يحلم عماد، وهو مقيم مصري في الكويت، بتأسيس «بيت العمر» في موطنه الأصلي، ويلجأ إلى الشركات التي تستعرض مشاريعها العقارية بهدف الحصول عليه، عبر طرحها شققا سكنية في المناطق الجديدة، يتم شراؤها عبر الأقساط.
شقة سكنية مساحتها 150 متراً في المناطق الجديدة كفيلة بإرهاق ميزانية أي مصري يعمل في الكويت إذا أقدم على شرائها بالتقسيط، مع دفع مقدم بسيط والاستمرار في دفع أقساط شهرية تتجاوز 50 في المئة من راتبه.
بنظرة بسيطة إلى معدل رواتب الوافدين المصريين في الكويت يتبين أنها تترواح حول 400 دينار، ومع غلاء المعيشة من الصعب جداً أن يوفر أي مصري 40 في المئة من راتبه لأجل دفع الأقساط للحصول على الشقة، إذ إن تكاليف المعيشة تكاد تأكل 75 في المئة من راتبه.
يروي عماد لـ «الراي» أنه ذهب لأحد المعارض التي تقام في الكويت، مبدياً رغبته في أن يجني ثمار غربته بشراء عقار على أمل أن يجد مشروعاً مميزاً ومناسباً في الوقت عينه.
استمع عماد من مدير المبيعات في إحدى الشركات المسوّقة لمميزات الشقة التي ينوي شراءها في القاهرة الجديدة، خياله أخذه بعيداً، كان سعيداً لما يسمعه من مستوى المعيشة الذي ينتظره، لكن سرعان ما تبخر حلمه عندما سمع أن ثمن الشقة 750 ألف جنيه، مبلغ كبير مقارنة براتب الرجل الذي لا يساعده على سداد أقساطها التي حددها المسؤول بواقع 300 دينار شهرياً على مدى 5 سنوات، مع العلم أن الشقة نفسها وبالمواصفقات نفسها منذ بداية العام كانت تعرض بسعر 550 ألف جنيه، أي بزيادة 200 ألف جنيه.
تبارك القابضة
مدير فرع الكويت في مجموعة «تبارك القابضة» وليد صقر أكد ان ارتفاع أسعار العقارات في مصر ناتج عن المضاربات التي يقوم بها المستثمرون العقاريون، خصوصا المضاربين الخليجيين، بالإضافة إلى طرح الحكومة للاراضي ومضاربة المستثمرين.
وأشار صقر لـ «الراي» إلى أن نسبة الزيادة في أسعار العقارات المصرية خلال العام الحالي وصلت إلى 10 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وهناك بعض الأماكن مثل التجمع الخامس تصل الزيادة إلى 20 في المئة.
وذكر صقر أن المواطن المصري الذي يعمل في الكويت ويتقاضى راتبا قدره 500 دينار ومعه أسرته لا يستطيع في الوقت الراهن أن يشتري عقارا في مصر بسبب ارتفاع الاسعار، لافتا إلى أن غالبية الأسعار والأقساط المعروضة لا تناسبه في ظل المتطلبات المعيشية.
وطرح صقر حلولا لمن يريد تملك عقار في مصر، أولها أن يجهز مبلغا قدره 5 آلاف دينار كدفعة أولى من خلال تخارجه من عقاره القديم وان تساعده زوجته في سداد أقساط الشقة الجديدة، لاسيما ضرورة أن يغير المواطن المصري تفكيره في السكن وأن يختار ما يناسبه من شقة دون النظر إلى التوجه لشراء فلل أو مساحات كبيرة ليس بحاجة إليها.
من جهته، يقول وائل وهو مدير مبيعات إحدى الشركات إن السوق العقاري المصري بدأ مرحلة التعافي ومستعد لتلقي استثمارات جديدة محلية وأجنبية، لافتا إلى أن حركة المبيعات منذ بداية العام الحالي واستمرارها لافت للنظر مع تزايد أسعار العقارات بشكل جنوني.
