجتماعيات وحرق باب قسم التربية الإسلامية، وتسجيل قضية في مخفر النعيم، فيما قالت إنه وبعد المخاطبات مع وزارة الداخلية وشركة الحراسة ومنطقة الجهراء التعليمية، ورد صورة تقرير شركة الحراسة عن الحادث وصورة قرار وزارة الداخلية عن حفظ القضية وكتاب منطقة الجهراء المتضمن تبديل الدرج المكسور بمكتب رئيس قسم الاجتماعيات بآخر من المدرسة، ولم يتم إصلاح باب قسم التربية الإسلامية لعدم تأثيره على إغلاق الباب وعدم تلف قفل الباب، لافتة في الوقت نفسه إلى ورود كتاب إدارة الشؤون الهندسية التابعة إلى منطقة الجهراء والمتضمن بأن قيمة الأصناف المفقودة تقدر بـ4.080 دينار وفقاً لكشف الأعمال المنجزة.
وإلى مدرسة حمود الصباح المتوسطة بنين قالت مراد «ورد إلى إدارة التحقيقات والعقود والتفتيش كتاب منطفة الجهراء التعليمية والمرفق به صورة مذكرة التحقيق المعتمدة والمتضمنة تعرض المدرسة المشار إليها لحادث سرقة نجم عنه فقدان طبل صغير وأورج ياماها 700 بملحقاته وأورج ياماها 300 وآلة كمنجة إضافة إلى كسر حماية النافذة مبينة أنه تم إصلاح التلفيات بقيمة 70 دينارا وتم تسجيل قضية في مخفر المنطقة.
وأوضحت مراد أنه بعد متابعة القضية مع جهات التحقيق الجنائية تبين صدور حكم غيابي ضد شخصين يقضي بحبس كل منهما 5 سنوات مع الشغل والنفاذ وعارض المتهمان الحكم وصدر حكم بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهمين، واستأنفت النيابة العامة الحكم وصدر حكم في الاستئناف يقضي بقبول استئناف النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وأضافت، ثبت من التحقيق الإداري الذي أجري بمعرفة قسم الشؤون القانونية في منطقة الجهراء التعليمية إهمال حارس الأمن في القيام بالواجبات والمهام المكلف بها إذ إن الحادث وقع في غير أوقات العمل الرسمي الأمر الذي انعقد معه مسؤوليته عن الحادث في ضوء عدم معرفة مرتكب واقعة السرقة بعد صدور حكم ببراءة المتهمين في القضية،ومن ثم مسؤولية شركة الحراسة التابع لها وإلزامها بتعويض الوزارة عن الخسائر الناجمة عن الحادث والتي تقدر بـ478 دينارا قيمة إصلاح التلفيات شاملة المصروفات الإدارية.
من جانبها،ردت إدارة الخدمات العامة على جميع الملاحظات الواردة في تقرير ديوان المحاسبة عن شركات الحراسة للعام الدراسي 2014/2015 والذي أشار فيه التقرير إلى «تأخر الوزارة في تطبيق بعض الجزاءات على المتعهد بسبب تقصيره في تنفيذ الخدمة والذي نتج عنه وقوع بعض أعمال السرقة والحوادث المتفرقة في بعض المدارس،ما تسبب في عدم جدية المتعهد في تنفيذ شروط العقد«مبينة»في حادثة إتلاف مدرسة النعيم تم تسلم كتاب القانونية بمبلغ المخالفة بتاريخ 17 أغسطس 2014 وتم الخصم في ديسمبر 2014،وفي سرقة ثانوية محمد المهيني تم تسلم كتاب القانونية بمبلغ المخالفة بتاريخ 9 ديسمبر 2014 وتم الخصم في الشهر نفسه،وفي سرقة مدرسة حمود الصباح تم تسلم كتاب القانونية بمبلغ المخالفة بتاريخ 25 نوفمبر 2014 وتم الخصم في يوليو 2014» مؤكدة أنه لا يوجد أي تأخير في الخصم حيث إن الإدارة تخصم بناء على كتب الشؤون القانونية وذلك لتلافي الازدواجية في الخصم.
