في الوقت الذي بدأ الحديث فيه يتزايد عن احتمالات تعافي الاقتصاد العالمي وتوقعات بالنمو خلال العام المقبل شهدت أسعار الذهب العالمي اقترابها من حاجز الـ 1200 دولار للأوقية، وتوقعات بوصوله لمحطات تاريخية جديدة في أسعاره تقترب من 2000 دولار للأوقية خلال عامين، الأمر الذي يشكك في قدرة الاستمرار على التعافي بالشكل الذي يسوقه القادة السياسيون.

وبالعروج على الذهب في المنطقة العربية يشير احدث تقارير مجلس الذهب العالمي إلى ان اجمالي الطلب على الذهب في المنطقة العربية خلال الربع الثالث من العام الحالي وصل إلى 800.3 طن، بقيمة 24.7 مليار دولار، بزيادة 15% عن الربع الثاني منه، الأمر الذي يؤكد ان ارتفاع الطلب على سبائك الذهب في المنطقة يعود في الأساس إلى توجه المستثمرين العرب للاحتفاظ به كاستثمار، إضافة إلى ان ارتفاع نسبة الطلب على المجوهرات، بات مؤكدا بعدما سجلت انخفاضا كبيرا في الربع الأول المقترب زمنيا من عمق الأزمة العالمية.

ويمضي التقرير مؤكدا على ان الطلب العالمي على المشغولات الذهبية اذا كان قد استعاد مكانته، فان ذلك كان استجابة للإشارة إلى التحسن في الأحوال الاقتصادية. لكن الارتفاع الكبير الذي صاحب سعر الأوقية خلال الربع الثالث مقارنة بالربع الثاني من السنة، أدى إلى انخفاض الطلب بنسبة 34%عن مستويات الفترة ذاتها من العام الماضي، بسبب الزيادة القوية غير المتوقعة التي تحققت في الربع الثالث.

هذا ما يؤكده المدير التنفيذي للمجلس أرام شيشمانيان قائلا: «في الوقت الذي تلوح علامات تشير إلى تحسن مستويات الطلب على الذهب في المنطقة، من السابق لأوانه ان نقول متى يمكننا ان نرى العودة مرة أخرى إلى المستويات المعهودة في شكل أكبر بالنسبة إلى الطلب» معتبرا ان سعر الذهب المرتفع، والتذبذب الذي شهده السعر المحلي أخيرا، يشكلان عاملين رئيسيين في التأثير في الطلب، إلا أن هذا أيضا مرتبط باستمرار حال عدم التأكد حيال الظروف الاقتصادية.

وفيما يتعلق بالاستثمارات، فإن الوضع بشكل عام «يبدو إيجابيا»، وفقا للتقرير، رغم القلق نتيــجة التــــذبذب الاقتصادي وأسعــــار العمــــلات، والمخاوف المتزايدة في شأن التضخم، والبحث عن تنويع الاستثمارات. وفي القطاع الرسمي، توقع التقرير أن تواصل المصارف المركزية تنويع حجم تعرضها لأخطار في تعاملاتها بالدولار، خصوصا من الذهب الذي أثبت جدارته.

وفي دراسة أخرى أجرتها «شركة غولد فيلدز مينيرال سيرفيسز المحدودة» أكدت ارتفاع متوسط أسعار الذهب للربع الثالث بـ 10% مقارنة بالربع الثالث من عام 2008، إذ سجلت أونصة الذهب آنذاك 960 دولارا.

ولفتت إلى أن الحجم العام للطلب على الاستثمار، والذي يتضمن تبادل الذهب بالأموال المتداولة والصكوك والقطع النقدية، بلغ 227.2 طنا، بزيادة طفيفة عن مستويات الربع الثاني، ولكن بانخفاض بلغ 46% عن أقصى مستويات الربع الثالث لعام 2008.

أما فئة الاستثمار بالتجزئة، والتي تتضمن الطلب في شكل صكوك وقطع نقدية، فارتفعت مرة أخرى على أساس تتابعي، بزيادة بلغت 11%، رغم انخفاضها بنسبة 31% عن الربع الثالث من عام 2008. ولاتزال تدفقات الذهب إلى صناديق الاستثمار المتداولة قوية من حيث القيمة المطلقة التي بلغت 41.4 طنا، وإن كانت تقل مرة أخرى بشكل كبير عن الأرقام المرتفعة نسبيا عن الفترة المماثلة من عام 2008.

وشهد الاستثمار الافتراضي الذي يغطي الجزء الأقل وضوحا من الطلب على الذهب ربعا آخر من صافي التدفقات. ومع ذلك، يعتبر هذا التدفق، الذي بلغ 30.7 طنا، أقل بكثير مما كان عليه في الربعين السابقين.

بينما يتنبأ بعض المحللين بمضاعفة سعر الذهب خلال 2010 حيث انه معروف أن سعر الذهب في البورصة يرتبط مباشرة بسعر العملة الأميركية الدولار الذي يؤدي في آن واحد عدة وظائف: فإنه – قبل كل شيء – عملة احتياطية دولية تستخدم في الحسابات التجاريــــة، وفي ظروف الأزمة المالية العالمية بدأت البنوك المركزية لمختلف بلدان العالم تزيد من مخزوناتها الذهبية. وهذا هو سبب الإقبال الشديد على هذا المعدن النفيس.

لكن مجلس الذهب العالمي يتنبأ بانخفاض كبير لأسعار المجوهرات بنسبة الربع على نحو التقريب وأسعار الذهب الذي يستخدم للأغراض الصناعية بمقدار 10%.

ويرى المستثمرون الأميركان والأوروبيون في الذهب أداة للمضاربة في البورصة. كما أن مبيعات الذهب في روسيا ازدادت بمقدار 50%. ويمكن شراؤه الآن في كل فرع لأكبر البنوك التجارية الروسية. ويشير خبراؤها الى أن الذهب يشكل اليوم ثلث ادخارات المواطنين.

ويعتقد سرجي دانوف نائب مدير إدارة التسويق ببـــــورصة الأوراق المالية في روسيا الاتحادية أن الإقبال على الذهب له أسباب موضوعية. فقال: السبب الرئيسي لنمو أسعار الذهب هو أن الحكومات الغربية ولاسيما حكومة الولايات المتحدة أصدرت كمية زائدة من الأوراق النقديـــــة بغية التصدي للازمة العالمية. ولهذا السبب أيضا تنمو أسعار جميع السلع وخصوصا النفط والمعادن الكريمة. أما ما يخص الاستعاضة عن الدولار واليورو وغيرهما من العملات الورقية بالذهب فهذا الاحتمال غير وارد حاليا.