وتوقع وائل ارتفاعا في الأسعار أكثر مما هو عليه نظرا لارتفاع حجم الاستثمارات في السوق المصري خلال العام 2015، مدعومة باتجاه العديد من المستثمرين المحليين والأجانب لضخ استثمارات جديدة بالسوق وتنفيذ خططهم التوسعية المؤجلة.
وأشار إلى أن مستوى المعروض من عقارات مصرية يناسب شريحة كبيرة في الكويت وتحديدا لمن يتقاضى راتبا أكثر من 700 دينار كون أن قسطه الشهري يتجاوز الـ 50 في المئة، لاسيما وان الدفعات النصف سنوية قد تتجاوز حاجز الـ 1000 دينار وهذا كله لا يناسب شريحة من يتقاضى راتبا أقل من 400 دينار.
الأسعار نار
تبدأ أسعار العقارات المعروضة في مصر لجميع المستويات من 350 ألف جنيه إلى ما فوق الـ 10 ملايين جنيه، حيث ان الشقق السكنية التي تبدأ مساحاتها من 80 متراً فأكثر تبدأ أسعارها من 350 ألف جنيه، والفلل الدوبلكس لمساحات تبدأ من 250 مترا تبدأ من 600 ألف جنيه، وفلل التاون هاوس تبدأ من 1.5 مليون جنيه، والفلل الكاملة تبدأ من 4 ملايين جنيه، حيث ان أكثر المشاريع التي يقبل عليها المواطن المصري في مناطق التجمع الخامس والشروق و6 أكتوبر والقاهرة الجديدة والمناطق المحيطة لهم.
التسلم المؤجل
يقول أحمد عبد اللطيف مسؤول تسويق في احدى الشركات المصرية إن التسلم الفوري للعقارات يرفع اسعارها بأكثر من 20 في المئة، أما التسلم المؤجل للمشاريع قيد الإنشاء قد يرى المستثمر أن اسعارها تختلف وتقل عن السوق بواقع 10 في المئة، ما يفضل كثير من المستثمرين الانتظار لإنشاء المشاريع للاستفادة من هذا الفرق الذي يصل في بعض الأحيان إلى مبلغ 100 ألف جنيه أي بواقع 4 آلاف دينار.
ويشير إلى أن كثيراً من الشركات تقوم على تسويق مشاريعها قبل تشييدها حتى تتمكن من تمويل المشروع، لافتا إلى أن نسب البناء في هذه المشاريع قد تتجاوز حاجز الـ 50 في المئة حتى يكون هناك مصداقية مع العميل بأن الشركة تقوم على بناء المشروع ومستمرة في التشييد.
فرغم هذه الزيادة التي من شأنها أن تعجز الشركات العقارية العارضة في الكويت في تسويق عقاراتها، إلا أن كثيراً منهم يؤكد أن حجم مبيعاتهم للشركة الواحدة تصل إلى أقل تقدير 20 عقداً في المعرض الواحد، الأمر الذي يشير إلى وجود شريحة كبيرة مستمرة في شراء العقارات المصرية رغم ارتفاع اسعارها خلال العامين الماضيين.
ويقول مسؤول شركة مصرية ، رفض ذكر اسمه ، إن مبيعات الشركة تتراجع عن كل معرض بسبب ارتفاع الاسعار التي غالبا ما يطابقها المستثمر العقاري والتي تزيد عن كل فترة عرض في الكويت بنحو 10 في المئة في غضون كل 4 أشهر تقريبا، ما أزعج كثيراً من المهتمين بشراء العقار المصري متهمين الشركات بأن أسعارها مرتفعة بسبب تعويض الشركة ثمن مشاركة المعرض ووضعها على العميل.
وأكد أن الشركات العقارية التي تشارك في المعارض تقدم أفضل الاسعار مقارنة بالسوق المصري، نافيا في الوقت نفسه ان تزيد الشركات من اسعارها للمصريين في الخارج كون ان المستثمر العقاري المصري يعي تماما اسعار العقارات في بلده وهو متابع جيد لتطورات الأسعار في السوق المصري.