رغم أن الكويت كانت في طليعة الدول الخليجية التي اعتمدت منظومة النقل الجماعي عام 1962 إلا أن المواطنين قاطعوا تلك المنظومة ورفعوا شعار (الاعتماد على السيارة الخاصة) دون الالتفات إلى ما شهدته من تطورات كبيرة وتغطيتها لمختلف مناطق البلاد.
 
 
وبينما تتولى شركة (النقل العام الكويتية) التي تأسست في 20 سبتمبر 1962 عمليات النقل الجماعي البري داخل الكويت وخارجها إضافة إلى النقل البحري بين الجزر الكويتية لكن هناك نظرة سائدة بين المواطنين بأن تلك الوسائل مخصصة ل(محدودي الدخل) ما جعلها ثقافة مقتصرة على الوافدين.
وتزامنا مع ذكرى تأسيس شركة (النقل العام) التي تحل غدا استطلعت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أراء أهل الاختصاص والمواطنين للوقوف على أسباب العزوف عن التعاطي مع منظومة النقل العام.
 
 
فمن جانبه أكد المدير التنفيذي لشؤون النقل بالشركة المهندس عبدالله صالح الناصر أن الكويت كانت أول الدول الخليجية التي فعلت منظومة النقل الجماعي عام 1962 كونها تمثل أحد أبرز الحلول لمواجهة الازدحامات المرورية الناجمة عن الزيادة السكانية.
وأضاف الناصر الذي يشغل أيضا منصب المدير التنفيذي لشؤون إدارة (المشاريع والخدمات اللوجيستية) أن النقل الجماعي جزء لا يتجزأ من منظومة النقل الحضاري ولا يمكن الاستغناء عنه في ظل الزيادة السكانية واكتظاظ الطرقات بالسيارات الخاصة.
 
 
وأوضح أن ما نسبته 5 إلى 6 بالمئة من سكان الكويت يستخدمون وسائل النقل العام "وهي نسبة في تراجع مستمر" لافتا إلى أن السواد الأعظم من الوافدين كانوا يعتمدون على تلك الوسائل في بلدانهم "لكنهم عندما جاؤوا إلى الكويت وجدوها غير منتظمة لذا لم يستطيعوا الاعتماد عليها في الذهاب لأعمالهم أو لقضاء احتياجاتهم".
وأشار إلى أنه وفقا للدراسات العالمية فإن النسبة المثلى لمستخدمي النقل العام بمدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المفترض أن تبلغ نحو 30 بالمئة من إجمالي السكان مبينا ان تلك النسبة لطالما كانت تصاعدية "محليا" حيث تراوحت خلال الفترة من 1962 إلى 1989 ما بين 15 إلى 16 بالمئة.
 
 
وأفاد الناصر بأن شركة (النقل العام الكويتية) باعت في عام 1989 نحو 121 مليون تذكرة -أي أنها نقلت 121 مليون راكب - بينما باعت الشركات الثلاث العاملة في هذا الحقل "محليا" خلال 2014 نحو 100 مليون تذكرة فقط.
وأكد أن رغم الزيادة السكانية التي شهدتها الكويت خلال الفترة من 1989 إلى 2014 وبلوغ عدد سكانها نحو 4 ملايين مواطن ووافد إلا أن عدد التذاكر التي باعتها تلك الشركات تراجع بشكل ملحوظ بينما كان من المفترض بلوغه حاجز ال240 مليون تذكرة وفق اقل التقديرات.
وأوضح أنه مع دخول القطاع الخاص إلى مجال النقل الجماعي تم تطوير مستوى الخدمة حيث تم الدفع بحافلات حديثة ومكيفة لكن مع غياب الرقابة على التشغيل شهدت الخدمة تراجعا تمثل في عدم انتظام الحافلات وتكدسها في مناطق دون غيرها.
 
 
وأشار إلى أن خدمة النقل الجماعي تنقسم إلى ثلاث فئات الأولى منها تسمى (النقل المنتظم..التشريعي) وفيها تضع الحكومة التشريعات اللازمة للمشروع وتشرف عليه فيما يشترط حصول الشركة على تصريح بتشغيل الخدمة وغالبا ما تكون تلك الفئة مدعومة من قبل الدولة.
وذكر أن الفئة الثانية تسمى (النقل غير المنتظم.. التشريعي) وفيه تضع الحكومة التشريعات اللازمة للمشروع ولا تشرف عليه كما يشترط الحصول على تصريح لتشغيل الخدمة.
وبين أن الفئة الثالثة هي (النقل غير المنتظم.. وغير التشريعي) وفيها يتم تشغيل الخدمة من دون تصريح أو ترخيص وتتم بصورة عشوائية ويتواجد هذا النوع في معظم المدن النائية واصفا منظومة النقل الجماعي في الكويت بالممتازة كونها احد مشروعات (النقل المنتظم.. التشريعي) الذي لم يتوقف منذ إنشائه.
 