وأوضحت الإدارة في تقريرها خصم 12 ألف دينار على شركة الحراسة المشار إليها في شهر ديسمبر 2014، حيث المستحق لها عن الشهر المذكور بلغ 48.220 دينار نظير حراسة المواقع التربوية بواقع 28764 دينارا لحماية 141 موقعا بعدد ضابطي أمن لكل موقع و1326 دينارا لحماية 13 موقعا للسكنات والمكتبات وأحواض السباحة و18130 دينارا لحماية 70 موقعا من قبل ضابطات أمن،فيما بلغ الخصم من الشركة 12.769 دينار وبلغ صافي المستحق لها 35.423 دينار فقط.
بدوره، تحدث ديوان المحاسبة عن المآخذ التي شابت تنفيذ أعمال الحراسة لمدارس ومباني الوزارة في منطقة الجهراء التعليمية والبالغ قيمة العقد فيه مع الشركة المنفذة مليونا و961 ألف دينار وتم تمديده سنة واحدة بقيمة 490 ألفاً مبيناً «تأخر الوزارة في تطبيق بعض الجزاءات على المتعهد بسبب تقصيره في تنفيذ الخدمة والذي نتج عنه وقوع بعض أعمال السرقة والحوادث المتفرقة في بعض المدارس ما تسبب في عدم جدية المتعهد في تنفيذ شروط العقد».
وبين الديوان أن إجراءات التحقيق في تلك الحوادث لا تعفي المتعهد من تطبيق الجزاءات عليه،فيما استعرض قيمة الخصم الذي فرضته على الوزارة على شركة الحراسة في بعض المدارس المسروقة ومنها 525 دينارا إزاء حادثة كسر وسرقة مدرسة الواحة بنين و30 دينارا لحادثة إتلاف مدرسة النعيم و478 دينارا لمدرسة حمود الصباح و8 آلاف لمدرسة المهيني مؤكداً أن الوزارة تأخرت كثيراً في تطبيق الجزاء على الشركة.
وعن عقود الحراسة في منطقة الأحمدي التعليمية ذكر الديوان «عدم التزام الوزارة بالشروط التعاقدية وبقانون العمل بالقطاع الأهلي عند تنفيذ أعمال الحراسة للمباني التابعة لها بمنطقة الأحمدي التعليمية وردت الإدارة بالقول«لقد تم توفير ضابط أمن واحد فقط للسكنات حيث لوحظ عدم الحاجة لـ2 ضابط أمن بالسكنات ومقدرة ضابط واحد على تغطية السكن».
وبين الديوان أيضاً«عدم التزام الشركة المنفذة لأعمال الحراسة بمنطقة الأحمدي التعليمية بالشروط التعاقدية في شأن تثبيت مكان إقامة ضابط الأمن»وردت الإدارة بإرفاق صور من تقارير المنطقة لا تتضمن أي مخالفات راجية تزويدها بالكتب الخاصة بالمنطقة المتضمنة عدم وجود أثاث ليتم مراجعتها وتطبيق شروط العقد بصورة قانونية.
الحارس مغلوب على أمره
استغرب مصدر تربوي من تعرض هذا العدد الكبير من المدارس للسرقة دون العثور على الجناة لا سيما بعد الانتهاء من تركيب كاميرات المراقبة على أسوارجميع مدارس الكويت البالغ عددها 771 مدرسة،مبيناً أن الكاميرات تكشف محيط المدرسة بالكامل من جميع الجهات،وهي حماية أمنية وصفتها الشركة المنفذة للمشروع بأنها عالية الجودة والدقة والأمان.
وتمنى المصدر عدم تحميل حراس الأمن «المغلوب على أمرهم» المسؤولية الكاملة لحوادث السرقة،فهي حوادث وإن تمت خارج أوقات الدوام الرسمي إلا أنه لم تتمكن الجهات الامنية من معرفة جناتها ولا كاميرات المراقبة من تحديد ملامح بعضهم،ما يعني أن لصوص المدارس على درجة من الاحتراف والحذر،مضيفاً، كيف بإمكان الحارس المسكين براتبه الضئيل من حراسة مبنى ضخم يضم عشرات الغرف والأدوار ،فيه أكثر من مدخل ومخرج ويستطيع الداخل إليه اقتحامه بأكثر من طريقة،مبيناً أن حوادث السرقة مسؤولية مجتمعية مشتركة تتحملها وزارة الداخلية وشركة الحراسة معاً.