ليس كل الدعاء خير، كما يعتقد البعض، فهناك أدعية بمجرد أن دعا بها أصحابها انقلبت عليهم ثم أماتتهم أو قتلتهم.. وسنورد أشهر قصتين:
العذاب الواقع
بعد عودة النبي صلى الله عليه من حجة الوداع، وقف كما أخبرت بعض المصادر التاريخية في منطقة "غدير خم" ليقول "من كنت مولاه فعلي مولاه"، يقصد الإمام علي بن أبى طالب، لكن ذلك لم يعجب البعض.
فذهب الحارث بن النعمان الفهري إلى النبي وقال له "يا محمد!! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهرا فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت ابن عمك ففضلته علينا، فهذا شىء منك أم من الله؟"، فقال النبي " والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله"، كما أورد برهان الدين الحلبي في السيرة الحلبية، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة، والشبلنجي في نور الأبصار.
فخرج الحارث ثم وقف وقال "اللهم إن كان ما يقول محمد حقا، فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم"، فلما وصل إلى ناقته حتى رماه الله تعالى بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله، وأنزل الله (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذى المعارج)، كما أورد ابن الجوزي في تذكرة الخواص والقرطبي في تفسيره.
حول الله
وفي عهد الخليفة العباسي المنصور، وبعد أن أتم حجه وذهب للمدينة طلب إحضار جعفر بن محمد الصادق، حفيد الحسين بن علي، ليحقق معه فيما وصل إليه بأن أهل العراق يجمعون الزكاة لصالح جعفر الصادق.
فطلب الإمام جعفر الصادق من الخليفة المنصور أن يحضر إليه من قال له هذه المعلومة، فلما جاء الرجل قال له المنصور: احلف على صحة كلامك، فقال الرجل "والله العظيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الواحد الأحد"، وأخذ يعدد في صفات الله تعالى.
فقال جعفر "يا أمير المؤمنين.. لا، بل يحلف بما أستحلفه"، فقال المنصور: "حلفه بما تختار"، فقال جعفر: "قل برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي، لقد فعل جعفر كذا وكذا"، فامتنع الرجل فنظر إليه المنصور نظرة شديدة، فحلف بها، فسقط الرجل ميتا، فقال المنصور: جروا برجله وأخرجوه.
يقول راوي القصة وأحد من شهدوا الواقعة ويسمى أبا الفضل الربيع، "منعت الساعي بك إلى المنصور من أن يحلف بيمينه وأحلفته بيمينك، فما كان أن أخذ لوقته، وما السر فيه؟"، فقال جعفر: "لأن في يمينه توحيد الله وتمجيده وتنزيهه، فقلت: يحلم عليه ويؤخر عنه العقوبة، وأحببت تعجيلها إليه فاستحلفته بما سمعت فأخذه الله لوقته"، كما أورد الشبلنجي في نور الأبصار وابن حجر في الصواعق المحرقة وسبط بن الجوزي في تذكرة الخواص.