 
وأوضح الناصر أن شركة (النقل العام) تعمل على تطوير النقل الجماعي منذ تأسيسها "دون دعم مباشر" بينما انتهت من وضع الخطة الإستراتيجية للسنوات الخمس المقبلة مضيفا أن الشركة تغطي حاليا كافة مناطق الكويت فيما يعمل فريق على فرض الرقابة الكاملة على تشغيل الحافلات بشكل منتظم لضمان توفير وتقديم أفضل مستوى للخدمة.
وأفاد بأن الشركة تمتلك حاليا نحو 2800 حافلة و 1682 محطة توقف للحافلات و10 مراكز لايوائها ونحو 44 موقعا بمختلف المناطق و28 محطة لنهايات الخطوط.
وعن توفير محطات للحافلات في المناطق السكنية التي يقطنها المواطنون أفاد الناصر بأن الشركة تقدم خدماتها لجميع مناطق الكويت لافتا إلى أن توفير تلك الخدمة وتطويرها يحتاج إلى الدعم خصوصا مع قلة مستخدمي الحافلات في تلك المناطق التي لا تسجل أي مردود مادي للشركة التي تحاسب على الأداء مثل أي شركة حكومية أخرى".
 
 
وأضاف أنه عند وضع خطط النقل الجماعي لا يتم احتساب فئة دون غيرها لكنها تبنى على أسس اقتصادية وعمرانية تمهد لنقل آمن ومستدام لتطوير الدولة اضافة الى تضمينها شبكات القطارات والمترو وكافة وسائل النقل الاخرى وفقا للتخطيط العمراني واحتياجات كل منطقة وكثافتها السكانية.
ولفت الناصر إلى أن أي دولة أو مدينة حول العالم يصل تعداد سكانها إلى 3 ملايين نسمة يتعين عليها تطبيق وسائل نقل أخرى كالمترو والقطارات الخفيفة وتوفير طرق خاصة للحافلات.
 
 
من جانبه قال المواطن فيصل العبدالله إن الشركات المشغلة لوسائل النقل الجماعي باتت تسعى إلى الربحية على حساب حل القضية المرورية فيما أدى عدم تطوير تلك الوسائل إلى هجرة المستفيدين من خدماتها إلى وسائل أخرى أكثر جاذبية لافتا إلى وجود العديد من الحلول الناجعة لجذب الركاب إلى منظومة النقل العام ولعل أبرزها زيادة رسوم استخدام المواقف العامة ورفع قيمة المخالفات المرورية.
 
 
من جهته قال المواطن مشعل حمد إن حافلات النقل العام (الباصات) تستغرق وقتا طويلا للوصول إلى الأماكن المستهدفة فيما يضطر إلى استخدامها الكثير من العمالة الوافدة التي لا تستطيع امتلاك سيارة خاصة لضعف مدخولها الشهري.
ولفت حمد إلى أن تلك الحافلات قد لا تصل إلى أغلب المناطق التي يقطنها المواطنون إذ تلتزم بخط سير على الطرقات الرئيسية فقط في وقت يربط فيه البعض استخدامها بتدني المستويين المادي والاجتماعي.
 
 
بدوره قال المواطن وليد مساعد إنه عندما يتوجه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة أو أي من الدول الأوروبية يستقل وسائل النقل العام لراحتها وسرعة وسهولة الوصول إلى الجهة المستهدفة "لكن في الكويت هناك بعض المناطق تستغرق الحافلة نحو 60 دقيقة للوصول إليها" فيما لا تصل الحافلات إلى المناطق التي يقطنها المواطنون.
بدورها قالت عنود الصالح إن النساء اللاتي لا يملكن سيارات خاصة اعتدن استخدام سيارات الأجرة (التاكسي) لقضاء احتياجاتهن لاسيما من الأسواق التجارية إذ يرتبط الأمر بالعادات الاجتماعية مشيرة إلى أن سهولة استقلال سيارة الأجرة والتوجه إلى أي جهة تقصدها يميزها عن وسائل النقل العام التي تلتزم بخط سير محدد.
من ناحيته قال المواطن عبدالله بندر إنه من الصعب على الشخص الذي اعتاد استخدام السيارة الخاصة استقلال حافلات النقل العام وانتظارها في محطات التوقف لاسيما وان فصل الصيف يشهد ارتفاعا في درجات الحرارة فضلا عن أنها لا تناسب احتياجات البعض.
 
 
وتحتفل العديد من دول العالم في 22 سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للتخلي عن استخدام السيارات حيث تهدف المبادرة التي اطلقت في بريطانيا عام 1997 إلى تخلي سكان المدن الكبرى عن استخدام سياراتهم في هذا اليوم لتنقية الهواء وحماية البيئة.
وتأسست شركة المواصلات الكويتية بمرسوم أميري في العشرين من سبتمبر عام 1962 برأسمال قدره مليونا دينار وقد تم تعديل مسماها إلى شركة النقل العام الكويتية بموجب مرسوم أميري صدر في 5 مايو 1985 بعد أن تحولت أسهم القطاع الخاص في الشركة إلى الدولة بموجب المرسوم الأميري رقم 34 لسنة 1980 وهي خدمة إضافية تضاف إلى الخدمات التي تقدمها الدولة.