قطع مجلس الأمة خلال جلسته أمس نصف المسافة على طريق إنهاء الفوضى على مواقع التواصل الاجتماعي ووضع حدا رادعا لمثيري الفتن ومشعلي الحرائق الطائفية;إذ وافق على مشروع قانون بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مداولته الأولى بأغلبية 28 صوتا واعتراض ثمانية أعضاء وامتناع عضوين عن التصويت فيما أرجأ مداولته الثانية لإتاحة الفرصة أمام النواب لتقديم تعديلاتهم عليه.

 

ويشدد القانون عقوبة جريمة الدخول غير المشروع إلى أجهزة الكمبيوتر والأنظمة المعلوماتية المعروفة بـ"القرصنة", لا سيما إذا ترتب على الدخول إلغاء أو إتلاف للبيانات أو في حالة المعلومات الشخصية", كما يجرم التزوير وإتلاف المستندات الالكترونية واستخدام أي وسيلة من وسائل تقنية المعلومات في تهديد الأشخاص أو ابتزازهم.

 

وبحسب المادة الـ8 سيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تزيد على 30 ألف دينار ولا تقل عن 10 آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أنشأ موقعا أو نشر معلومات باستخدام الشبكة المعلوماتية بقصد الاتجار بالبشر أو تسهيل التعامل فيهم.

 

ونصت المادة العاشرة منه على أن يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 10 سنوات كل من أنشأ موقعا لمنظمة إرهابية أو لشخص إرهابي أو نشر عن أيهما معلومات ولو تحت مسميات تمويهية لتسهيل الاتصالات بأحد قياداتها أو أعضائها أو الترويج لأفكارها أو تمويلها أو نشر كيفية تصنيع الأجهزة الحارقة أو المتفجرة أو أية أدوات تستخدم في الأعمال الإرهابية.

 

من جانبه أكد وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع أهمية القانون "النوعي" لاسيما مع وجود فراغ تشريعي جعل الكثير من مستخدمي الوسائل التكنولوجية خارج نطاق التجريم.

 

وقال الصانع: إن "قانون الجزاء لا يمكن أن يغطي جميع الجرائم المستحدثة التي باتت خطيرة وتتعلق بتنظيمات إرهابية واختلاسات وغسل أموال واتجار بالبشر والرقيق الأبيض وغيرها من الجرائم المتعلقة بسرقة معلومات الدول وإتلافها".

 

وأكد حاجة الكويت إلى القانون ليتسنى لها الانضمام إلى اتفاقية بودابست لتتمكن تاليا من كشف اسم أي نطاق "دومين" لأي شركة من الشركات, لافتا إلى أنه أشبع بحثا عبر مروره بمراحل كثيرة قبل وصوله إلى مجلس الأمة.

 

في الوقت ذاته أثارت مناقشة القانون جدلا واسعا بين النواب حول ضرورته لحفظ الأمن والاستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية وآثاره على حرية الرأي والتعبير, ورآها البعض فرصة لانتقاد الديمقراطية الكويتية. هذه الانتقادات دفعت رئيس المجلس مرزوق الغانم إلى الرد عليها بقوة; إذ أكد أن "الكويت دولة ديمقراطية بل هي اعرق ديمقراطية في المنطقة شاء من شاء و أبى من أبى.

 

وقال:"لن أسمح لأحد بأن ينكر على الكويت ديمقراطيتها". حديث الغانم جاء ذلك ردا على النائب صالح عاشور الذي قال: إن "الكويت بلد غير ديمقراطي فلا يعقل سجن شاب لعشر سنوات بسبب تغريدة أو سجن شخص أبدى رأيه في شخصية تاريخية توفيت منذ 1400سنة".

 

وأضاف:"الكويت بلد غير ديمقراطي بمفهوم الديمقراطية الحقيقية المطبقة في الدول الأوروبية حيث مبدأ تداول السلطة والأغلبية هي من تعين الحكومة".

 

لكن أغلبية النواب اعتبروا القانون ضرورة ملحة في هذا التوقيت.

 

واعتبره النائب يوسف الزلزلة مستحقا فهناك من يسيء إلى الكويت ويثير قضايا حساسة بلا رادع ولا جزاء, مشيرا إلى قيام مجموعات لا يعرف أصلها ببث شائعات كاذبة بوصفها " أخبار الديرة" ورغم ذلك لا يعاقب هؤلاء.

 

ورأى النائب عدنان عبد الصمد أن الجميع متفقون على أهمية القانون لكنه شدد على أهمية ألا تكون القوانين متطرفة ونتيجة ردود أفعال معينة.

 

وأكد النائب عبد الله المعيوف الحاجة إلى القانون لوقف الفوضى الحاصلة في وسائل التواصل, مشيرا إلى أن الحرية لا تعني الإساءة للذات الأميرية أو الطعن بالصحابة وزوجات النبي. في المقابل رأى النائب جمال العمر أن "القانون يتضمن أحكاما قاسية وإذا تم إقراره فإن ثلاثة أرباع أهل الكويت سيدخلون السجن ـ على حد قوله.

 

واتهم العمر الحكومة بأنها دست السم في العسل في بعض المواد, متحديا أن يكون هناك قانون مماثل له في أي دولة أوروبية إلى ذلك أعلن النائب راكان النصف عن تقدمه بتعديلات على القانون للنظر فيها قبل التصويت على المداولة الثانية.

 

وقال في تصريح صحافي: إن "القانون الذي صوت عليه المجلس في المداولة الأولى يحمي الدولة والمواطنين من الجرائم الالكترونية وهو أمر يجب علينا أن ننظر له من زاوية المصلحة الوطنية العليا, إلا أن ذلك لا يعني تجاوز أي مادة فيها اعتداء على الحريات المسؤولة".